غادر بيروت صباح أمس الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان الى الاردن، ومنها الى رام الله، المحطة الأهم في جولته الشرق أوسطية، الهادفة الى المساهمة في تهدئة الجبهة الاسرائىلية - الفلسطينية. وقالت مصادر ديبلوماسية ل"الحياة" ان زيارة انان الى بيروت ومحادثاته مع كبار المسؤولين فيها، لم تحمل بهذا المعنى جديداً، بسبب التركيز في جولته على لعب دور من اجل ضمان عدم تصعيد الوضع بين اسرائىل والفلسطينيين في هذه المرحلة. وأوضحت المصادر نفسها ان مهمة انان في المنطقة، تأتي ضمن التحرك الاميركي، الذي يرفده دعم اوروبي، من اجل دفع تنفيذ تقرير ميتشل عن الاراضي المحتلة، ومساندة الاتفاق الأمني الذي صاغه رئىس الاستخبارات المركزية الاميركية جورج تينيت لوقف النار، وذكرت المصادر الديبلوماسية ان انان لا يحمل اي مبادرة، كما سبق ان اعلن، بل ان تحركه يأتي نتيجة الجهود الاميركية الهادفة الى التهدئة، والى صوغ موقف دولي يحميها، عبر اشتراك اوروبا وروسيا والأممالمتحدة في ابلاغ الافرقاء المعنيين، الفلسطينيين والاسرائيليين اولاً، ثم الدول العربية، بأن هناك اجماعاً دولياً على انجاح التفاهمات التي تضمن لجم التدهور الأمني، والحؤول دون فلتانه على نحو يهدد بالحرب، اذا تركت الأمور للتوجهات المغامرة في اسرائىل. واعتبرت المصادر الديبلوماسية المطلعة ان زيارة انان الى لبنان تأتي في هذا السياق. وهو لهذا السبب حمل النصيحة الدولية الداعية الى التهدئة في جنوبلبنان، منعاً لتقديم ذرائع لرئىس الحكومة الاسرائىلية آرييل شارون تسمح له بفتح جبهة جديدة اضافة الى الجبهة الفلسطينية - الاسرائيلية. ولاحظت المصادر نفسها ان اعلان انان ان الرئىس السوري بشار الاسد "يأمل مثلنا ان يرى الهدوء على الحدود"، هو ايحاء بأن التنسيق السوري - اللبناني سيضمن بقاء الهدوء على جبهة الجنوب ما دامت دمشق تتفهم ضروراته على الصعيد الاقليمي وعلى المستوى الدولي، وان متطلبات تكريس التهدئة في الاراضي الفلسطينية، تفرض عدم اتاحة الفرصة لأي كان ان يفتح جبهة الجنوب، لأن اي تصعيد يقطع الطريق على التهدئة في ميدان الصراع الاساسي من جهة ويحول دون تدعيم التفاهمات الأمنية، باجراءات سياسية من اجل اعادة الافرقاء الى طاولة المفاوضات، من جهة ثانية. وذكرت المصادر ان جولة انان، مع انه لا يحمل اي مبادرة، قد تكون مفيدة في مساعدة الجانب الاميركي على استكشاف افكار سياسية تتجاوز الأمن، لتدعيم التهدئة، اثناء مداولاته مع القيادة الفلسطينية والحكومة الاسرائىلية، فضلاً عن انه لمس تسهيلاً لدوره ومن ورائه للجهد الاميركي والاوروبي والدولي عموماً لدى سورية وبالتالي لبنان، على رغم التباعد بين موقفي البلدين والموقف الدولي ازاء طريقة التعاطي مع الجانب الاسرائىلي، وإزاء موضوع مزارع شبعا. وأبلغت المصادر الى "الحياة" ان مواضيع بارزة جرى بحثها اثناء محادثاته في لبنان منها: - ان رئىس الجمهورية اميل لحود حرص على سؤال انان عما يقال عن رسالة سرية بعثها اليه حول الخط الازرق ومزارع شبعا فابتسم المسؤول الدولي امام وفدي الجانبين مؤكداً ان لا رسائل سرية، وان كل شيء معروف والحديث عن ذلك سببه التنافسات السياسية الداخلية في لبنان. - ان انان اكد دعم الأممالمتحدة للجهود الاقتصادية للحكومة وبالتالي اجتماع باريس -2 لشركاء لبنان من اجل مساعدته على تجاوز ازمة المديونية... فضلاً عن ان رئىس الحكومة رفيق الحريري طلب منه اعطاء حصة استثنائية للبنان في التجارة مع العراق وترك حرية التبادل بين بيروتوبغداد خلافاً للحصار عليها. وفي هذا السياق قال النائب بطرس حرب "ان موقف الحريري المبدئي بمطالبته انان اعتبار لبنان دولة متضررة من الحصار المفروض على العراق ووجوب استثنائه من حظر التعامل التجاري مع بغداد ومنحه امتيازات اسوة بغيره من الدول المتضررة، جاء تلبية لما سبق وأثرته شخصياً في المجلس النيابي اثناء مناقشة الموازنة". وأضاف: "مع تأييدي لموقف الرئىس الحريري المبدئي ووجوب تكثيف الاتصالات لتحقيقه اسجل اعتراضي على مطالبة رئىس الحكومة بمنح بيروت وحدها امتياز التعاون مع العراق واسقاط طرابلس مع مرفئها".