رفض زعيم "الحركة الشعبية لتحرير السودان" العقيد جون قرنق وساطة زعيم حزب الامة المعارض السيد الصادق المهدي، في لقاء جمعهما مع الرئيس النيجيري اوليسيغون اوباسانجو في ابوجا، واكد ان "المهدي لا يمكن ان يفاوض نيابة عن نظام" الرئيس عمر البشير. وسارع حزب المهدي الى اتهام قرنق ب "السلبية" ازاء مساعي السلام. في غضون ذلك صعدت الحكومة السودانية حملتها على حزب المؤتمر الشعبي المعارض واعتقلت اعضاء المكتب السياسي للحزب الذي اعتقل زعيمه الدكتور حسن الترابي لتوقيع مسؤولين في حزبه مذكرة تفاهم مع قرنق. ورد المهدي في تصريح الى"الحياة" في اتصال هاتفي من ابوجا مساء امس على اعلان قرنق انه اتفق معه على عقد اجتماع بين تنظيميهما للبحث في "آليات النضال وعودة حزب الامة الى التجمع الوطني الديموقراطي"، فقال المهدي انه ابلغ قرنق اعتباره ان "التجمع مرحلة تجاوزها الزمن ولا معنى لدخوله او للمشاركة فيه"، واضاف: "اتفاقنا تم على تعاون في تحقيق السلام العادل والتحول الديموقراطي والضمانات لتنفيذ ذلك". ورفض بشدة القول انه اتفق مع قرنق على مناقشة آليات النضال، "لاننا نتحدث عن وقف النار ونبذ العنف والتحول الديموقراطي، ولا معنى للكلام عن التجمع ولا معنى لاساليب النضال الاخرى لأننا نتحدث عن وقف النار ونبذ العنف". واعتبر ان في اعلان الحركة الشعبية ذلك "تزييفاً"، واكد انه سيطلب من الوسطاء النيجيريين الذين حضروا الاجتماع توضيح ذلك. وكان قرنق اعلن عقب الاجتماع ليل الخميس ان المهدي قدم اقتراحاً بعقد لقاء جامع بين المعارضة والحكومة للاتفاق على ثلاث قضايا هي: السلام والديموقراطية وضمانات تنفيذ الاتفاق. لكن قرنق رد معتبراً ان هناك اتفاق اصلاً بين حركته وحزب الامة في شأن هذه القضايا، وان هناك اتفاقات موقعة في هذا الشأن، مشيراً الى ان الخلاف مع الحكومة "التي بيدها السلطة. كان يمكن للمهدي ان يعطي قولاً فصلاً عندما كان رئيساً للوزراء 1986 - 1989 اما الآن فالطرف الذي يجب ان يعطي موقفاً صريحاً هو النظام، والمهدي لا يمكن ان يفاوض نيابة عن النظام او ان يكون ضامناً له". وسأل قرنق المهدي لماذا "لم ينفذ النظام الاتفاق الذي وقعه معه في جيبوتي" عام 1999، واشار الى حركته اجرت 17 جولة من المفاوضات مع الخرطوم من دون تحقيق تقدم. وقال الناطق باسم الحركة ياسر عرمان في بيان ان هناك قنوات مفتوحة بين الخرطوم والحركة عبر المبادرات المطروحة "ولا يحتاجان لقيام حزب معارض بالتنسيق مع النظام والتوسط بينه والمعارضة. هذا امر لا معنى له". واعتبر عرمان في تصريحات الى "الحياة" امس ان "طرح المهدي مربك فهو لم يشارك في الحكم ولم يتخل عن اتفاق جيبوتي، ويتحدث يومياً عن تنسيق مع الحكومة، وهو خرج من التجمع ولم يتخل عن قرارات المعارضة". واوضح ان لقاء ابوجا توصل الى اتفاق بين الطرفين على لقاء يحضره ثلاثة ممثلين عن كل من الجانبين في نهاية حزيران يونيو المقبل "لمناقشة "آليات النضال وعودة حزب الامة الى التجمع". ووصف نائب رئيس حزب الامة الدكتور عمر نورالدائم اعلان قرنق بأنه "سلبي". واعتبر في تصريحات الى "الحياة" ان موقف الحركة لم يتطور ولم يتغير ولا جديد فيه خصوصاً تجاه القضايا الاساسية في مسألة الحرب في الجنوب، اذ لا تزال متمسكة بالأجندة الحربية". ووصف قول قرنق ان المهدي كان يستطيع حل القضية عندما كان رئيساً للوزراء بأنه "غريب". ورأى ان الحركة "سعت الى مجاملة اباسانغو لكنها لم تعكس جدية في الحوار لانهاء الحرب". حزب الترابي من جهة أخرى، اقدمت الحكومة السودانية على تصعيد جديد مع حزب المؤتمر الشعبي باعتقالها غالبية اعضاء مكتبه السياسي اثناء اجتماع عقده الحزب مساء الخميس. ولم تصدر عن السلطات حتى مساء امس اي توضيحات للخطوة. ودهمت الاجتماع قوة مؤلفة من ثماني سيارات محملة بالجنود، واعتقلت جميع الحضور باستثناء القيادي ياسين عمر الامام وسيدتين من اعضاء المكتب. وافرجت السلطات في وقت لاحق عن 5 من المعتقلين ابرزهم نائب الامين العام عبدالله حسن احمد وعبدالله سليمان العوض وموسى حسين ضرار وصديق حسن الترابي. وعلم ان المعتقلين الجدد نقلوا الى سجن كوبر حيث يوجد الترابي وعدد من القياديين منذ 22 شباط فبراير الماضي. وقال الامام ل "الحياة" في الخرطوم امس ان عملية الدهم تمت اثناء انعقاد اجتماع دوري معلن للمكتب في منزل رئيسه. واوضح "الحكومة تريد تعطيل نشاط المؤتمر الشعبي بعد فشلها في بناء الحزب الحاكم"، ولاحظ ان "البلاد باتت تحكمها سلطات الامن في غياب وجود سياسي شعبي فعال". وشدد على ان حزبه "لن يوقف نشاطه سراً او علناً". والمعتقلون الجدد هم عبدالله دينغ نيال رئيس مجلس الشورى وحسن ساتي رئيس المكتب والاعضاء محمد الحسن الامين وبشير آدم رحمة والدكتور الحاج آدم واسماعيل حسين وحسن صباحي وعبد المنعم ابو بكر وخالد اوناكي وعيسى بشري اضافة الى عضوين في سكرتاريا المكتب. وكانت السلطات اعتقلت صباح الخميس 40 من طلاب الجامعة الاهلية الموالين للحزب اثناء اجتماع عقدوه في جزيرة توتي في الخرطوم.