لم ينقض وقت طويل على تجاوز نقابة صحافيي مصر مشكلة "الصحافة الصفراء" والبدء في اعادة ترتيب اوراقها حتى فوجئت بأزمة جديدة تهدد وحدتها وتنازعها الحق في اصدار الترخيص بمزاولة المهنة للعاملين في حقل "صاحبة الجلالة"، بعد اقدام بعض العاملين فيها من غير المسجلين رسمياً على تأسيس واعلان "نقابة جديدة مستقلة" وانهاء كل اجراءاتها القانونية. ولم يجد مجلس النقابة "الرسمية" سوى اللجوء الى النائب العام ورفع دعوى ضد مؤسسي "النقابة الجديدة" بتهمة مخالفة القانون الذي ينظم عملية تأسيس النقابات ويمنح نقابة الصحافيين وحدها الحق في منح صفة مزاولة المهنة ويحظر على اي جهة اخرى التدخل في هذا الشأن. وقبل اشهر قليلة، لجأت النقابة "الرسمية" الى النائب العام ايضاً للشكوى من بعض ممارسي المهنة غير المسجلين في جداولها، والذين اعتبرتهم مسؤولين عن مشكلة "الصحافة الصفراء" التي ألحقت بعض الثقوب بثوب الصحافة المصرية، ما ادى بأصحاب المطبوعات التي تصدر بتراخيص من خارج البلاد الى تقديم اقتراح الى مجلس الشعب البرلمان لتأسيس نقابة خاصة بهم لضمان اوضاعهم القانونية. والسبب وراء ذلك ان قانون نقابة الصحافيين يشترط للحصول على ترخيص مزاولة المهنة ان ينال الصحافي شهادة جامعية وخطاب تعيين صادر عن مؤسسة معترف بها في المجلس الاعلى للصحافة. غير ان سوق العمل شهدت في الفترة الاخيرة التحاق مئات من الشباب الذين فشلوا في توفير شروط القيد ورفضت النقابة ضمهم الى عضويتها. واخيرا تجمع هؤلاء واعلنوا انشاء "نقابة الصحافيين المستقلين" التي حصلت بالفعل، وفقاً لاوراقها الرسمية، على الصفة الاستشارية من المجلس الاقتصادي والاجتماعي في الاممالمتحدة، وعلى اعتراف اتحاد صحافيي اوروبا في فرنسا ولجنة الدفاع عن الصحافيين في نيويورك، واعنلوا عن بدء تلقي طلبات الانضمام من كل العاملين في المهنة، وفشلوا في الحصول على عضوية النقابة التي يصفونها بأنها خاصة ب "الموظفين المعينين في الصحف". ويقول نقيب الصحافيين المستقلين حسين المطعني ان نقابته تستند على اساس شرعي يتمثل في القانون رقم 131 للعام 1948 والذي يتيح لأي مجموعة من الافراد إنشاء شركة او نقابة بموجب عقد مدني مسجل في السجل العقاري بين الاعضاء المؤسسين. ولفت الى ان الدستور لم يحدد كيفية تكوين هذه النقابات، فيما نص قانون نقابة الصحافيين على تنظيمها ولم يتطرق الى وسيلة انشائها. ويدلل على صحة موقفه باعتراف وزارة العدل بتأسيس "النقابة الجديدة" والاعلان عنها في الصحيفة القضائية المسؤولة عن نشر تأسيس الشركات والنقابات. والمعروف ان الجمعية العمومية لنقابة الصحافيين رفضت العام 1994 تعديل قانونها الاساسي والسماح بانضمام العاملين في الاذاعة والتلفزيون الى عضويتها. غير ان "النقابة الجديدة" نصت في اهدافها على اضفاء الصفة المهنية وتوفير بطاقات صحافية لاعضائها ومن ضمنهم هؤلاء الذين استبعدتهم "النقابة الرسمية". وردد وقتها المعارضون ان التعديلات ترتبط برغبة بعض المسؤولين في تعديل تركيبة عضوية النقابة، ما يسمح بالسيطرة عليها من خلال العضوية الجديدة. وحتى تحسم الجهات القضائية هذا التنازع المفاجئ، ستظل النقابة الرسمية هي الوحيدة صاحبة الحق في منح تراخيص مزاولة المهنة، لكن من غير المستبعد ايضا ان يتم فتح ملف جديد في شأن "صفة الصحافي" في مصر والمسؤول عن تحديدها خصوصاً وان اعداد الملتحقين بسوق العمل الصحافي تزداد يومياً، في الوقت الذي تتضاءل فيه إمكانات الحصول على فرصة عمل رسمية في مؤسسة صحافية