ألقت الحكومة المصرية بثقلها للتصدي لصحف الإثارة التي تجاوزت كل الخطوط الحمراء، وتسببت في أكبر أزمة تشهدها البلاد يكون الاقباط طرفاً فيها. وبعدما أعلنت وكالة "أنباء الشرق الأوسط" صباح أمس أن الحاكم العسكري استخدم الصلاحيات التي يمنحها له قانون الطوارئ لمواجهة أي ضرر بأمن البلاد والوحدة الوطنية وقرر وقف كل اصدارات دار "النبأ" التي تصدر صحيفة بالاسم ذاته و صحيفة "آخر خبر" اللتين نشرتا تحقيقا وصورا عن قس سابق في اوضاع فاضحة، مما ادى الى موجة غضب لدى الأقباط الذين تظاهروا علناً لثلاثة أيام متتالية، عادت الوكالة في المساء لتعلن إلغاء الخبر لافتة الى أن تصريحات أدلى بها رئيس الحكومة الدكتور عاطف عبيد اسيئ فهمها. لكن مصادر مطلعة أكدت ل"الحياة" أن قرار الوقف سيصدر لاحقاً من المجلس الأعلى للصحافة حتى تتفادى الحكومة جدلاً محتملاً حول استخدام قانون الطوارئ في قضية تتعلق بالنشر. راجع ص 7 وأطلقت نيابة أمن الدولة رئيس تحرير الصحيفتين ممدوح مهران بكفالة قدرها عشرة آلاف جنيه، وسيصدر قرار وشيك بإحالته على المحاكمة. وقررت محكمة جنوبالقاهرة أمس مصادرة عددين من صحيفة "المواجهة" التي تصدر عن حزب "الأحرار"، بعدما قدم المحامي العام لنيابة أمن الدولة العليا المستشار هشام بدوي طلباً عاجلاً الى المحكمة، يلفت فيه الى ان الصحيفة التي يرأس تحريرها وحيد غازي نشرت مواد جنسية صريحة وصوراً مخلة بالآداب العامة. واخضع غازي لاحقاً للتحقيق قبل اطلاقهه بكفالة، مما يعني قرب احالته على المحاكمة، وعلى رغم أن المنشور في "المواجهة" لا علاقة له بقضية القس القبطي السابق المتهم في قضية تحقق فيها النيابة تتعلق بانحرافات جنسية ارتكبها وابتزاز لسيدات وقعن ضحايا له، اكدت مصادر أن الدولة بصدد اتباع اسلوب اكثر حزماً لموجهة هذه النوعية مع الصحف، بعدما وصل الأمر الى حد خطير خصوصاً، وأن رجال أعمال وفنانين وسياسيين وبعض المسؤولين ظلوا هدفاً لتلك الصحف طوال الفترة الماضية. ورجت المصادر أن تكون الحكومة وجدت الوقت مناسباً لوضع حد لتجاوزات الصحف الصفراء مستغلة المناخ الذي افرزته الأزمة من استياء عام حتى بين الأوساط الصحافية ومؤسسات المجتمع المدني. وبدا أن الاجراءات الرسمية وجدت قبولاً لدى الكنيسة اذ خرج البابا شنودة أمس من مكتبه في مقر كاتدرائية الاقباط ليتحدث الى عشرات من الشباب اعتصموا منذ بدء الازمة، يوم السبت الماضي، واعلن رضاه عن مدى تجاوب الأجهزة الرسمية والشعبية مع مشاعر الاقباط. ووجه شنودة حديثه الى الاقباط الذين كانوا يملأون ساحة الكاتدرائية قائلاً: "نحن في بلد يحكمها القانون ولا أحد يستطيع أن يتجاوز النصوص القانونية حتى لو كان ذلك يتم من أجل المصلحة العامة"، معرباً عن اعتقاده بأن في القانون ما يكفي للتعاطي مع الأزمة الأخيرة.