"حوار بين العود والايقاعات" هو عنوان اسطوانة سي دي صدرت حديثاً للموسيقي والعازف الراحل منير بشير عن شركة "صوت الشرق" عبدالله شاهين وأولاده. وتضم ثلاث مقطوعات: حوار بين العود والايقاعات، ليال رقصة عربية، من وحي بابل. وضمت الاسطوانة كراساً صغيراً يعرّف بالفنان وأعماله. وجاء فيه: "ينحدر منير بشير من عائلة موسيقية في مدينة الموصل في العراق. ولد سنة 1930 وتلقى دروسه الموسيقية خلال ستة اعوام في معهد الموسيقى العربية في بغداد حيث تعهده بالعناية الفنية والتوجيه الثقافي التربوي المعلم الفذ الشريف محيي الدين حيدر بآلتي العود والتشيلو. ومنذ وقت مبكر اخذ منير بشير بلب مستمعيه العرب بعزفه الاخاذ وموهبة تمكنه من التنقل وفق هواه بين المقامات العراقية والشرقية الموسيقية. ويعد بشير معلماً اكبر في العزف على العود في العالم العربي ووجهاً رائداً للتقليد الموسيقي بفن المقام. والمقامات كما يؤديها تأملية الفور فلسفية التفكير من خلال العود وبها يعبر منير عن صوفيته. اما موسيقاه فتنبع من القلب وتناجيه وتلد من الفكر وتحاوره ومن ثم يعلو منير بشير بموسيقاه فوق هذه الازدواجية ويتجاوزها ليصبح فنه كما هو موسيقى الحكمة ووليدة الوحدة. ويستلهم منير بشير موسيقاه الحقيقية من الموسيقى العربية الاصيلة فإنه يطوع البنية النموذجية للمقام ويخلق جواً مشحوناً بالعواطف يحس به مستمعوه من العرب وغير العرب. في كل حفلاته يعزف منير بشير تقاسيم العود الموسيقية التقليدية. والتقسيم الموسيقي الشرقي هو التعبير من خلال الآلة الموسيقية عن النموذج المكاني الصوتي للبنية المعروفة بالمقام. وهو ليس عازفاً مبدعاً فحسب بل هو مفكر حضاري يضرب بأفكاره وأوتار عوده في أغوار التاريخ الفني والحضاري لبلاده وأمته ليميط اللثام عن جذور الموسيقى العالمية. إن الموسيقى عند منير بشير مدخل الى معرفة الذات الحضارية وأداة للتواصل مع التاريخ القديم. والموسيقى في الوقت نفسه عنده وسيلة التهذيب الروحي تناغم الشعور وتجاوز اللاشعور. وتمثل الوقفات الطويلة خلال حفلاته اكثر اللحظات اثارة في ادائه للمقام وتحس وكأن منير بشير في هذه اللحظات يفلت من مستمعيه بالمعنى الزمني. وما من احد استمع لمنير بشير الا ووافق النقاد الذي اسموه رسول الاداء التقليدي ومبدع الموسيقى الكلاسيكية العربية والمعلم والفنان وأمير العود. وأمام اشكالية التراث والمعاصرة لم يقف منير بشير منفعلاً بل انه استنبط حلاً مقنعاً ومرضياً لمسألة التواصل في حركة الموسيقى التقليدية العربية اعتبرها كثيرون زمناً طويلاً ومستحيلة وذلك بايجاد طرقاً لابتكار جديد لا ينتهك القديم ولا يقوض ما هو نموذجي الاصالة". ويجسد عمل بشير وفكره الموسيقيان ابلغ تجسيد الصلة الحية بين العصرية والتطبيق بين الروح والمادة بين القلب والعقل. انه وقد نضج علماً ودراية وخبرة في الحياة وسيراً في التاريخ وانصهاراً في الحضارة يرسي قواعد للتأليف الموسيقي الآلي العربي ليوسع دائرة الموسيقى العالمية التأملية منها والتصوفية. واذ يكشف منير بشير عن هذا الجانب الشخصي المبدع والعالمي في الوقت نفسه من التأليف الموسيقي فإنه يرى في ادائه عن هذا مواصلة وتطويراً للتراث الوطني الموسيقي.