حذر الرئيس المصري حسني مبارك من تداعيات الوضع الحالي في الشرق الأوسط، منبهاً إلى خطورة استمرار سياسة الحكومة الإسرائيلية في قتل الناشطين من الجانب الفلسطيني والتهديد باغتيال الرئيس ياسر عرفات. وأكد في مؤتمر صحافي عقده في الاسكندرية أمس عقب تخريج الدفعة 29 من طلبة كلية الدفاع الجوي أن "القوات المسلحة المصرية كلها مدربة جيداً ليس لبدء أو لشن هجمات على أي دولة في العالم، ولكن لندافع عن بلادنا فقط". ورداً على سؤال عن الازمة في المنطقة، قال مبارك إن "المشكلة في الشرق الأوسط عملية معقدة للغاية، وإذا لم يكن هناك تقدير جيد ودراسة للموقف بأكمله فقد يؤدي ذلك إلى أزمة أو كارثة"، وأكد أن "ما يحدث الآن من تهديدات تصدر من هنا أو هناك لن يضع حداً للمشكلة". وقال: "إننا نخلق نوعاً من العنف والانتقام وسيكون ذلك أمرا لا نهاية له، ولن نصل إلى حل. وللوصول إلى حل يجب أن تكون هناك حسابات جيدة للرجوع إلى طاولة المفاوضات وتقييم المواقف". ورأى ان "العنف لن يتوقف إلا بعد أن يشعر الشعب بأنه يسير في الطريق ليعيش كإنسان وبشر". وحول تطابق تصريحات وزير الخارجية الأميركي كولن باول الأخيرة مع وجهة نظر رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون في ما يتعلق بوقف العنف تماماً قبل البدء في أي مفاوضات، وأنه باول جعل من شارون حكماً على تقرير ما إذا كان العنف قد توقف أم لا، قال مبارك إنه استمع إلى هذا الكلام من وكالات الأنباء ولكنه في الوقت نفسه استمع إلى وزير الخارجية الاميركي يحدد أنه منذ ثلاثة أيام يبدأ العد التنازلي لفترة التهدئة، وأكد مبارك أن التفكير أو الانتظار حتى وقف العنف كلياً "معناه أننا لن نصل إلى حل للقضية اطلاقاً وعدم الوصول إلى حل سيضر الاطراف ويضع المنطقة بكاملها على حافة الهاوية". وقال مبارك: "نحن نريد السلام والاستقرار وأن تعيش الشعوب في تعاون، وأن نعمل في التنمية لمصلحة المواطنين، أما هذه الحرب فهي ضد حياة المواطن وضد بقائه على الأرض"، داعياً القيادات في المنطقة إلى التفكير السليم في كيفية الخروج من هذا المأزق. وأضاف: "أنا لا أريد أن أتحدث عن شارون أو غيره لكنني أقول إن هذه المواضيع لاپبد أن تؤخذ بحكمة وبحزم ولا بد أن نبدأ التفاوض تحت أي ظرف من الظروف وهذا التفاوض هو الذي قد يؤدي إلى تهدئة العنف كلية طالما يشعر المواطن أن هناك أملاً، لكن استمرار تهديد أو قتل الناشطين كلام أنا لا استطيع أن اتصور كيف يخرج عنهم الحكومة الإسرائيلية وإذا كان هم فاهمين أن قتل 25 من الناشطين سينهي المشكلة فإن 150 من الناشطين الآخرين سيفعلون، والعملية لن تنتهي وسيكون هناك انتقام وعنف، وإذا كانوا فاهمين أن الناشطين هم ال 25 فهناك ناشطون يزيدون في كل مكان في العالم". وقال مبارك: "لاپبد أن نفكر تفكيراً منطقياً إذا كنا نريد أن تستقر المنطقة وتحيا الشعوب حياة كريمة"، وشدد على أن فرض الأمر الواقع لن ينفع في هذه المنطقة إطلاقاً، وقال: "نريد أن نكون واقعيين وأن نفكر بمنطق سليم وبهدوء، كيف نخرج من هذه الأزمة"، مشيراًَ إلى أنه "من جميع التجارب في العالم ليست هناك حرب أدت إلى حل أي قضية إطلاقاً ولا أذكر أي قضية في العالم أدى استخدام القوة العسكرية إلى حسمها، ولاپبد من تفاوض". وقال: "العنف مستمر الآن ولكن لو بدأنا نجلس للتفاوض أعتقد أن الحالة ستهدأ ويكون هناك مجال للأخذ والرد وتنازل من هنا وهناك وهذه عملية يمكن أن تسير، ولكن الاعتقاد بأن استخدام القوة وفرض الأمر الواقع قد يضع حداً لهذه القضية فإنني أقول مستحيل، لاپبد أن نفكر تفكيراً منطقياً سليماً يتفق مع العصر الذي نعيشه". واضاف ان "مهاجمة من يسمونهم بالناشطين تسبب بلبلة وتسبب رأيا عاما سيئا جداً لأنها عملية قتل علناً وغير معقولة إطلاقاً، لا الأوروبيين ولا العرب ولا أي مكان في العالم يوافق على موضوع قتل من يسمونهم بالناشطين". واعتبر مبارك الإدعاءات الإسرائيلية على عرفات وتشبيهه بأنه إرهابي قصر نظر، وقال: "يعني لو خلصنا من عرفات حيطلع لهم 30 أو 40 عرفات آخر و30 أو 40 منظمة، ستواجه إسرائيل مين ولا مين"، وأكد أن عرفات "لأنه زعيم من الستينات" فإن غالبية الفلسطينيين تستمتع إلى كلامه وقام بعمل أشياء كثيرة. وأضاف مبارك: "قد يقولون لا نثق في عرفات، ولكن ليس الاسلوب أن نتخلص من عرفات وهذا مبدأ خطير جداً ولو حدث له شيء فإن هذا سيؤدي إلى إثارة الرأي العام العالمي والعربي، إنهم هم الذين يرتكبون هذا الجرم وارتكاب هذا الجرم من أخطر ما يمكن، وتعني بادرة خطيرة ويجب أن يكفوا عن كلام من نوع حنقتل عرفات... نقتل فلان... الحكاية موش شغل بلطجة". وزاد مبارك: "أنا لا أفهم لماذا لا تريد إسرائيل قبول مراقبين دوليين، فالمراقبون لن يضروهم لأنه لاپبد أن يكون هناك من يقول للفلسطينيين قف أنتم تقومون بأعمال عنف وقتل ويا إسرائيليين قف انتم ترتكبون جرائم قتل، فكل طرف سيعمل حسابه كي تهدأ النفوس، والمنطقة الموجود فيها مراقبون عند الخليل لم يحدث فيها أي شيء فلا يجب أن يتخوفوا من وجود المراقبين أبداً، ولا يصح أن كل شيء تريده الحكومة الإسرائيلية هو الذي يتم تنفيذه، فإذا كان ما سيتم تنفيذه سيؤدي إلى حل أنا شخصياً سأؤيده، لكنني أرى أن هذا لن يؤدي إلى حل سلمي أو إلى حل على الإطلاق". ودعا مبارك إلى ضرورة استمرار الجهود الاميركية والأوروبية، وقال: "في النهاية إن لم تبذل الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي مجهوداً أكثر، فان الضرر سيلحق بمصالح هذه الدول في المنطقة، كما ستضرنا جميعاً، والدولة العظمى الولاياتالمتحدة بدأت تنشط ولكننا نريد نشاطاً أكثر".