نعمت مدينة برادفورد البريطانية امس، للمرة الاولى منذ خمسة ايام، بهدوء توقع كثيرون الا يدوم طويلاً، في ظل تقرير عن الكراهية العرقية فيها، اشار الى وقوعها في "قبضة الخوف"... من الآسيويين. واعلنت نتائج التقرير عن الوضع في برادفورد بعد طول انتظار امس، على رغم انه انجز قبل اشهر من اعمال الشغب التي شهدتها المدينة آخر الاسبوع الماضي وكانت الاسوأ في بريطانيا منذ عشرين عاماً. ولأن الاضطرابات في برادفورد اعتبرت امتداداً لأخرى شهدتها اربع بلدات انكليزية منذ أيار مايو الماضي، فان المراقبين لا يشكون في ان ما اكده التقرير عن تنامي الانقسام العرقي في برادفورد ينطبق بشكل او بآخر على الوضع السائد في شمال غربي انكلترا ككل. وأشرف على وضع التقرير وعنوانه: "كبرياء لا تحامل"، اللورد هيرمان اوسيلي الرئيس السابق ل"اللجنة من اجل المساواة العرقية" في بريطانيا بتكليف من السلطات المحلية وبعض المنظمات المعنية. واستطلع المشاركون فيه اراء الآلاف من سكان المدينة التي تضم حوالى نصف مليون نسمة. ولم يأت التقرير بجديد بالنسبة الى برادفورد حيث قدرت الخسائر المادية الناجمة عن المواجهات بين المتطرفين البيض والآسيويين بنحو 25 مليون جنيه استرليني، اضافة الى ما خلفته تلك الاحداث من ندوب معنوية قد لا تندمل بسهولة. ولم يكن سكان مناطق شمال غربي انكلترا في حاجة الى ذلك التقرير ليدركوا عمق الانقسامات السائدة في مجتمعاتهم حيث لا يشعر المواطن الباكستاني او البنغلاديشي الاصل، بقواسم مشتركة مع جيرانه البيض، وذلك نتيجة التمايز الاجتماعي بين الجانبين، على اسس عرقية وخصوصاً طائفية. ويكمن لبّ المشكلة بحسب تأكيد معدي التقرير، في انعدام الاختلاط بين المجموعتين العرقيتين، سواء في المدارس او على صعيد المؤسسات الرسمية التي تتولى الاشراف على النشاطات الاجتماعية، وهو امر واقع في معظم المدن المختلطة في انكلترا. واللافت ان اللجنة التي ترأسها اللورد اوسيلي اتجهت الى تحميل الآسيويين مسؤولية العنف اذ تحدثت عن "خوف الناس من انتقاد التصرفات الخاطئة حتى لا يتهموا بالعنصرية"، اضافة الى "الخوف من التصدي لثقافة العصابات والاتجار بالمخدرات...". وكأن التقرير جاء ليبرر تصدي بعض البيض للآسيويين في وسط برادفورد نهاية الاسبوع الماضي، وسط "تسريبات" سبقت صدوره عن تحول مناطق داخل المدينة الى محميات للآسيويين يتجنب البيض دخولها خصوصاً في الليل. وفي الوقت نفسه، يتوقع ان يحرج التقرير الحكومة على المستويات كافة، اذ اتهم الزعماء السياسيين والمسؤولين المحليين في برادفورد، باخفاء الحقائق عن المواطن العادي، اضافة الى تقصيرهم في ايجاد برامج تكفل التعايش بين سائر افراد المجتمع، على رغم اشادته ببعض المبادرات المحدودة. ورأى التقرير ان اياً من الجهات المسؤولة لا يرغب في اتخاذ مبادرات على هذا الصعيد لئلا يواجه انتقادات من الاعلام او الرأي العام... عملاً بمبدأ من لا يعمل لا يخطئ.