تسببت مشاركة صحافية اسرائيلية في اجتماع دولي عُقد في القاهرة، في تجديد الخلاف بين الصحافيين المصريين في شأن الاتصال مع الدولة العبرية او التطبيع معها. وفيما أصدرت نقابة الصحافيين بياناً دعت فيه الى مقاطعة الاجتماع الذي استضافه المجلس الأعلى للصحافة، وشاركت فيه وفود من 13 دولة بينها اسرائيل، وشارك عدد من كبار الصحافيين في فعاليات الاجتماع، فيما قاطعه آخرون. وكان المجلس الاعلى في مصر وجه الدعوة لاستضافة الدورة السابعة للمكتب التنفيذي لمؤتمر الاتحاد العالمي للمجالس الصحافية، وافتتح الاجتماع مساء أول من أمس بكلمة للرئيس حسني مبارك، القاها الدكتور مصطفى كمال حلمي رئيس المجلس أكد فيها حرص بلاده على الديموقراطية والتعددية الحزبية وحرية الصحافة وسيادة القانون، كما تحدث نقيب الصحافيين السيد ابراهيم نافع، مؤكداً أن "الصحافة المصرية شهدت في العقدين الاخيرين حرية غير مسبوقة". وجاءت مشاركة الصحافيين المصريين مخالفة لبيان النقابة الذي اصدرته قبل افتتاح المؤتمر بساعتين ولفتت فيه الى أن "المسؤولية القومية والنقابية تتطلب مقاطعة المؤتمر التزاماً بقرارات الجمعيات العمومية المتعاقبة التي حظرت على اعضاء النقابة كل أشكال التطبيع المهني والنقابي مع الاشخاص والمؤسسات والجهات الاسرائيلية الى أن يتم تحرير جميع الاراضي العربية المحتلة، وكذلك التزماً بقرارات اتحاد الصحافيين العرب". وقال سكرتير عام نقابة الصحافيين السيد يحيى قلاش إن "المشاركة في هذا المؤتمر بمثابة تطبيع واضح مع العدو الاسرائيلي، لأنه اجتماع لمنظمات غير حكومية، والمشاركة في أعمالها تتم بالارادة الذاتية، ونحن الجهة الداعية والمستضيفة للمؤتمر، وكان يجب الوضع في الاعتبار قرارات النقابة الوطنية، وتوصيات اتحاد الصحافيين العرب". لكن عضو المجلس الأعلى للصحافة الدكتور رفعت السعيد رئيس مجلس إدارة صحيفة "الاهالي" المعارضة انتقد موقف النقابة، وقال ل"الحياة" إن "التطبيع علاقة ثنائية، ونحن لا نقاطع الاجتماعات العامة، وفي هذه الحالة علينا الانسحاب من الأممالمتحدة، أو حتى من منظمة اليونسكو". ولفت السعيد الى ان هذه المسألة محسومة منذ زمن الاحتلال الاسرائيلي لسيناء، وفي ظل الدولة الناصرية كان هناك قرار واضح بالمشاركة في الفعاليات الدولية، التي تشارك فيها اسرائيل، وعدم الانعزال عنها، وفي هذا السياق كنا نشارك في المجلس العالمي للسلام الذي حضرته قيادات بارزة من الاتحاد الاشتراكي العربي للتنظيم الحاكم في عهد الرئيس جمال عبدالناصر، وكان الافضل لنقابة الصحافيين المشاركة في هذا الاجتماع الدولي، لحشد وتعبئة رأي عام لمصلحة قضاياهم المحورية، بدلاً من المقاطعة". ومن جهته استغرب الكاتب الصحافي كامل زهيري عضو المجلس الاعلى للصحافة المشاركة في الاجتماع، وقال ل"الحياة" "لم أشارك فوجود وفد اسرائيلي يعني التطبيع مع الصحافيين المصريين"، ولفت الى ان "الأممالمتحدة او غيرها من المنظمات الدولية، تضم ممثلي دول وفقاً لقواعد قانونية ومعاهدات وتمثيل ديبلوماسي، واستخدام هذه المعاني سيتسبب في خلط الأوراق، وخرق جدار الرفض الاعلامي للتطبيع مع اسرائيل". المفارقة أن المشاركة الاسرائيلية اقتصرت على صحافية واحدة، حضرت باعتبارها عضواً في المكتب التنفيذي للاتحاد العالمي، والقت كلمة افتتاحية غلب عليها الطابع الفني عن مهمة الصحافة ودورها المستقبلي وهو ما اعتبره السعيد "مفارقة مثيرة للاستغراب عن دعاوى التطبيع". غير أن قلاش شدد على أن "مشاركة فرد لا يختلف عن الدولة، فقرار المقاطعة ينسحب على الاتصال بالاسرائيليين". واستبعد تفجر نزاع داخل النقابة او الاتجاه الى توقيع عقوبات على المشاركين، وقال إن "أهدافنا ليست في الادانة أو توقيع العقاب، وانما الاعلان عن المقاطعة رادع أدبي وزاجر معنوي، وليس لشطب المخالفين".