حرصت مصادر سياسية رفيعة قريبة من رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون تسريب أنباء الى وسائل الاعلام المحلية عن رضاه التام على نتائج زيارته الولاياتالمتحدة ولقائه الرئيس جورج بوش، مشيرة الى ان زيارة وزير الخارجية الأميركي كولن باول المنطقة أكدت تطابق المواقف الاسرائيلية والأميركية. ورأى المراسل السياسي للاذاعة العبرية يوني بن مناحيم المعروف بعلاقاته الوطيدة بشارون ان زيارة باول هدفت أساساً الى إرضاء "دول عربية معتدلة" طالبت بتدخل أميركي فاعل لوقف النار، وان باول قام بهذه المهمة ليقول في نهايتها ما معناه ان الكرة الآن في ملعب الرئيس ياسر عرفات. وزاد ان اسرائيل لا تعلق آمالاً كبيرة على تطبيق وقف النار ميدانياً لقناعتها أن عرفات لم يغير استراتيجيته مواصلة "الارهاب". ويتفق المعلقون السياسيون في كبرى الصحف الاسرائيلية على ان شارون نجح حقاً في اقناع الادارة الأميركية بقبول شروطه لتنفيذ توصيات لجنة "ميتشل" الدولية ،وان نقطة الخلاف الأساسية بين الطرفين هي على الموقف من الرئيس الفلسطيني اذ تصر الادارة الأميركية على اعتباره شريكاً في العملية السلمية بينما يسعى شارون الى التخلص منه بتوجيه ضربة عسكرية عنيفة لتقويض السلطة الفلسطينية. ولا يخفي معلقون رأيهم الواضح في أن شارون سعى خلال لقائه المسؤولين الأميركيين الى تلقي الضوء الأخضر لتوجيه مثل هذه الضربة، لكنهم لم يقدموا الجواب القاطع هل هذه المسألة قضية خلافية حقاً أم ان الخلاف على اختيار التوقيت. ويؤكد ألوف بن، المراسل السياسي لصحيفة "هآرتس" ان ثمة خطة جاهزة للقضاء على السلطة في درج شارون وأنه الى جانب تقديمه للرئيس الأميركي خطته لحل مرحلي طويل الأمد "لا يخلو من تنازلات مؤلمة" لوّح بعملية عسكرية واسعة ضد السلطة "لكنه فضل عدم تنفيذها الآن". ويضيف ان شارون أصدر تعليماته الى قادة الجيش بإعداد خطة لضربة عسكرية "على طول الجبهة، من رفح الى غزة و من الخليل حتى جنين لتفكيك السلطة الفلسطينية". وزاد بن ان شارون زار الولاياتالمتحدة لتوسيع "حيز النشاط العسكري ضد الفلسطينيين" وانه اطلع بوش على مخططاته كافة ، تحسباً لادعاء اميركي في المستقبل بأن شارون فاجأهم. ويتوقف أبرز المعلقين الاسرائيليين، ناحوم بريناع يديوعوت احرونوت مطولاً عند ما سماه "احتقار شارون لعرفات" منذ صيف 1982 والاجتياح الاسرائيلي للبنان .يقول ان شارون لن يهدأ له بال إلا اذا "صفّى حساباته" مع الرئيس عرفات، على خلفية خلعه من منصب وزيرا للدفاع في حكومة مناحيم بيغين بعد تحميله مسؤولية مجزرة صبرا وشاتيلا. ويقول بريناع ان نظرة شارون الى عرفات "كشخص يمكن استبداله" ليست فلسفية فحسب انما قد يسعى لتأكيدها من خلال عملية عسكرية "ولكن من دون أن يجر الشرق الأوسط الى حرب شاملة". ويضيف ان شارون يسعى لاقناع الرئيس بوش بأن عرفات "يعمل فقط بعد ممارسة ضغط شديد بل فظ" عليه، كما أشار الى ان الجدوى من زيارة باول للمنطقة تتمثل في ممارسة مثل هذا الضغط على الرئيس الفلسطيني لإرغامه على "وقف النار والارهاب والتحريض". ويرى بريناع انه باستثناء الخلاف على رؤية عرفات شريكاً، سجلت مواقف شارون وبوش تطابقاً في باقي المسائل . وزاد ان المواجهة المتلفزة بين الرجلين كانت مفتعلة بادر اليها الرئيس الأميركي "كلفتة كريمة منه الى اصدقائه العرب ولبث الروح في جولة باول الى المنطقة "ولم تعبّر عن حقيقة" ما دار في الاجتماع . لكن المعلق السياسي في صحيفة "معاريف" حيمي شليف لا يتفق مع زميله بريناع ويصر على رؤية المواجهة المتلفزة بداية التصدع في العلاقات بين الرئيس الأميركي ورئيس الحكومة الاسرائيلية ،وانها قد تشكل علامة سلبية لشارون وتضع حداً لشعبيته الواسعة في أوساط الاسرائيليين والادارة الأميركية على حد سواء. ويتابع شليف انه خلف شخصية "شارون المعتدل" التي يتسم بها منذ توليه رئاسة الحكومة اطل "شارون القديم المتصلب والمتطرف" الذي تحظى مواقفه المتشددة بتأييد اسرائيلي شعبي واسع، لكن العالم يرى فيها ذريعة منه للحيلولة دون احراز أي تقدم. وينهي شليف: "ان نيات شارون وأهدافه لا تزال غامضة. هل نتحدث عن انسان ذكي يتأنى في خطواته لتحقيق الهدوء من موقف القوة؟ أم عن ساذج يتخذ خطوات تكتيكية مدروسة من دون ان تكون لديه استرايتجية شاملة؟ ام عن شخص لا يعرف كيف يسأل لكنه يملك كل الأجوبة؟ أم عن شرير يضلل العالم وشرائح واسعة في المجتمع الاسرائيلي توطئة لعملية عسكرية طنّانة ستجلب الهلاك للمنطقة كلها؟".