} باشر مدير وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية سي. آي. اي جورج تينيت امس لقاء مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في رام الله في الضفة الغربية بعدما التقى في القدس رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون، حسب ما أفاد مصدر فلسطيني. واصطدم التحرك الاميركي الجديد في الشرق الاوسط بأجندتين فلسطينية واسرائيلية متناقضتين كل التناقض بشأن سبل اعادة الهدوء الى الاراضي الفلسطينية، التي شهدت توتراً شديداً في الساعات التي سبقت وصول مدير ال"سي. آي. اي" الى المنطقة بعدما باتت القرى الفلسطينية المحاصرة بالمستوطنات اليهودية رهينة تحت نار المستوطنين والجيش الاسرائيلي، واستحال التنقل والحركة بين التجمعات السكانية الفلسطينية بسبب الحواجز العسكرية المنتشرة في كل بقعة في الضفة الغربية وقطاع غزة الى حد منع سيدة فلسطينية من الوصول الى المستشفى لوضع مولودتها فولدت عند احد الحواجز العسكرية الاسرائيلية. قبل ساعات من لقاء تينيت مع رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون، التقى الاخير رئيس جهاز الامن الداخلي آفي ديختر ومجموعة من كبار ضباط الاجهزة الامنية الاسرائيلية المختلفة لإعداد قائمة الشروط الأمنية التي تريد اسرائيل من الزائر الاميركي الضغط على الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات لقبولها قبل مناقشة تنفيذ توصيات لجنة ميتشل الدولية. وقالت مصادر اسرائيلية نقلاً عن مكتب شارون ان رؤساء الاجهزة الامنية الاسرائيلية حضروا اجتماع شارون - تينيت وان تل ابيب لن تقبل ببحث توصيات اللجنة قبل ان تعتقل السلطة الفلسطينية 43 ناشطاً فلسطينياً من حركتي "حماس" و"الجهاد الاسلامي"، وفي مقدمهم محمود ابو هنّود ومحمد ضيف ضمن قائمة اسماء اوصلتها اسرائيل لعرفات اخيرا. وقالت الاذاعة الاسرائيلية ان شارون اشترط ايضاً في لقائه مع تينيت "وقفاً تاماً للعنف والارهاب" واحباط السلطة الفلسطينية عمليات هجومية قبل وقوعها على غرار ما كان يعمل به قبل انطلاق الانتفاضة الفلسطينية قبل تسعة شهور. وبدا التناقض جلياً في الموقف الاسرائيلي ازاء السلطة الفلسطينية وازاء المطالبة بشن حملة اعتقالات وفقاً للقائمة التي اعدتها اسرائيل. ففي الوقت الذي تنصب فيه الجهود الاسرائيلية من خلال الدور الاميركي على ممارسة الضغط على عرفات لوقف الانتفاضة وتأكيد اكثر من مسؤول عسكري اسرائيلي ان الاخير يمسك بزمام الامور ويستطيع وقف الانتفاضة، استأنف وزير الدفاع الاسرائيلي بنيامين بن اليعيزر الهجوم الاسرائيلي المركز على شخص الرئيس الفلسطيني وقال انه "يخطىء من يظن ان اعلان عرفات وقف اطلاق النار ينطوي على اي عنصر فعلي"، وقال بن اليعيزر للاذاعة الاسرائيلية ان "عرفات أنهى دوره التاريخي كشريك لعملية صنع السلام". من جهته، قال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية عاموس مالكا ان "وقف النار" الذي اعلنه عرفات "خطوة تكتيكية قد تدوم اياما او اشهر". واستبعد مالكا نشوب حرب اقليمية شاملة "لان التوازن الاستراتيجي يميل لصالح اسرائيل". ورفض الرئيس الفلسطيني الرد على التصريحات التي يطلقها ضده شارون وبن اليعيزر. وقالت مصادر اسرائيلية ان عرفات قال خلال لقائه مع احد قيادات حزب العمل عضو الكنيست يوسي بيلين في رام الله امس، انه يعتبر شارون وحكومته خيار الشعب الاسرائيلي ولن يرد على تصريحاتهما. وطرح الفلسطينيون امس ما في جعبتهم من تسجيلات للانتهاكات الاسرائيلية لاعلان "وقف النار"، خصوصاً ما تعرض له بعض القرى الفلسطينية من "غزو" وحرق لبيوت ومدرسة واراض زراعية فلسطينية خلال الساعات الثماني والاربعين الاخيرة اضافة الى الحصار الخانق الذي يعيشه نحو اربعة ملايين انسان فلسطيني والذي "حول حياتهم الى جحيم متواصل"، كما جاء على لسان وزير التخطيط والتعاون الدولي في السلطة الفلسطينية الدكتور نبيل شعث. وأكد المسؤول الفلسطيني ان السلطة لن تعتقل افراداً من حركتي "الجهاد" و"حماس" تحت اي ظرف من الظروف. واضاف شعث: "لن نعمد الى اعتقال اشخاص الا على اساس معلومات اكيدة، وكنا متأكدين من ان هؤلاء الاشخاص يعدون شيئاً ما، وبتعبير آخر، بصورة وقائية وليس لمعاقبة اشخاص مشاركين في عمليات قبل عشرة اعوام". وطالب الفلسطينيون كما جاء على لسان مستشار الرئيس الفلسطيني نبيل ابو ردينة مدير ال "سي. آي. ايه" ب"اتخاذ دور اكثر فاعلية لوقف العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني". وفي هذه الاثناء، أوردت الاذاعة الاسرائيلية نبأ لم يؤكد من اي مصدر آخر بشأن توصل كل من عرفات وشارون الى اتفاق "لإعادة الهدوء الفوري في ثلاث مناطق هي بيت جالا ومستوطنة غيلو جنوبالقدس، ومنطقة الحدود الفلسطينية-المصرية جنوب رفح ومحيط مستوطنة نتساريم في غزة". وقالت الاذاعة التي لم تشر الى مصدر الخبر ان الممثل الاعلى لشؤون الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا بدأ بمراقبة تنفيذ هذا الاتفاق على ارض الواقع.