جاء اعلان مضمون رسالة وجهها الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة إلى الامين العام للامم المتحدة كوفي أنان في 22 ايار مايو الماضي بعد استقباله الموفد الدولي الى الصحراء جيمس بيكر، الذي زار الجزائر ومخيمات اللاجئين سراً، ليؤكد المخاوف التي ترددت منذ توليه الحكم في شأن وجود رغبة "غير معلنة" في وضع حد للخلاف الجزائري - المغربي على أساس تسوية تفاوضية بين البلدين لقضية الصحراء. ويعتقد محلل مطلع على القضية، أن أنان ما كان ليضع كامل جهده لدعم اقتراح "الخطة الإطار" لتسوية قضية الصحراء، لو لم يتلق موفده إلى الجزائر بيكر إشارات قوية من الرئيس الجزائري في هذا الاتجاه خلال لقاء جرى الشهر الماضي ونفت المصادر الرسمية حصوله. إذ للمرة الاولى منذ سنوات تمتنع كل المصادر الرسمية عن تقديم تفاصيل الموضوع الذي أحيط بسرية كاملة. واعتبر مسؤول في وزارة الخارجية الجزائرية أن ردة الفعل الحادة التي وردت في رسالة سفير الجزائر في نيويورك إلى أعضاء مجلس الأمن، الاثنين الماضي، "مجرد مناورة، وان الرفض موجه للاستهلاك الداخلي وجاء كرد فعل على نشر المضمون الكامل لرسالة الرئيس بوتفليقة ولإرضاء قيادة الجيش". وتفيد مصادر من الرئاسة أن ملف الصحراء الغربية أصبح فعلاً في يد الرئيس الذي فضل إسناده إلى ديبلوماسيين محنكين هما السيد محمد بجاوي الرئيس السابق لمحكمة العدل الدولية وتولى متابعة قضية الصحراء في نيويورك منتصف السبعينات، والديبلوماسي رمضان لعمامرة السفير السابق في واشنطن. وتتفق مصادر عدة معنية بمشكلة الصحراء، على ان تحفظ رئيس الديبلوماسية السيد عبد العزيز بلخادم، قبل شهر، عن إبداء أي موقف في شأن الحل الثالث "حتى نطلع على مضمونه"، كان إشارة كافية لتأكيد رفض الوزير "التشويش" على مواقف الجزائر في هذه القضية التي أصبحت بين يدي الرئيس من دون سواه من صناع القرار في الحكم. وخلافاً لما جرت عليه العادة وجه الرئيس بوتفليقة وكان يفترض أن يقوم بذلك وزير الخارجية رسالة إلى انان لم ترد فيها عبارات رفض الاقتراحات المغربية التي كان اطلع عليها ولا حتى لأفكار الديبلوماسي الأميركي بيكر، واكتفى بإبداء تحفظات تقنية "نحن نعتقد أنه قد يتسنى انطلاقاً من هذه العناصر الإيجابية، تمهيد الطريق للخروج من الأزمة، والجزائر مستعدة للمساهمة" في هذا الشأن. لكن ثمة من يثير تساؤلات جدية في شأن حقيقة موقف الجيش. اذ تنقسم مواقف المتابعين للملف إلى مجموعتين تعتقد الأولى بوجود خلافات بين الرئيس وضباط المؤسسة العسكرية إزاء إدارة هذا الملف "الأمني" على أساس أن الرئيس "يحاول استعمال صلاحياته لفرض سلطته على الجيش في كل القضايا التي يعتبرها تحت سلطته". وتذهب هذه الأوساط إلى حد التأكيد على أن المواقف الرافضة للخطة الدولية والتي أعلنها السفير الجزائري في نيويورك السيد عبدالله باعلي عُين من قبل العسكريين في العام 1993 دليل واضح على صحة المزاعم بوجود خلافات. لكن مسؤولاً سابقاً في الحكم اكد ل"الحياة" أن الرئيس بوتفليقة على وفاق تام مع الجيش في شأن قضية الصحراء. واعتبر أن تناقض المواقف الرسمية إزاء قضية الصحراء هو "تبادل أدوار لجس نبض الأطراف بما في ذلك بوليساريو".