اذا كانت كرة القدم هي اللعبة الشعبية الاولى عالمياً وعربياً، فان رياضة السيارات باشكالها المختلفة بدءاً بالكارتينغ والاندي كار ومروراً بالراليات وسباقات الفورمولا بكل درجاتها وصولاً الى الفئة الاولى التي تحظى بمتابعة البلايين من البشر سنوياً من خلال جولاتها ال17 التي تقام في مناطق مختلفة من الكرة الارضية. عربياً وشرق اوسطياً، ازدهرت الراليات عن غيرها لاعتبارات عدة يأتي في مقدمها طبيعة الاراضي الصحراوية التي تتميز بها المنطقة وبما يتناسب مع هذه السباقات تحديداً، وايضاً لأن تكلفة ممارستها مقبولة قياساً على غيرها من الانواع. واليوم، يعطي اللواء الركن سهيل خوري رئيس اللجنة الاولمبية اللبنانية نيابة عن الرئيس اميل لحود اشارة بدء مارلبورو رالي لبنان الدولي في نسخته الخامسة والعشرين، التي تنطلق في الثامنة والنصف مساء من قلب بيروت وتحديداً من الوسط التجاري. وسيستعرض 36 طاقماً من 11 دولة موهبتهم وبراعتهم وقوة سياراتهم من خلال المرحلة الخاصة الاستعراضية الاولى التي من المتوقع ان تحظى باقبال جماهيري كبير. ويتوقع ان تتعالى الصيحات والآهات على طريقة ملاعب كرة القدم مع كل حركة "رالية" حلوة، لكن الامل الا تكون على فوضويتها. المشاهير المشاركين كُثر، وقد بدأوا لقاءاتهم مع رجال الاعلام بطريقة ولا احلى. واقام سائق مارلبورو السعودي عبدالله باخشب حفلة عشاء اول من امس اكد خلاها سعادته بعودته الى هذا الرالي العريق. واشار الى المنافسة الحامية التي سيشهدها السباق خصوصاً من جانب كباره امثال الاماراتي الطائر محمد بن سليم، بطل الشرق الاوسط 12 مرة، والايطالي بييرو لياتي، ونجما لبنان روجيه فغالي وجان بيار نصر الله... واشاد بجهود بن سليم في دعمه المتواصل لبطولة الشرق الاوسط من خلال المشاركة في كل جولاتها. ومسيرة باخشب مع الراليات فيها الحلو وفيها المر، وغلب على بعض فواصلها الابداع وسيطر على البعض الآخر الروتين وعدم التوفيق "مسيرتي بدأت تحديداً عام 1991، وشهدت فواصل كثيرة ومتنوعة. حققت انجازات كبيرة في اوقات كثيرة، واصبت بخيبة الأمل في اوقات اخرى. الجيد ان الانجازات تظل محفورة في سجلات التاريخ والذاكرة، والخيبات سرعان ما يمحوها الزمن... والذكريات الجيدة يحلو للمرء تجسيدها من جديد الى ان تأتي ذكريات احلى لتحل محلها". وعشق باخشب رياضة السيارات واقتنص فرصته من بين مجموعة من الشباب السعودي شاركوا في مدرسة "مارلبورو للهواة" في جدة عام 1990، فلفت الانظار وبهر المشرفين على هذه المدرسة، فتوقعوا له مستقبلاً لامعاً "استفدت كثيراً من انضمامي الى هذه المدرسة فهي كانت المنبر الذي انطلقت منه، وهي لا تزال تنظم دورات سنوية وينطلق منها ابطال جدد نحو مشاركات شرق اوسطية وعالمية". اما بداية انطلاقته مع الشهرة والمنافسات الحقيقية، فكانت في عام 1992 بعدما انضم اليه الملاح الايرلندي بوبي ويليس وتحديداً في رالي قطر الدولي، بيد ان اول فوز له تحقق في رالي دبي من العام ذاته ضمن الفئة "ن". وكان باخشب على موعد مع الألقاب الكبرى في عام 1993 حيث حصد باكورة ألقابه من هذا النوع عندما فاز ببطولة الشرق الاوسط ضمن الفئة "ن"، مؤكداً جدارته، ثم دافع سائق مارلبورو عن لقبه في عام 1994 بعد ان فاز في قطر والاردن وعمان ودبي. وفي عام 1995، ارتقى باخشب الى الفئة "أ" وتأقلم سريعاً مع سيارته الجديدة وأحرز لقب الشرق الاوسط في اول مشاركة له ضمن هذه الفئة، مؤكداً انه من طينة الابطال النادرين. ومع انجازاته المستمرة، قدمت مجموعة عبداللطيف جميل الوكيل الحصري لسيارات تويوتا في السعودية دعمها لباخشب، فكان الأمر بمثابة نقطة تحول بارزة في مسيرته. ولم تقف طموحات باخشب عند حدود بطولة الشرق الاوسط، بل تخطتها الى المشاركة في بطولة العالم. وخاض مسابقة كأس الاتحاد الدولي للفرق التي نظمت للمرة الاولى عام 1998 ضمن فريق تويوتا السعودي على متن سيارة من طراز "تويوتا سيليكا جي تي 4"، وكان عند حسن ظن الجميع حيث حقق فوزه العالمي الاول في رالي كورسيكا، ثم حل ثانياً في فنلندا قبل ان يفوز مجدداً في استرالياوبريطانيا منهياً تجربته الاولى عالمياً في المركز الثاني. وواصل باخشب تألقه في بطولة العالم 99 على متن سيارة من طراز "تويوتا كورولا WRC"، فحل ثانياً في اليونان وسان ريمو وثالثاً في اسبانيا وأنهى البطولة في المركز الخامس. وهو يحتل حالياً المركز الثاني في المسابقة ذاتها، وأمامه فرصة كبيرة للمنافسة على لقبها. ومن اهم صفات باخشب الصراحة والصدق مع النفس "الفارق كبير في كل شيء بيني وبين السائقين البارزين عالمياً امثال ماكينن وكانكونن فنلندا، واوريول فرنسا وبارنز وماكري بريطانيا، وساينز اسبانيا، لكن يبقى الامل قائماً دائماً في الاقتراب من مستوياتهم اكثر واكثر من خلال المشاركة المستمرة واكتساب المزيد من الخبرات". وتمنى ان يتحول ابطال الشرق الاوسط الى المشاركة في بطولة العالم لتوسيع القاعدة العربية والشرق الأوسطية في السباقات العالمية، وترك الفرصة امام جيل الشباب لتحقيق انتصارات تدفع بهم الى عالم الشهرة والاضواء فيجدوا الدعم اللازم لمواصلة مسيرتهم، مؤكداً انه من دون دعم الشركات والمؤسسات المهمة للسائقين تصبح المشاركة مستحيلة نظراً للتكاليف العالية التي تتطلبها المشاركة في بطولات العالم. ويعتبر باخشب ان افضل السائقين الذين عرفهم في العالم كان البرازيلي ايرتون سينا سائق سيارات فورمولا واحد السابق، وان من الصعب ان يصل سائق آخر الى مستواه. وابدى اعجابه بسائق فيراري الحالي البرازيلي روبنز باريكيللو، وتوقع ان يتوج بطلاً للعالم قريباً. اما محمد بن سليم فقد دعى الاعلاميين الى افطار عمل صباح امس اذ تخلله مؤتمر صحافي اكد خلاله اعتزازه بالعودة الى منافسات هذا الرالي العزيز على قلبه، مؤكداً انه سيشهد "معركة" مستعرة لم تشهد ساحة راليات الشرق الاوسط مثلها من قبل. ونبه بن سليم الى خطورة المتسابق الايطالي بييرو لياتي "يعد من ابرع السائقين على الطرق الاسفلتية التي اعتاد عليها منذ زمن بعيد وانا شخصياً اعتبره من عجينة ابطال العالم". وشدد على ان باخشب عاد بعدما اكتسب خبرة واسعة من خلال مشاركاته في بطولات العالم و"سيكون سريعاً جداً، كما ان هناك الفرنسي ايف لوبيه الذي لا يستهان به... ناهيك عن بطلي لبنان روجيه فغالي وجان بيار نصر الله وهما يعرفان مسارات الرالي جيداً وتدربوا عليها طويلاً ما يمنحهم فرصة هائلة للتنافس على اللقب". ويعود الى هذا السباق الملاح الايرلندي رونان مورغان الذي غاب عن المنافسات في العالم الحالي بعد شراكة استمرت 14 عاماً مع بن سليم، بيد ان هذه المشاركة ستكون الاخيرة له لأنه "قررت الاعتزال، بعد 27 سنة في هذا المجال من بينها 14 سنة عشتها مع محمد. محمد كان اخاً لي واتمنى ان ننهي شراكتنا بفوز جديد، خصوصاً اننا لم نحضر الى لبنان هذه المرة للحصول على المركز الثاني". واكدت سوسن نيغوصيان، مديرة العلاقات العامة لدى فورد الشرق الاوسط وشمال افريقيا ما قاله مورغان "يطمح محمد ورونان لاسدال الستار على شراكتهما بفوز كبير وهما قادران على تحقيقه، خصوصاً انهما مصممان على دفع فورد خطوة اخرى نحو الفوز بلقبي السائقين والصانعين للمرة الخامسة. اتمني ان يحدث ذلك لأنه سيكون مناسبة رائعة للاحتفال بأسلوب مميز بمرور 100 عام على دخول فورد عالم رياضة السيارات.