لعل الذكرى التي رافقت انديرا غاندي في حياتها السياسية هي يوم حرق الهنود الملابس الانكليزية المستوردة احتجاجاً على الاستعمار البريطاني. كانت يومها صغيرة لكنها قامت الى دميتها المستوردة واحرقتها تضامناً مع فقراء بلادها. كان ذلك اليوم معلماً في حياتها وهي ابنة المحامي جواهر لال نهرو الذي تبع المهاتما غاندي في نضاله السلمي الشهير. "لقد ولدت في ارث من العاصفة والأزمات" قال لها والدها. وفي كتاب صدر أخيراً في لندن لكاترين فرانك عنوانه: حياة انديرا نهرو غاندي نتتبع بشغف كبير خطوات انديرا على دروب العاصفة والأزمات ابتداء من اعلان الاستقلال في آب أغسطس 1947 وما تبع ذلك من احداث طائفية وانشطارات دموية في شبه القارة الهندية. الا ان الكتاب يعادل بين حياة انديرا المرأة وأنديرا رئيسة الحكومة، فنصفه مخصص لما قبل 1966 حين بلغت انديرا الثامنة والأربعين وتسلمت مهامها الصعبة في مركز والدها الراحل. وتركز الكاتبة على كيف استطاعت انديرا ان تستغل كونها امرأة لمواجهة عالم ذكوري طالما تشبث بالسلطة واعتبرها حكراً وحقاً طبيعياً له. اصبحت انديرا تدعى "أم الهند" وقيل ان الهند هي انديرا وانديرا هي الهند. عاشت طفولتها في قلق مستمر، فمن جهة واجه والدها السجن مرّات عدة، كما واجهت أمها، كامالا، مرض السلّ فكانت تدخل وتخرج من المصحات بقدر ما كان زوجها يدلف السجن أو يسرّح منه. في ذلك الجوّ المحتشد بالعواطف والأعصاب المشدودة لم تجد انديرا سوى الكتاب ملاذاً لها فانصرفت الى المطالعة. وفي قمة سلطتها، تقول كاترين فرانك، كان صعباً على انديرا ان تفصل نفسها عن اسرتها وعن الحياة العائلية. وبعد مقتل ابنها سانجاي في حادث طيران جيّرت وراثة الزعامة الى رجيف واحتملت ثكلها بصبر وثبات صارمين ما اعاد اليها اعتبار كثيرين حتى أعداءها. في 31 تشرين الأول أوكتوبر 1984 اغتيلت انديرا غاندي، وكانت في اليوم السابق تقول: "حين أموت، استطيع القول ان كل قطرة من دمي ستنعش الهند وتقويها".