أفادت مصادر في منطقة القبائل أن غالبية السكان استجابوا، أمس، إلى نداءات بالإضراب وجهتها تنسيقات محلية انبثقت عن الأحداث المأسوية التي عرفتها منطقة القبائل أخيراً. وذكر شهود عيان أن غالبية المحلات التجارية والمدارس بقيت مغلقة في إطار حركة احتجاجية تشمل ولايات منطقة القبائل لمدة ستة أيام كاملة للمطالبة برحيل فرق الدرك الوطني تابعة لوزارة الدفاع الوطني ووزير الداخلية السيد يزيد زرهوني بسبب مواقفهم من الأحداث التي أدت إلى مقتل 65 وجرح أكثر من 700. وقد أثر هذا الإجراء على مظاهر الحياة في المنطقة التي بدت مشلولة بسبب استجابة غالبية السكان لهذه النداءات من جهة، ولانصراف السكان الى المشاركة في مراسيم تأبين الذين قتلوا على أيدي قوات الأمن من جهة اخرى. من جانب آخر كشفت جبهة القوى الاشتراكية عن توجيهها مذكرة إلى "الجنرالات أصحاب القرار" في الحكم الجزائري تتعلق بجملة من المطالب التي من شأنها، المساهمة في وضع حد للمأساة التي تعرفها الجزائر منذ سنوات. وهذه المرة الأولى التي يلجأ فيها حزب سياسي معتمد إلى مراسلة الجنرالات الفاعلين في الحكم قادة الاستخبارات العسكرية بدل بقية مؤسسات الدولة مثل الرئاسة أو وزارة الداخلية، وهي المؤسسات المكلفة أساسا بالتعامل مع التشكيلات السياسية. وتشمل هذه المذكرة التي يتوقع أن يكشف مضمونها الكامل قريبا سلسلة من الاقتراحات أبرزها رفع حال الطوارئ وفتح الأجهزة الإعلامية الحكومية مثل التلفزة أمام الأحزاب وفتح المجال أمام القوى السياسية للمساهمة في وضع حد لتردي الوضع. على صعيد آخراف ب، لم تستغرب الاوساط السياسية والصحافية في الجزائر اعترافات الجنرال الفرنسي بول اوساريس الذي عذب حتى الموت خلال معركة الجزائر في 1957 المسؤول في جبهة التحرير الوطني العربي بن مهيدي. فبعد بيان المكتب السياسي لجبهة التحرير الذي قال ان هذه الاعترافات "تضع فرنسا مجددا امام واقع الجرائم التي ارتكبت باسمها" وطالب بمحاكمة "مرتكبي الجرائم" في الجزائر، خلال حرب الاستقلال 1954 -1962 بتهمة "ارتكاب جرائم ضد البشرية"، قال علي كربوة السكرتير الاول لجبهة القوى الاشتراكية ان "الاعترافات التي ادلى بها اوساريس لا تفاجىء اولئك الذين كانوا يشكون فيها"، معتبرا الامر في الوقت الراهن "قضية فرنسية - فرنسية". ولفتت الصحافة الخاصة الى "صمت" السلطات الجزائرية حيال كتاب اوساريس. وكتبت صحيفة "لو جون اندبندان" ان "السلطة الجزائرية تلزم صمتا تاما" ازاء هذه القضية. واشارت "لوتانتيك" الى ان السلطات تبنت الموقف نفسه في تشرين الثاني نوفمبر 2000 حين اعترف اوساريس والمسؤول عنه خلال خدمته في الجزائر الجنرال جاك ماسو، قائد كتيبة المظليين العاشرة الذي كلفته الحكومة الفرنسية وقف عمليات جبهة التحرير الوطني في الجزائر، بارتكاب اعمال تعذيب فقط. واعتبرت الصحيفة ان السلطات اعتمدت هذا الموقف لانها "اضعفت" هي ايضا مؤخرا بعد رفع دعويين في فرنسا بتهمة التعذيب ضد الجنرال المتقاعد خالد نزار الرجل القوي السابق في السلطة في مطلع التسعينات. واكدت صحيفة "ليكسبرسيون" ان "المنفذ السابق للاعمال القذرة للحكومة الاشتراكية بين 1955 و1957 يسمح لنفسه الان بان يظهر منسقا للاعمال الجيدة والسيئة لبلدين في حرب، وفي اهانة تامة، يحكم على الصراعات السياسية الحالية". من جهتها قالت صحيفة "ليبرتيه" ان "الجدل الفرنسي-الفرنسي حول التعذيب في الجزائر ... قد استؤنف مجددا. قد يكون ذلك مؤشرا جيدا للحملة الانتخابية التي بدات ترتسم" للعام 2002 في فرنسا.