استنفرت أمس الرئاسة المصرية لتطويق غضب الأقباط نتيجة الاشتباكات التي وقعت في محيط الكاتدرائية القبطية في ضاحية العباسية، وأسفرت عن سقوط قتيلين وعشرات الجرحى، لكن تحميل مساعد الرئيس للشؤون الخارجية عصام الحداد الأقباط مسؤولية إشعال الأحداث، زاد من تفاقم الأزمة. وشدد بابا الأقباط الأرثوذكس تواضروس الثاني على أن المشاعر الطيبة للمسؤولين «لن تكفي، ولا بد من اتخاذ قرارات حاسمة». وخرجت قوى سياسية ونشطاء مساء أمس في مسيرات تضامنية وصلت إلى مقر الكاتدرائية، ورددت هتافات مناوئة للرئيس محمد مرسي وحمّلت الحكومة ووزارة الداخلية مسؤولية الحادث، فيما شكلت منظمات حقوقية ومجلس الشورى المصري لجان تقصي الحقائق، وفتحت النيابة المصرية تحقيقات في الحادث، وقامت بمعاينة مقر الكاتدرائية. وزار مقر الكاتدرائية أمس مساعد الرئيس للشؤون السياسية باكينام الشرقاوي، ومستشار الرئيس لشؤون المصريين في الخارج أيمن علي، والتقيا سكرتير البابا القس أنجيلوس، وتفقدا آثار الأحداث التي شهدتها الكاتدرائية الأحد الماضي. وكان الرئيس محمد مرسي قرر مساء أول من أمس إعادة تشكيل وتفعيل «المجلس الوطني للعدالة والمُساواة»، الذي كان شكّله المجلس العسكري السابق وترأسه رئيس الوزراء السابق عصام شرف، وأشار بيان رئاسي إلى أن المجلس «يستهدف تعزيز تلك القِيَم ونشر ثقافة المُواطنة وتعميق الوعي بها، والمساهمة في إيجاد ضمانات قانونية وواقعية تكفل العدالة والمُساواة بين أبناء الشعب المصري بصرف النظر عن الأصل أو النوع أو الدين أو المُعتقَد». ودعت الرئاسة القوى السياسية والوطنية إلى التَقَدُّم بمُقترحاتٍ في ما يتعلق بتشكيل المجلس وصلاحياته وسُبُل تفعيله، وأفيد بأن المجلس يضم 25 عضواً، وبأنه سيضم ممثلين عن الأزهر والكنيسة، إضافة إلى عدد من المفكرين والمثقفين، وشخصيات سياسية. وقال بابا الأقباط تواضروس الثاني إن الرئيس محمد مرسي تحدث معه هاتفياً وقدم العزاء له في ضحايا «الخصوص» و «الكاتدرائية»، مضيفاً أن مرسي وعده بتأمين كل الإجراءات اللازمة من أجل حماية الكاتدرائية والحفاظ عليها ولكن، على أرض الواقع لا نجد شيئاً». وشدد تواضروس في أول تصريح له عقب الأحداث على أن المشاعر الطيبة من قبل المسؤولين لن تكفي، ولا بد من اتخاذ قرارات حاسمة لأن أحداث الخصوص وبعدها الكاتدرائية، وصلت إلى حال من الاعتداء الصريح على الأقباط، مستطرداً أن صورة مصر أمام الرأي العام العالمي أصبحت في «التراب»، وهذا يعد شيئاً مؤسفاً للغاية، ولا يوجد تحرك من الدولة. وأكد أن حق ضحايا الخصوص في رقبة المجتمع والدولة، لأن الأمور فاقت جميع الخطوط الحمر، مضيفاً أن التقصير والإهمال في التعامل مع الأزمة واضحان ويسببان للأقباط ألماً شديداً، مضيفاً أنه في انتظار خطوات من الدولة لأن الكنيسة القبطية جزء من المجتمع المصري والدولة هي المسؤولة عن حماية الكنيسة أولاً وأخيراً، ونحن في انتظار أن تكون قرارات الدولة حازمة ومرضية للأقباط. في المقابل قال مساعد رئيس الجمهورية للعلاقات الخارجية والتعاون الدولي عصام الحداد، إن رئاسة الجمهورية تتابع باهتمام بالغ ما وقع من مصادمات بين مسلمين وأقباط، مشيراً في بيان نشر باللغة الإنكليزية، إلى أنه أثناء تشييع الجنازة قام بعض المشيعين الغاضبين بالاعتداء على السيارات المارة في شارع رمسيس، ما أدى إلى قيام بعض الناس بجوار كاتدرائية العباسية بإلقاء الطوب وإطلاق النار، ما أدى إلى مزيد من التصعيد وتبادل إطلاق النار. وأضاف الحداد، أن كاميرات المراقبة أثبتت أيضاً وجود أشخاص يحملون أسلحة و «مولوتوف» على سطح الكاتدرائية وأيضاً خارجها وداخلها، ما دعا الشرطة إلى التدخل لتفريق المتجمهرين باستخدام قنابل الغاز. وأشار إلى أن التحقيقات لا تزال مستمرة لتحديد هوية الأشخاص المتورطين في هذا الحادث. كما كثفت قوات الأمن من وجودها في المنطقة المحيطة بالكاتدرائية وقام وزير الداخلية بزيارة موقع الأحداث. ودعا الحداد كل المواطنين إلى تجنب كل ما يؤدي إلى تصعيد الفتنة الطائفية وتقسيم الأمة، لافتاً إلى أن الدولة المصرية تسعى إلى تجاوز هذه الظواهر من خلال سن عدد من التشريعات واتخاذ التدابير الأمنية التي تتعامل مع كل جوانب المشكلة. وشدد على الرفض التام للعنف بكل أشكاله وأيًّاً كانت مبرراته، وأن كل المصريين مواطنون ينعمون بكل الحقوق ومتساوون أمام القانون، وأن الرئاسة لن تسمح بأية محاولات لتقسيم الأمة والتحريض وإذكاء الفرقة بين المصريين، وأنها ستفعل كل ما في وسعها من أجل تعزيز سيادة القانون ومحاسبة الخارجين عليه. واستمرت أمس ردود الفعل الدولية، إذ دان وزير شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية البريطانية أليستر بيرت أعمال العنف التي اندلعت أمام الكاتدرائية في العباسية، داعياً كل الأطراف في مصر إلى احترام حرية الدين والمعتقد. وقال بيرت «أدين تماماً الصدامات العنيفة التي وقعت خارج الكاتدرائية في القاهرة والتي أدت إلى سقوط قتيل واحد وعدد كبير من الجرحى». وأكد أن حرية الدين والمعتقد عنصر أساس من عناصر المجتمع الديموقراطي، مشيراً إلى ضرورة أن يتمكن الناس من زيارة أماكن العبادة بسلام وأمن، وطالب قوات الأمن باتخاذ إجراءات فعالة لحماية الناس أثناء زيارة أماكن العبادة، ورحب بنبأ إجراء تحقيق في شأن الواقعة. على صعيد آخر قضت محكمة جنايات الجيزة، برئاسة المستشار المحمدي قنصوة، بمعاقبة سامي مهران الأمين العام لمجلس الشعب السابق، بالسجن ثلاث سنوات وتغريمه 17 مليون جنيه. كما غرمت المحكمة زوجته زينب 1.230 مليون جنيه وابنته نيفين 6.340 مليون جنيه، وغرمت المحكمة أيضاً حفيدة مهران 350 ألف جنيه. ورفضت المحكمة طلب المنع من التصرف بأمواله حتى إتمام عقوبة السجن. وكان المستشار عاصم الجوهري مساعد وزير العدل لشؤون جهاز الكسب غير المشروع أحال في أيلول (سبتمبر) الماضي مهران إلى محكمة الجنايات لاتهامه باستغلال منصبه وتحقيق كسب غير المشروع. وكشفت التحقيقات تضخم ثروته لكنه عجز عن إثبات مصدرها على رغم مواجهته بأنها بلغت 7 ملايين جنيه. وعاقبت أمس محكمة جنايات القاهرة، الحارس الشخصي لنائب المرشد العام لجماعة «الإخوان المسلمين» خيرت الشاطر، ويدعى خليل أسامة، بالحبس لمدة عام واحد مع الشغل، إثر إدانته بحيازة سلاح ناري وذخيرة حية من دون ترخيص. وأوضحت المحكمة أن الحكم صدر مع الرأفة بالمتهم، مع مصادرة المضبوطات المتمثلة في السلاح والذخيرة التي ضبطت معه. وكانت المحكمة استمعت إلى مرافعة هيئة الدفاع عن المتهم في جلسة اليوم، الذي قال إنه تم الزج به في خصومة سياسية. ودفع ببطلان محضر جمع الاستدلالات، متهماً جهاز الأمن الوطني بأنه اصطنع القضية على خلاف الحقيقة، كما دفع ببطلان اتصال المحكمة بالواقعة استناداً إلى ما اعتبره بطلان التحقيقات التي باشرتها النيابة. وقال الدفاع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش التي جرت بحق المتهم وما ترتب عليها من اعترافات وأقوال للمتهم أمام النيابة، معتبراً أنها جاءت وليدة فعل باطل، كما دفع ببطلان أقوال مأمور الضبط القضائي وعدم اطلاع هيئة الدفاع على الأوراق. وأوضح الدفاع أن المتهم تم الزج به في خلاف سياسي دفع محرر محضر الضبط بتبني وجهة نظر مغايرة للحقيقة، معتبراً أن المتهم تمت ملاحقته بصورة غير اعتيادية كونه ينتمي إلى فصيل سياسي معين (جماعة «الإخوان المسلمين») وأنه تم استجوابه استجواباً محظوراً يخالف قواعد وإجراءات الاستجواب التي أقرها قانون الإجراءات الجنائية وأحكام محكمة النقض. وأشار الدفاع إلى أن المتهم نسبت إليه اعترافات كاملة غير موقعة على نحو يحتم بطلانها، وأن تحريات الأمن الوطني جاءت لتردد أقوال المتهم، والإشارة إلى أنه اعتاد حمل الأسلحة النارية. وأشار الدفاع إلى أن عملية ضبط المتهم تعد باطلة، لأنه لم يكن في حال من حالات التلبس التي تجيز استيقافه وضبطه من دون الحصول على إذن مسبق من النيابة.