التقى مدير وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية سي آي اي جورج تينيت، امس، مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في رام الله بعدما التقى في القدس رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون. ومنذ المقاربة الاولى طرحت اسرائيل شروطها، ومعظمها يطلب من السلطة الفلسطينية القيام باعتقالات لناشطين، فيما آثار الجانب الفلسطيني قائمة طويلة من الممارسات في اطار الحصار والاغلاق اللذين تفرضهما اسرائيل. وعلى رغم ان التحرك الاميركي الجديد في الشرق الاوسط اصطدم بأجندتين فلسطينية واسرائيلية متناقضتين كل التناقض بشأن سبل اعادة الهدوء الى الاراضي الفلسطينية، اعلن مصدر حكومي اسرائيلي امس ان اجتماعاً امنياً اسرائيلياً - فلسطينياً سيعقد اليوم الجمعة في رام الله في الضفة الغربية برعاية الولاياتالمتحدة. ويبدو تنظيم هذا اللقاء الثمرة الاولى للمهمة التي باشرها تينيت. كما اعلنت مصادر اوروبية واسرائيلية عن احتمال عقد لقاء بين وزير التخطيط والتعاون الدولي الفلسطيني نبيل شعث ووزير الخارجية الاسرائيلي شمعون بيريز على هامش اجتماعات وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي الاثنين المقبل في لوكسمبورغ. وتناقضت تصريحات كبار الوزراء الاسرائيليين امس بشأن السلطة الفلسطينية ورئيسها وبشأن اوضاع وقف النار واحتمالات استمراره. وبعدما شنّ وزير الدفاع بنيامين بن اليعيزر هجوماً على الرئيس عرفات وقال ان "دوره التاريخي كصانع سلام قد انتهى"، قال امس في اجتماع للجنة السياسية لحزب العمل انه لا يوجد وقف نار من جانب الفلسطينيين وان "ثمة انذارات باحتمال وقوع هجمات داخل اسرائيل لأن عرفات لا يعمل على احباطها ولو اراد احباطها لتوقفت فوراً". اما وزير الخارجية بيريز فقال في الاجتماع نفسه ان توصيات لجنة ميتشل "إما ان تؤخذ كاملة او نرفضها كاملة لأن القبول ببعضه اشبه بكعكة ننزع عنها الزبيبة، فتفقد الكعكة نكهتها ونمكن الطرف الآخر من عمل الشيء نفسه". وجاءت محادثات تينيت مع الاسرائيليين والفلسطينيين امس في وقت تشهد المناطق الفلسطينية توتراً شديداً بسبب اعتداءات المستوطنين على قريتين فلسطينيتين، وبعدما باتت القرى الفلسطينية المحاصرة بالمستوطنات اليهودية رهينة تحت نار المستوطنين والجيش الاسرائيليين وصار التنقل مستحيلاً بين التجمعات السكانية الفلسطينية بسبب الحصار المشدد بالحواجز العسكرية المنتشرة في كل بقعة في الضفة الغربية وقطاع غزة. واجتمع شارون، قبل لقائه مع تينيت، مع رئيس جهاز الامن الداخلي آفي ديختر وكبار ضباط الاجهزة الامنية الاسرائيلية المختلفة لاعداد قائمة الشروط الامنية التي تريد اسرائيل من المسؤول الاميركي الضغط على الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات لقبولها قبل مناقشة تنفيذ توصيات لجنة ميتشل الدولية. وقالت مصادر اسرائيلية نقلاً عن مكتب شارون ان رؤساء الاجهزة الامنية الاسرائيلية حضروا اجتماع شارون - تينيت، وان تل ابيب لن تقبل ببحث توصيات اللجنة قبل ان تعتقل السلطة الفلسطينية 43 ناشطاً فلسطينياً من حركتي "حماس" و"الجهاد الاسلامي" وفي مقدمهم محمود ابو هنّود ومحمد ضيف ضمن قائمة اسماء اوصلتها اسرائيل الى عرفات اخيراً. وقالت الاذاعة الاسرائيلية ان شارون اشترط ايضاً في لقائه مع تينيت "وقفاً تاماً للعنف والارهاب" . وطرح الفلسطينيون امس ما في جعبتهم من تسجيلات للانتهاكات الاسرائيلية لاعلان "وقف النار"، خصوصاً ما تعرض له بعض القرى الفلسطينية من "غزو" وحرق لبيوت ومدرسة واراض زراعية فلسطينية خلال الساعات الثماني والاربعين الاخيرة اضافة الى الحصار الخانق الذي يعيشه نحو اربعة ملايين انسان فلسطيني. وقال الدكتور نبيل شعث ان السلطة لن تعتقل افراداً من حركتي "الجهاد" و"حماس". واضاف: "لن نعمد الى اعتقال اشخاص إلا على اساس معلومات اكيدة، وكنا متأكدين من ان هؤلاء الاشخاص يعدون شيئاً ما، وبتعبير آخر، بصورة وقائية وليس لمعاقبة اشخاص مشاركين في عمليات قبل عشرة اعوام". وذكر شعث ان السلطة الفلسطينية اقدمت على توقيف اثنين من المشبتبه بهم في الضفة الغربية في اعقاب وقوع العملية الانتحارية في تل ابيب، ولفت الى ان الرئيس عرفات ابلغ اسرائيل السبت معلومات عن عمليتين انتحاريتين اخريين كان يتم الاعداد لهما. وطالب الفلسطينيون على لسان مستشار الرئيس الفلسطيني نبيل ابو ردينة مدير ال "سي آي. اي" ب"اتخاذ دور اكثر فاعلية لوقف العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني". "اتفاق" للتهدئة في 3 مناطق؟ وفي هذه الاثناء، اوردت الاذاعة الاسرائيلية نبأ لم يؤكده مصدر آخر مفاده ان عرفات وشارون توصلا الى اتفاق "لإعادة الهدوء الفوري في ثلاث مناطق هي بيت جالا ومستوطنة غيلو جنوبالقدس، ومنطقة الحدود الفلسطينية -المصرية جنوب رفح ومحيط مستوطنة نتساريم في غزة". وقالت الاذاعة التي لم تشر الى مصدر الخبر ان الممثل الاعلى لشؤون الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا بدأ مراقبة تنفيذ هذا الاتفاق على ارض الواقع. وسيزور رئيس وزراء السويد غوران بيرشون، الرئيس الحالي للمجلس الأوروبي، ومسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا المنطقة لدفع الجهود المبذولة منذ أيام لتثبيت وقف النار. ويعقد المسؤولان محادثات طوال الأحد مع الرئيس عرفات من جهة وشارون وبيريز من جهة أخرى ثم يواصلان المساعي الديبلوماسية مع الرئيس حسني مبارك في القاهرة. ميدانياً، توغلت قوة من الدبابات وجرافات الاحتلال امس داخل المناطق الفلسطينية في مدينة رفح حيث جرفت موقعاً للأمن الوطني في حي السلام شرق المدينة، قريباً من الشريط الحدودي". وأفادت المديرية العامة للأمن الفلسطيني الى أن الجرافات جرفت منزلين يقعان خلف الموقع المذكور، اضافة الى اطلاق النار في اتجاه منازل المواطنين. وقال شهود ل"الحياة" ان قوات الاحتلال قصفت فجر أمس عدداً من المنازل في منطقتين من المدينة، الأولى قرب محيط بوابة صلاح الدين، والثانية قرب حي السلام شرق المدينة. وفي الضفة الغربية، جرحت قوات الاحتلال ستة من طلاب جامعة بير زيت كانوا في تظاهرة احتجاج على الحصار الاسرائيلي عند حاجز للجيش على طريق رام الله - بير زيت عند قرية سردا.