سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
دمشق ترغب من أركان الحكم اعتياد الاحتكام الداخلي للعبة . انسجام الأسد مع القانون الدولي في قضية مزارع شبعا يفرض حسابات جديدة على المقاومة في المرحلة المقبلة
توقفت اوساط سياسية لبنانية امام ما اعتبرته لهجة جديدة في خطاب الرئيس السوري الدكتور بشار الاسد، في ما يتعلق السياسة السورية في لبنان، من خلال المقابلات الصحافية التي اجراها مع الصحافة الفرنسية، قبل توجهه اليوم الى باريس في زيارة الدولة التي يقوم بها اليها. وفي قراءة للحديث الذي ادلى به الى جريدة "فيغارو" سجلت هذه الاوساط عدداً من الملاحظات منها: 1- في ما يتعلق بمزارع شبعا، قال الرئيس السوري: "أياً تكن الجهات التي تتحدث عن هوية هذه المزارع، ليس لها الحق ان تقوّم جنسيتها، سوى سورية ولبنان". وأشار الى ان "الدولتين تتفقان وتسجلان الاتفاق في المنظمات الدولية بحسب القانون الدولي". ورأت الاوساط أن هذه اللغة تعكس تطويراً للموقف السوري في قضية المزارع ورسالة سياسية الى الغرب أن دمشق ليست خارجة عن منطق القانون الدولي في ما يتعلق بالمزارع والوضع في الجنوب. واللغة الجديدة هذه لا تتضمن حسماً وجزماً بأن مزارع شبعا لبنانية كما في السابق حين كان المسؤولون السوريون واللبنانيون يؤكدون انها لبنانية. وهذا كان مبرراً للمقاومة ول"حزب الله" ليواصلا عملياتهما ضد الاحتلال الاسرائيلي في المزارع. وسألت الاوساط: استناداً الى هذه اللغة الجديدة، هل بات على المقاومة ان تعيد النظر في توجهها لتحرير المزارع من طريق الضغط العسكري على الاحتلال عبر العمليات المتواصلة؟ وهل بات تحرير المزارع يفترض ان يتم من طريق اعتماد الديبلوماسية، وعبر تنفيذ القانون الدولي فترسِّم الحدود في تلك المنطقة بين لبنان وسورية، وتنزع عن هذه المزارع او بعضها صفة انها سورية وفقاً للخرائط الدولية الحالية التي تصنفها تابعة للقرار الدولي الرقم 242، لا القرار الرقم 425 المتعلق بالجنوب اللبناني فتنسحب منها اسرائيل على هذا الاساس؟ وهل قررت سورية اللجوء الى القانون الدولي لتبرير استمرار عمليات المقاومة لتحرير المزارع، اذا رفضت اسرائيل الانسحاب منها، بعد ترسيم الحدود بين البلدين؟ وفي رأي الاوساط السياسية التي ترصد التطور في اللغة السورية في هذا الصدد ان هذه الاسئلة تفرض حسابات جديدة لدى المقاومة في المرحلة المقبلة. 2- اعادة الانتشار السوري: اكد الاسد انها تأخذ في الاعتبار التهديدات الاسرائيلية، وانها تتم بالتنسيق بين الدولتين وتحديداً بين القيادتين العسكريتين. وفي وقت يركز الجانب السوري في ما يتعلق بخطوته الجديدة في لبنان على الطابع الامني ويعطيها بعداً اقليمياً، فإن قول الاسد "ان اخطاء السياسة السورية في لبنان نحن مسؤولون عنها في سورية وهناك اخطاء مسؤول عنها اللبنانيون... والسياسة السورية في لبنان لا تخدمها تفاصيل صغيرة"، يمهد لاعطاء بعد داخلي للخطوة، في العلاقة مع انتقادات افرقاء لبنانيين لهذه السياسة. وفي رأي الاوساط المتتبعة للغة السورية الجديدة ان الاسد قد يكون يمهّد لاعطاء اعادة الانتشار ابعاده الداخلية. فإذا كان من الصعب التصور ان الخطوة العسكرية السورية ستؤدي الى خفض النفوذ السوري في السياسة الداخلية لأنه نفوذ راسخ ومتراكم على مدى السنوات، فإن هذا لا ينفي امكان اتجاه القيادة السورية الى تشجيع المسؤولين اللبنانيين على معالجة بعض جوانب السياسة الداخلية في اطار اللعبة الداخلية، تفادياً لتدخل دمشق في التفاصيل. وهي سياسة تختلف عن المرحلة السابقة، التي تركت فيها ادارة التفاصيل لرئيس الجمهورية اميل لحود، لا للعبة الداخلية التي تتجاوز مكوناتها الرئاسة الاولى. ويقول قيادي وثيق الصلة بدمشق، ان على كبار المسؤولين ان يعتادوا معالجة خلافاتهم بأنفسهم، بعد الآن. وينبغي ان يستوعبوا ان عليهم، عندما تخرج سورية من قلب لبنان، اي من بيروت وجبل لبنان، ومن الباب، الا يعيدوا ادخالها من الشباك... لأنها تريد منهم ان يتحملوا مسؤولياتهم في شكل يغنيها عن التدخل في التفاصيل الصغيرة، على رغم انها ترصد كل شيء من باب حرصها على الاستقرار في البلد...