تكثفت الاتصالات التونسية - المغاربية في اليومين الأخيرين في خطوة تؤشر إلى الرغبة بتحسين العلاقات الثنائية، لكن من دون تحقيق تقدم ملموس على صعيد تنشيط هيئات اتحاد المغرب العربي الذي يضم كلا من الجزائروتونس والمغرب وموريتانيا وليبيا. واستقبل الرئيس زين العابدين بن علي أمس وزير الخارجية الجزائري عبدالعزيز بلخادم الذي بدأ زيارة لتونس الجمعة تنتهي اليوم. نقل خلالها رسالة خطية من الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة إلى نظيره التونسي. وأفيد أن الرسالة تعلقت بآفاق تطوير العلاقات الثنائية التي تمر في فترة برود منذ أواسط التسعينات، إلا أنها بدأت تنتعش بعد الزيارة التي قام بها بوتفليقة لتونس في حزيران يونيو من العام الماضي، وكذلك بالوضع المغاربي والجهود المبذولة لانعاش الاتحاد المغاربي وإعداد اجتماع ثان لوزراء الخارجية في تشرين الأول اكتوبر المقبل في الجزائر بعدما حقق الاجتماع الأول في وقت سابق مع العام الجاري نتائج متواضعة. وأوضح بلخادم في تصريحات أدلى بها لوكالة الأنباء الرسمية التونسية أن رسالة بوتفليقة تطرقت إلى الأحداث التي شهدتها منطقة القبائل أخيراً، وأوضاع الاتحاد المغاربي والحوار الأوروبي - المتوسطي المعروف ب"مسار برشلونة" والذي تشارك فيه كل من تونسوالجزائر إلى جانب ستة بلدان عربية أخرى، وكذلك الأوضاع في فلسطينالمحتلة وتعثر مسيرة السلام. وكان بن علي تلقى رسالة من الرئيس الموريتاني معاوية ولد طايع نقلها وزير الخارجية الموريتاني السيد الداه ولد عبدي الذي سبقت زيارته لتونس زيارة نظيره الجزائري بلخادم بأربع وعشرين ساعة. ولم ترشح معلومات عن مضمون الرسالة، إلا أن مصادر مطلعة رجحت أنها تتعلق بشرح الموقف الموريتاني الذي خالف الاجماع العربي في شأن قطع الاتصالات مع إسرائيل، وكذلك الأوضاع المغاربية والمساعي الجارية لتنشيط مؤسسات اتحاد المغرب العربي. وعلى صعيد العلاقات مع الجزائر، رأس الوزير بلخادم ونظيره التونسي حبيب بن يحيى أمس اجتماع "لجنة المشاورات السياسية" التي تمهد لاجتماع الدورة الجديدة للجنة العليا المشتركة. وعلم أن اللجنة ستعقد اجتماعاتها يومي 16 و17 من الشهر الجاري في الجزائر العاصمة برئاسة رئيس الحكومة الجزائري السيد علي بن فليس والوزير الأول التونسي السيد محمد الغنوشي. وهذا هو الاجتماع الأول للجنة منذ مجيء رئيس الحكومة الجزائري السابق أحمد أويحيى إلى تونس في العام 1996، حيث رأس مع نظيره آنذاك حامد القروي اجتماعات الدورة السابقة للجنة العليا المشتركة، ووضعا خططاً لتكثيف التعاون في غير قطاع. إلا أن التعاون انتكس لاحقاً وجمد الجزائريون مستورداتهم من تونس بسبب خلاف على تنفيذ الامتيازات الممنوحة للمنتوجات ذات المنشأ الوطني. وأعطت زيارة بوتفليقة لتونس العام الماضي دفعة قوية للعلاقات الثنائية من دون أن تبدد السحب التي عطلت اجتماع اللجنة العليا التي حاول الطرفان جمعها قبيل الزيارة أو بعدها لكن من دون جدوى، لأن الطريق لم تكن ممهدة بالقدر الكافي لإزاحة العقبات المتصلة بتسهيل المبادلات التجارية وتصفية أوضاع مؤسسات صناعية ومصرفية مشتركة انشئت في الثمانينات، إلا أنها تعاني صعوبات كبيرة حملت الجانبين على التخطيط للتخلص من أعبائها. وعكس التركيز على العلاقات الثنائية استمرار الصعوبات التي يشهدها الاتحاد المغاربي بسبب استحالة الوصول إلى حل سياسي لقضية الصحراء الغربية وتعثر الجهود الرامية أمام "حل ثالث" يقوم على منح سكان الصحراء حكماً ذاتياً موسعاً. وقال مراقبون للشؤون المغاربية إن تطوير التعاون الثنائي هو الخيار الوحيد المتاح أمام العواصم المغاربية في الوقت الراهن، مما يعني استمرار تجميد المؤسسات المشتركة، وفي مقدمها الأمانة العامة للاتحاد مقرها في الرباط والتي انتهت ولاية أمينها العام التونسي محمد عمامو ستة أعوام من دون الاتفاق على من سيحل محله.