} جرت اشتباكات في الخرطوم امس بين انصار زعيم حزب المؤتمر الوطني الشعبي الدكتور حسن الترابي، المعتقل بسبب توقيع حزبه اتفاقاً مع حركة المتمردين الجنوبيين برئاسة جون قرنق، وبين مؤيدي الحزب الحاكم في مسجد جامعة الخرطوم عقب صلاة الجمعة، وتبادل الطرفان الاتهامات والملاسنات الحادة حتى اوشكت شرطة الطوارئ التي كانت تراقب الموقف على التدخل. كما اعتقلت السلطات شقيق الترابي السيد عبدالحليم عقب صلاة الجمعة في مسجد النيلين. جرت امس مشاحنات بين انصار حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان وانصار زعيم المؤتمر الوطني الشعبي الدكتور حسن الترابي في مسجد جامعة الخرطوم، وبدأ التوتر بينهما عندما وزعا بيانين متعارضين، ومزق انصار الترابي بياناً اصدره الطلاب المنتمون الى الحزب الحاكم، مما دفعهم الى ترديد هتافات مناهضة لاتفاق الترابي - قرنق واعتبروه "خيانة للدين والوطن"، ومن هتافاتهم "لا لا للعملاء.. لا لا للمتخاذلين.. لا لا للموقعين"، بينما بادلهم انصار المؤتمر الشعبي بهتافات مضادة تنتقد الحكومة وقمع الحريات، واعتقال معارضيها "حكومة ذليلة يجب تبديلها.. الترابي شيخ الدين وامام الحريات.. لا لا للغرباء.. لا لا للدخلاء" واشتبك بعض الطلاب من الجانبين من دون تسجيل اصابات بينهم. وقطعت السلطات التيار الكهربائي عن المسجد لمنع استخدام مكبرات الصوت، وخاطب المصلين عقب الصلاة داخل المسجد مسؤول الشباب في المؤتمر الشعبي زهير حامد متهماً الحزب الحاكم بأنه "ناقش في مكتبه القيادي تقديم الترابي الى محاكمة لإعدامه"، وقال "ان ذلك وجد معارضة عضوين في المكتب هما نائب المسؤول السياسي احمد عبدالرحمن ومحمد يوسف محمد". واضاف ان المؤتمر الشعبي سيعمل على اسقاط الحكومة بالتظاهرات والعمل السلمي، وذكر ان ثلاثة من المعتقلين نقلوا من سجن كوبر الى جهة غير معروفة، وهم الصافي نور الدين، وعمر عبدالمعروف وصديق الاحمر. واشار الى ان مسؤولين في السلطة سيستقيلون احتجاجاً على ممارسات الحكومة، لكنه لم يحدد اسماءهم. وتجمع مؤيدو الحكومة في باحة المسجد مستنكرين تمزيق بيانهم، ووصفوا العمل بانه اسلوب بربري، وهددوا بالمعاملة بالمثل، وانتقدوا اتفاق الترابي - قرنق واعتبروه تراجعاً عن مبادئ الاسلام. وكثّفت شرطة الطوارئ وجودها قرب سور المسجد بسيارات عسكرية تقل جنوداً مدججين بالسلاح والقنابل المسيلة للدموع، وانتشروا من مدخل جسر النيل الازرق حتى المسجد وحوله والطريق المؤدي الى داخل الخرطوم، وكان رجال الامن يراقبون مداخل المسجد ويفتشون حقائب المصلين قبل دخولهم. الى ذلك، اعتقلت السلطات عبدالحليم الترابي شقيق زعيم المؤتمر الشعبي حسن الترابي الذي خاطب المصلين عقب صلاة الجمعة في مسجد النيلين في ام درمان الملحق بجامعة القرآن الكريم. وكان عبدالحليم يرد على خطيب المسجد الذي انتقد الاتفاق بين المؤتمر الشعبي و"الحركة الشعبية" قبل اعتقاله. واعتبر وزير الاعلام الدكتور غازي صلاح الدين قضية الترابي وحزبه "ملفاً امنياً". وقال للصحافيين عقب اجتماع الامانة السياسية للحزب الحاكم التي يرأسها اول من امس "ان الدولة تتعامل في المرحلة الاولى تعاملاً امنياً مباشراً مع اتفاق المؤتمر والحركة لانه يعلن الحرب عليها عبر آليات تنفيذية وآليات متابعة"، مشيراً الى ان الاجراءات القانونية تأتي لاحقاً. واضاف: "اننا نحترم الدستور وسيحاكم قادة المؤتمر الشعبي وفق الدستور والقانون ولا كبير على القانون"، نافياً اتهامات نائب الامين العام للمؤتمر الشعبي الدكتور علي الحاج بأن الحكومة تخطط لاقصاء الترابي عن الساحة السياسية باعدامه، مؤكداً انه لم يبدر من الحكومة ما يوحي بذلك. واتهم صلاح الدين "جماعة الشعبي" بعدم احترام القانون والعمل بغير مقتضاه، ونفى تجاوز الحكومة للدستور بوضع حراسة مشددة على مقار الحزب وتعطيل صحيفته عن الصدور، ونفى ان يكون الحزب الحاكم صار معزولاً بعد اتفاق حزب الامة مع الحزب الاتحادي الديموقراطي الذي وقعه زعيم "الامة" الصادق المهدي ورئيس "الاتحادي" محمد عثمان الميرغني في القاهرة الخميس الماضي، واتفاق الترابي - قرنق، موضحاً ان اتفاق جنيف حوى اجندة حزبية قربت حزب الامة الى الحكومة اكثر من قبل، وان التجمع الوطني الديموقراطي المعارض ينظر الى الاتفاق باعتبار "ان طرفيه انفصاليان". وقال ان تركيز مذكرة التفاهم "بصورة مريبة" على تقرير المصير والنظام الاتحادي يشير الى "ان المؤتمر الشعبي باع المشروع الانفصالي للحركة حتى يتقرّب به الى الغرب". وأبدى ترحيب الحكومة، بتحفظ، "باتفاق حزبي الامة والاتحادي الديموقراطي"، وقال "ان ترحيب الحكومة اذا قارب الطرف الآخر الحزب الاتحادي المسيرة السياسية باطروحات معقولة"، لكنه اكد "ان الحكومة قطعت شوطاً طويلاً مع حزب الامة في تحديد وتعريف القضايا الجوهرية والتعامل معها". ووصف ذلك بأنه "مكسب كبير ستبني عليه الحكومة في المستقبل". وعلى الصعيد ذاته، اعتبر المسؤول السياسي المناوب في الحزب الحاكم احمد عبدالرحمن ان اتفاق المهدي - الميرغني لم يأت بجديد، وقال "ان اي سلام مؤثر ينبغي ان يتم من الداخل"، ودعا قادة الاحزاب السياسية في الخارج الى اتباع القول بالعمل وإعادة قراءة الاوضاع داخل السودان، واشار الى حال الطوارئ التي دعا الاتفاق الى رفعها امام البرلمان، ووصف الحديث عن المعتقلين السياسيين بأنه نسبي مقارنة بعددهم في الدول التي ينطلق منها نشاط المعارضة.