تمسك الصحافيون المصريون بإقالة وزير الداخلية مجدي عبدالغفار رداً على اقتحام قوات الأمن مقر النقابة لتوقيف الصحافيين عمرو بدر ومحمود السقا بتهمة «التحريض على التظاهر»، تنفيذاً لقرار ضبط وإحضار من النيابة العامة، التي أظهرت تأييداً لتصرف وزارة الداخلية. وقرروا اتخاذ إجراءات تصعيدية متدرجة، وصولاً إلى درس إعلان إضراب عام. وطلب الصحافيون في جمعية عمومية شهدت حضوراً كثيفاً أمس تقديم رئاسة الجمهورية «اعتذاراً واضحاً لجموع الصحافيين عن جريمة اقتحام بيتهم وما أعقبها من ملاحقة وحصار لمقر النقابة، والإفراج عن جميع الصحافيين المحبوسين في قضايا النشر، والعمل على إصدار قوانين تُجرم الاعتداء على النقابة أو اقتحامها». كما طلبوا إصدار قانون يمنع الحبس في قضايا النشر. ودعت الجمعية العمومية جميع الصحف والمواقع الإلكترونية إلى تثبيت شعار «لا لحظر النشر... لا لتقييد الصحافة»، والطعن رسمياً على قرار النائب العام بحظر النشر في قضية الصحافيين بدر والسقا، وطلب وضع ضوابط لإصدار قرارات حظر النشر. ودعا الصحافيون القنوات الفضائية إلى «درء الهجوم الضاري» الذي يُشن ضد الصحافيين «بتوجيهات أمنية». ورفض الصحافيون تلويح بيان للنيابة العامة بتوجيه اتهامات قانونية ب «التستر على مطلوبين» إلى نقيب الصحافيين يحيى قلاش باعتباره ممثلاً منتخباً للجمعية العمومية. وأوصت الجمعية العمومية بمنع نشر اسم وزير الداخلية والاكتفاء بنشر صورته «مُظللة» فقط وصولاً إلى منع نشر أخبار وزارة الداخلية كافة «حتى إقالة الوزير»، ورفضوا تصريح وزارة الخارجية الأميركية التي أظهرت تضامناً مع الصحافيين، «وأي تدخل أجنبي رسمي في شأن الصحافة المصرية، مع الترحيب بتضامن مؤسسات الصحافة». وقررت النقابة رفع دعوى قضائية ضد وزارة الداخلية لمحاسبة المسؤولين عن حصار النقابة، ودعت إلى «تسويد الصفحات الأولى» للصحف المصرية في عدد الأحد المقبل وتثبيت «شارات سوداء». وجددت الثقة في مجلس النقابة، وقررت عقد مؤتمر عام في مقر النقابة الثلثاء المقبل مع البحث في «إضراب عام» لجميع الصحافيين. ودعت النواب إلى تقديم طلبات إحاطة واستجوابات حول الأزمة في البرلمان، وقررت استمرار الاعتصام في مقر النقابة حتى الثلثاء المقبل، وتشكيل «لجنة من مجلس النقابة وشيوخ المهنة لإدارة الأزمة». وبدأ اجتماع الجمعية العمومية لنقابة الصحافيين بهتافات «عاش نضال الصحافيين» و «صحافة حرة في وطن حر» و «عاشت حرية الصحافة»، و «اكسر قلم يبقوا اتنين... اكسر 100 يبقوا 200» و «عاش نقيب الصحافيين». وردد الصحافيون النشيد الوطني قبل أن يتلو الأمين العام للنقابة كارم محمود القرارات على الجمعية العمومية. وقال نقيب الصحافيين يحيى قلاش في كلمته أمام الجمعية العمومية إن «هذا الاجتماع أشرف جمعية عمومية شهدتها النقابة، فالمشهد غير مسبوق في تاريخ النقابة». وأضاف: «خاب ظنهم، فقد حوصروا من حيث أرادوا أن يحاصروننا، لا يمكن لسلطة أن تُحاصر حرية الصحافة التي هي حرية الشعب... رسالة اليوم إن لم تصل فعلى البلد السلامة. نحن أصحاب حق وطلاب حرية ولا نتسول حقوقاً، وسيُلقن من سمح بهذه المهزلة درساً لن ينساه»، معتبراً أن الهدف من اقتحام النقابة كان «إهانة كرامة الصحافيين وكسر شوكتهم». واعتبر وكيل النقابة جمال عبدالرحيم أن «السلطة ترصدت بنقابة الصحافيين بسبب التظاهرات أمامها» يومي 15 و25 نيسان (أبريل) الماضي احتجاجاً على اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية. وقال: «كانت هناك صدمة شديدة من نقباء الصحافيين العرب والعالم من اقتحام النقابة. شوكتنا التي لم يكسرها أي نظام سابق لن يستطيع أي نظام أن يكسرها». وشهد اجتماع الجمعية العمومية لنقابة الصحافيين أمس حضوراً كثيفاً قُدر بالآلاف، إذ احتشدت جموع الصحافيين داخل مقر النقابة وبقي آخرون في الخارج بانتظار انتهاء اجتماع ضم أعضاء مجلس النقابة ورؤساء تحرير الصحف وشيوخ المهنة وأعضاء البرلمان وشخصيات عامة من الصحافيين. وناقش الاجتماع اقتراحات الخروج من الأزمة، وشهد بحسب أعضاء في مجلس النقابة نقاشاً حول حجب الصحف المصرية إلى حين إقالة وزير الداخلية، وهو اقتراح رفضه رؤساء تحرير صحف حكومية، وطلب نقيب الصحافيين يحيى قلاش في هذا الاجتماع الوحدة خلف قرار الجمعية العمومية. وعُقدت الجمعية العمومية وسط أجواء متوترة في محيط النقابة، إذ واصلت قوات الأمن حصارها مقر النقابة، وتراصت حاملات نقل الجنود عند كل الشوارع المؤدية إلى النقابة التي أغلقت بالحواجز الحديد، ومنعت قوات الشرطة المرور عبرها إلا لأعضاء النقابة، ولم تسمح بمرور أطقم إعلامية للوصول إلى النقابة لتغطية فعاليات الاجتماع لعدم حمل أفرادها بطاقات عضوية نقابة الصحافيين. وحدث توتر عند تلك الحواجز بين الصحافيين وأفراد الشرطة، فيما تجمع عند أطراف النقابة متظاهرون مؤيدون للحكم يرفعون صور الرئيس عبدالفتاح السيسي وإعلام كُتب عليها «تحيا مصر»، كالوا السباب للصحافيين ورفع بعضهم الأحذية في وجوههم. وشوهدت حافلات تُقل هؤلاء المتظاهرين عُلقت عليها شعارات «تحيا مصر»، حظيت بتسهيلات أمنية للوصول إلى مقر النقابة. واتهم المتظاهرون المؤيدون للحكم الصحافيين بالعمالة والخيانة، وتعرض صحافيون للسب من هؤلاء المتظاهرين قرب الحواجز الأمنية. وهتف هؤلاء: «ادبح (اذبح) يا سيسي» و «خيانة... عمالة». ومنعت قوات الأمن محامين من الوصول إلى مقر نقابة الصحافيين المُلاصق لمبنى نقابة المحامين، كان يُفترض أن يعلنوا تضامنهم مع الصحافيين. ووقف المحامون والصحافيون وبينهم حاجز الأمن ورفعوا بطاقات نقابتيهما وظلوا يهتفون «أيد واحدة» و «دول عاملين علينا عصابات وبيقتحموا في النقابات» و «عاش نضال الصحافيين... عاش نضال المحامين» و «الداخلية بلطجية». ورفع صحافيون ومحامون عدداً من الحواجز الحديد بين الحشدين رغماً عن قوات الأمن وسط هتافات «الداخلية بلطجية» و «هنكسر حصاركم» و «فكوا الحصار». وشارك المرشح الرئاسي السابق الصحافي حمدين صباحي في الاجتماع، واستقبله الصحافيون بهتاف «عاش نضال الصحافيين». وقال صباحي في تصريحات قبل الاجتماع إن مشهد اقتحام النقابة «إعادة لإنتاج التسلط». واعتبر أن المواطنين الذين يهتفون ضد الصحافيين والذين كادوا يعترضونه «ضحايا للعوز». وقال إن «الاقتحام الفاجر الذي قامت به وزارة الداخلية لصرح الحريات أمرت به السلطة، وهو عار على سلطة ضعيفة تستأسد على شعبها. مصر تشهد وقفة للصحافيين للتوحد خلف نقابتهم على مطالب مشروعة وحماية الدستور واحترامه واحترام هذا المبنى العظيم وكل النقابات. نطلب الإفراج عن كل سجناء الرأي، خصوصاً الصحافيين... على رئيس الجمهورية أن يعتذر بنفسه عن تصرفات السلطة التي يقودها، والحد الأدنى لمطالبنا إقالة وزير الداخلية». وكان نقيب الصحافيين استبق الاجتماع بالقول إن «النقابة تحترم القانون وتُصر على أن اقتحام قوات الأمن لمقرها جريمة تمس كيان النقابة وكرامة الصحافيين». وأضاف: «نحن أمام أزمة نكون فيها أو لا نكون. اقتحام النقابة لم يحدث على مدار تاريخ النقابة أو المهنة. بداية الحل هو الاعتراف بحدوث هذا الخطأ». واعتبر أن بيان النائب العام عن الواقعة «أضفى شرعية» على ما حدث من إجراءات. وأكدت نقابة الصحافيين أن بيان النائب العام بحظر النشر في قضية الصحافيين عمرو بدر ومحمود السقا بتعليق بالتحقيقات معهما وليس بتغطية الصحافة للأزمة بين النقابة ووزارة الداخلية. وأضافت النقابة في بيان أن «متابعة الصحافة لأحداث الأزمة واجتماع الجمعية العمومية متاحة لكل وسائل الإعلام»، مؤكدة أنه «لا قيد على حرية التغطية والنشر». وكانت النيابة العامة أعلنت في بيان أن «إجراءات ضبط وإحضار الصحافيين عمرو بدر ومحمود السقا تتفق وصحيح القانون». وقررت «حظر النشر في جميع وسائل الإعلام المحلية والأجنبية... عن التحقيقات التي تجرى بمعرفة النيابة إلى حين انتهائها، عدا البيانات التي تصدر من مكتب النائب العام في شأنها». وأضافت: «يتعين على الجميع الإمساك عن تفسير وتأويل نصوص القانون في ما يخص ضبطهما من مقر النقابة، وترك الأمر للنيابة العامة صاحبة الولاية في هذا الشأن بموجب الدستور والقانون، والتي بعد تأكدها من صحة تلك الإجراءات، أصدرت قرارها بحبس المتهمين 15 يوماً احتياطياً على ذمة التحقيقات». وأكدت أن «مقر نقابة الصحافيين لا يستعصى على ضبط وإحضار المتهمين اللذين اعتصما بها... وإذا كان الأمر كذلك، وإذ أظهرت التحقيقات على لسان المتهمين اتفاقهما مع نقيب الصحافيين على الاحتماء بمقر النقابة، ووعده لهما بالتوسط لدى سلطات التحقيق سعياً إلى إلغاء القرار الصادر بضبطهما وإحضارهما، وهو الأمر الذي لو حدث لشكل جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات، فضلاً عن أن موافقة نقيب الصحافيين على اعتصامهما بمقر النقابة تفادياً لتنفيذ أمر الضبط والإحضار على رغم علمه بصدور هذا القرار، فهو يشكل أيضاً جرماً يعاقب عليه قانون العقوبات». وأكد المجلس الأعلى للصحافة في بيان «تضامنه الكامل مع نقابة الصحافيين في موقفها من الدفاع عن الحريات وكرامة المهنة وحقوق الصحافيين والكيان النقابي». ودان «الحصار الذي تفرضه قوات الأمن على مقر النقابة وإغلاق الشوارع المحيطة بها والتضييق على دخول الصحافيين نقابتهم». وطالب السلطات المختصة ب «فك هذا الحصار فوراً وإعادة الأمور إلى طبيعتها والتصرف بطريقة مسؤولة ولائقة». كما طالب «كل الأطراف بإتاحة الأجواء المناسبة لإنهاء هذه الأزمة والعمل على تخفيف حدة التوتر وزيادة اللحمة في الداخل وتماسك الجبهة الداخلية لمواجهة التحديات الخارجية التي تهدد الوطن، وإعطاء الأولوية لإعمال مواد الدستور الخاصة بالصحافة وحرية التعبير من خلال سرعة إصدار القانون الموحد لتنظيم الإعلام والصحافة الذي يمهد لبناء إعلام جديد حر ومسؤول يستطيع من خلاله القيام بدوره في هذه المرحلة الفارقة والخطيرة التي يمر بها وطننا». وأصدرت مجموعة من الأحزاب والحركات الشبابية والشخصيات العامة بياناً مشتركاً أعلن «الرفض التام لما قامت به قوات الأمن من اقتحام مقر نقابة الصحافيين».