عكست مضاعفات الازمة التي نشأت عن نشر صحيفة "النبأ" تحقيقا مصورا فاضحا عن قس قبطي سابق الصراعات بين أقطاب مهنة الصحافة وحدود القدرة على اتخاذ موقف موحد في مواجهة "الصحافة الصفراء". ويعتقد بان تلك الصراعات كانت وراء اتهامات وجهها اخيرا كتاب وصحافيون كبار، على صلة بدوائر القرار، الى نقابتهم باعتبارها المسؤولة عن تصاعد أزمة "الصحافة الصفراء" وانتقاد "التراخي" في أداء النقابة وعدم قيامها بدورها في "ردع المخطئين ومعاقبة المنفلتين". ورد نقيب الصحافيين ابراهيم نافع رئيس تحرير "الاهرام" في مقال امس على هذه الانتقادات، متسائلاً "هل النقابة هي التي منحت تراخيص إصدار صحف الاثارة. وهل سمحت بدخول الصحف الوافدة من الخارج والمعتمدة على أسلوب الابتزاز، وهل منحت بطاقات بعض العاملين في الصحف غير المصرية باعتبارهم صحافيين؟". ودعا الى "ضرورة تكاتف كل الاطراف وتعاون الدولة مع النقابة لإصلاح الأوضاع بصورة جذرية". واللافت أن حملات الهجوم على "الصحافة الصفراء" تثور في لحظات الأزمات، غير أنها سرعان ما تهدأ بعد استقرار الأوضاع وكأنها لم تكن. حتى إنه بات من المعتقد بان ثمة رغبة لدى بعض الاطراف في الابقاء عليها كامنة تحت السطح لاستخدامها مبرراً في اتهام هذا أو اطاحة آخر. الامين العام لنقابة الصحافيين يحيى قلاش نفى مسؤولية النقابة عن هذه الظاهرة. وقال ل"الحياة" ان "مسؤوليتنا القانونية تقف عند حدود علاقات العمل وتأديب الصحافيين المخالفين، ولا يجوز لنا التدخل في شؤون تراخيص إصدار الصحف أو الغائها". واضاف ان "النقابة حققت في شكاوى عدة تلقتها عن خرق ميثاق الشرف الصحافي وأصدرنا قرارات حاسمة. ونحن غير معنيين طبقاً للقانون بمشكلة الصحف الصفراء". لكن عضو المجلس الاعلى للصحافة الدكتور رفعت السعيد يؤكد أنه "لو قامت النقابة بدورها في تأديب الصحافيين المخالفين لما وصلت الأمور الى هذا الحد". وقال ل"الحياة" "ان شكاوى عدة أرسلها المجلس الاعلى للنقابة ولم يتلق رداً عليها. ويبدو أن بعضهم يقصر دوره على حماية الصحافي بالحق والباطل، ولا يلتفت الى أسلوب الردع الذي منحه القانون للنقابة لتأديب المخالفين". ويلجأ صحافيون مصريون الى دول أجنبية لاصدار صحف، تلافياً للقيود الواردة في القانون والاجراءات الإدارية المعقدة في بلدهم، وهو ما أطلق عليه "ظاهرة" الصحف القبرصية التي تدخل الى مصر بعد موافقة السلطات المعنية على كل عدد منها، طبقاً لقانون المطبوعات الاجنبية. وكان اشترط قبل عام أن يرأس تحريرها صحافي مقيد بالنقابة. وعمدت صحف الى اسلوب الضغط والتهديد للحصول على إعلانات من الشركات الحكومية أو الخاصة بعدما تحولت من ظاهرة تعكس الهروب من قيود على حق إصدار الصحف وسيلة للكسب، ولو من خلال خرق النظام العام وانتهاك مبادئ الاخلاق والآداب وممارسة الابتزاز. وتكمن المشكلة الحقيقية في ممارسة مئات من الشباب لمهنة الصحافة في هذه الصحف من دون الحصول على ترخيص مزاولة المهنة من النقابة، علما ان القانون يحظر ذلك ويعاقب عليه بالسجن ستة أشهر بتهمة "انتحال صفة" إلا أن أيا من اعضاء المثلث الصحافي، النقابة والمجلس الاعلى ووزارة الاعلام، لم يحرك ساكناً في هذا الشأن.