صدر عن "مكتبة الملك فهد الوطنية" في الرياض كتاب بعنوان بيروت تحت الحكم الصليبي وعلاقتها بالمسلمين 504 - 690ه/ 1110 - 1291م للمحاضر في قسم التاريخ في جامعة الملك سعود موضي عبدالله السرحان. والكتاب في الأصل رسالة ماجستير أجيزت من قبل قسم التاريخ في جامعة الملك سعود بإشراف استاذ تاريخ العصر الوسيط احمد عدوان. يبدأ الكتاب من حين تعرض بلاد الشام في القرنين 5-6ه/ 11-12م الى الحروب التي عرفت في التاريخ بالحروب الصليبية ونالت خلالها سواحل البحر الابيض المتوسط نصيبها الوافر منها فتعرضت مدنه الى استيطان افرنجي. ومن بين تلك المدن بيروت، التي اصبحت في نهاية القرن 5ه/11م تمثل رأس رمح في سياسة الدولة الفاطمية الحربية للتصدي لتلك الهجمة وخصوصاً الغزوات البحرية، حتى سقطت في يد الصليبيين عام 504 - 691ه لتصبح اقطاعية تابعة لمملكة بيت المقدس. واستغل الفرنجة موقعها الاستراتيجي لحماية وجودهم في جنوبطرابلس وشمال بيت المقدس كما اصبحت من اهم المنافذ البحرية التي ربطت الصليبيين بمناطق امدادهم ومساعدتهم في اوروبا. وكان لمدينة بيروت نشاط عسكري جعلها محط انظار قادة حركة الجهاد الاسلامي فتعرضت لهجمات القائد المجاهد نورالدين محمود زنكي، ومن ثم تركزت جهود صلاح الدين الأيوبي على ضمها للجبهة الاسلامية حتى تحقق له ذلك بعد معركة حطين. ولإدراك صلاح الدين الأيوبي اهمية تلك المدينة عمد الى تحصينها وجعلها قاعدة لقواته التي تصدت للحملة الصليبية الثالثة وقام بتوكيل ابنه في مهمة الدفاع عنها حين خرج هو لاستعادة بعض المدن. كان لموقع بيروت الجغرافي اهمية خاصة ادركها الصليبيون حين اصبحت خطورة المدينة الاسلامية واضحة على الاتصال بين الامارات الافرنجية في الشمال ومملكة بيت المقدس الاسمية في الجنوب. كما كان لنشاطاتها البحرية لقطع الطريق على السفن الصليبية المبحرة سواء من قبرص او المدن التجارية الاوروبية دور في اصرار الصليبيين على الاستيلاء عليها مرة اخرى في عام 593ه/1197م على يد الحملة الالمانية. بعدها حكمت اسرة آل ابلين الصليبية مدينة بيروت خلال القرن 7ه/13م وخلال ذلك القرن حدث صراع بين الفرنجة على المدينة. ومن خلال دراسة ذلك الصراع تم وصف بيروت كموقع جغرافي وجزرها التي لم يعد لها وجود. وفي مدينة بيروت التقى الشرق بالغرب ولم تعد الأهمية السياسية او العسكرية هي السمة الوحيدة لتلك المدينة واتضح ذلك من خلال دراسة النشاطات الزراعية والتجارية لسكان المدينة فقامت فيها نهضة صناعية نظراً الى احتوائها على الكثير من المواد الخام. كانت بيروت في العصر الوسيط كالدرة على ساحل البحر الابيض المتوسط تزخر بالعمائر التي اتضح فيها تأثر الفرنجة بالعمارة الشرقية سواء في العمائر الدينية او المدنية. واحتفظت بيروت بأهميتها لدى الفرنجة حتى استطاعت الدولة المملوكية ان تنهي الوجود الصليبي فيها عام 690ه/1291م لتعود بيروت مدينة اسلامية عربية.