فوجئ لبنان الرسمي برد فعل الولاياتالمتحدة الاميركية والأممالمتحدة، حيال العملية التي نفذتها المقاومة الاسلامية الجناح العسكري لحزب الله الجمعة الماضي ضد دورية اسرائيلية في مزارع شبعا المحتلة. اعتبرت مصادر لبنانية رفيعة ان مضمون التحذير الذي اطلقه السفير الاميركي في بيروت ديفيد ساترفيلد من ان لبنان سيدفع ثمن التصعيد، والذي تزامن مع موقف لافت للممثل الشخصي للامين العام للامم المتحدة في جنوبلبنان رالف كنوتسن قال فيه ان هذا النوع من خروق السلام والامن الدوليين يهدد بإشعال فتيل دوامة العنف مجدداً مع ما يترتب على ذلك من عواقب مأسوية للسكان المدنيين، يتجاوز التعليق على حجم العملية الى التحذير من قيام المقاومة لاحقاً بعمليات نوعية اسوة بالعملية التي ادت الى اسر ثلاثة جنود اسرائيليين. وفي هذا السياق علمت "الحياة" من المصادر الرسمية، ان الحكومة سجلت اعتراضها وتحفظها على بيان كنوتسن، خصوصاً لجهة قوله ان العملية تشكل خرقاً خطيراً لخط الانسحاب الاسرائيلي الذي حددته الأممالمتحدة، وابلغته ان في موقفه هذا غطاء لأي تصعيد يمكن ان تلجأ اليه اسرائيل في المستقبل، نظراً الى ان مزارع شبعا المحتلة، وخلافاً لما اورده في بيانه، غير مشمولة بخط الانسحاب الازرق، الذي ينتهي امام مشارف المزارع، عند منطقة الوزاني... واضافت ان كنوتسن اعترف ضمناً بأنه ارتكب خطأً عندما ادخل المزارع ضمن خط الانسحاب الازرق بينما رفضت الاممالمتحدة ذلك لدى اعادة رسم خط الانسحاب مما اضطر لبنان الى تسجيل تحفظه. وكشفت النقاب عن ان تهديد ساترفيلد للبنان بأنه سيدفع ثمن تصعيده، كان موضع نقاش بينه وبين رئيس الحكومة رفيق الحريري الذي استقبله مساء الجمعة في دارته في قريطم، مشيرة الى ان الاخير صارح السفير الاميركي بقوله ان العملية لم تحصل داخل الاراضي العربية المحتلة وانما في منطقة لبنانية تستمر اسرائيل باحتلالها رافضة اعادتها الى السيادة اللبنانية. واكدت ان لبنان مع الدعوة الى الحذر وضبط النفس، لكنه لن يسمح مع مرور الزمن بضم اسرائيل لمزارع شبعا ومن حق الحكومة اللبنانية مواصلة المطالبة بتحريرها وبالتالي تذكير المجتمع الدولي بأنها منطقة لا تزال تحتلها اسرائيل. ورأت المصادر الرسمية ان الحل يكمن في انهاء الاحتلال الاسرائيلي لمزارع شبعا، اذ من دون استرجاعها لا يمكن لبنان الاعتراف بخط الانسحاب الذي رسمته الاممالمتحدة... اما لماذا اعتمدت الادارة الاميركية والاممالمتحدة اتباع مثل هذه اللهجة التصعيدية ازاء عملية لم تترتب عليها خسائر كبيرة في الجانب الاسرائيلي؟ في الاجابة عن هذا السؤال قالت جهات ديبلوماسية غربية ل"الحياة" ان نجاح المقاومة الاسلامية في أسر ثلاثة جنود اسرائيليين اربك الحكومة الاسرائيلية ودفع برئيسها ايهود باراك الى توجيه انذار شديد اللجهة الى لبنان وسورية مهدداً بالقيام بعمل عسكري انتقامي لكنه اضطر الى "ضبط النفس" تحت تأثير الضغوط الدولية التي مورست عليه. واضافت: ان تراجع باراك عن تنفيذ تهديده، احرجه داخل اسرائيل في وقت اخذ يعاني الارباك بسبب حرب الابادة التي يشنها ضد الفلسطينيين في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية، على رغم ان البعض كان يتوقع خطوة باراك لصرف الانظار عن تورطه في حربه ضد الفلسطينيين الى شن عدوان على لبنان. ولفتت المصادر الديبلوماسية الى ان توافق الاممالمتحدة وواشنطن على تحذير لبنان من استمرار العمليات في مزارع شبعا، ما هو الا تحذير وقائي يراد منه وقف العمليات ضد اسرائيل بذريعة ان على لبنان التجاوب مع جهود التهدئة لمنع اسرائيل من الرد، خصوصاً ان الجهود الدولية كانت اسهمت في الضغط على باراك لمنعه من الرد على اسر ثلاثة جنود اسرائيليين. لكنها في المقابل اعتبرت ان الادارة الاميركية التي يفترض فيها القيام بدور الشريك الوحيد والاساسي لدعم العملية السلمية في المنطقة، اصبحت عاجزة منذ فترة عن الضغط على تل ابيب من اجل الزامها تطبيق الاتفاقات المعقودة مع السلطة الوطنية الفلسطينية. واكدت ان الهم الوحيد لواشنطن يكمن في عدم احراج اسرائيل من جهة وفي منع المقاومة الاسلامية من فتح جبهة في الجنوب يمكن ان تتسبب في مزيد من التأزم في المنطقة. وختمت المصادر ان التحذير الاميركي، يخفي رغبة اميركية في جس نبض لبنان ومن خلاله اختبار الموقف السوري لمعرفة الحدود التي يمكن ان يذهب اليها البلدان في تأييدهما لشن عمليات في نطاق مزارع شبعا.