وسط أنباء عن محادثات فلسطينية - إسرائيلية سرية في قبرص، بث التلفزيون الإسرائيلي أمس أن رئيس الوزراء ارييل شارون اتفق مع وزير دفاعه العمالي بنيامين بن اليعيزر على اطلاق يد الجيش ضد الفلسطينيين. وأوضحت القناة الأولى في التلفزيون الإسرائيلي ان الاتفاق على اعطاء الجيش "حرية عمل واسعة تفوق كل تصور" بين شارون وبن اليعيزر تم أول من أمس، أي قبل ساعات من العدوان الواسع الذي شنته قوات الاحتلال فجر أمس على مخيم رفح للاجئين جنوب قطاع غزة، والذي قتل الجيش خلاله فلسطينياً وجرح 17 آخرين وسوّى نحو 18 منزلاً بالأرض. واعربت واشنطن عن اسفها للتوغل الاسرائيلي في رفح مشددة على ان هذا النوع من العمليات "يقوض الجهود المبذولة لتهدئة الوضع ووضع حد للعنف" راجع ص 3 و4. وافاد التلفزيون الاسرائيلي ان شارون شرح لمجلس المستوطنين خلال زيارته لمستوطنة "عوفرا" قرب رام الله في الضفة الغربية، حيث عقد أيضاً اجتماعاً للجنة الوزارية الأمنية المصغرة، انه يؤيد إعادة احتلال مناطق خاضعة كلياً للسلطة الفلسطينية مصنفة مناطق أ حسب اتفاق أوسلو "ولكن ليس في النهار". وفسر مراقبون كلام شارون بانه يعني أن قوات الاحتلال ستنفد اعتداءاتها على الفلسطينيين ليلاً لتجنب أي رقابة من وسائل الإعلام. وقال نائب رئيس الحكومة سلفان شالوم للتلفزيون الإسرائيلي مساء أمس: "اليوم اعطينا تعليماتنا للجيش بوضع حد سريع وليس تدريجياً للارهاب. لقد أبلغنا رئيس الأركان الجنرال شاؤل موفاز ان الحكومة السابقة رفضت تبني اقتراحات للرد العسكري قدمناها لها وعليه فإن الجيش سيقوم الآن بعمليات لم يسمح له القيام بها في عهد باراك". وأضاف: "لن تكون حصانة لأي شخص في السلطة يثبت ضلوعه في الارهاب. اليوم كل المنظمات الفلسطينية تعمل كمنظمة واحدة. وسيفهم عرفات حقيقة أن في إسرائيل حكومة جديدة". وقالت مصادر مطلعة ل"الحياة" إن مسؤولين فلسطينيين وآخرين إسرائيليين يعقدون محادثات سرية في قبرص تحت رعاية أميركية. وأكد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس ابو مازن أمس أن المبادرة المصرية - الأردنية هي الحل الوحيد الذي يمكن التعاطي معه للخروج من الوضع الحالي. وقال "أبو مازن" للاذاعة الفلسطينية إن الفلسطينيين يرفضون أي تعديلات تحاول اسرائيل ادخالها على هذ المبادرة والتي تعني نسفها بالكامل. وفي رده على سؤال، قال المسؤول الفلسطيني إن "المبادرة لم تنته لأن الحديث بشأنها ما زال جارياً... والاسرائيليون لم يردوا عليها بعد وما زالت الكرة في ملعبهم". وأشار إلى "أصوات داخل اسرائيل وفي الولاياتالمتحدة" بدأت تدرك ان الحكومة الاسرائيلية "هي التي تعرقل المبادرات السياسية". وذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أمس أن وزير الخارجية الإسرائيلي شمعون بيريز اقنع شارون بالرد على المبادرة الأردنية - المصرية ب"نعم ولكن"، مشيرة إلى أن بيريز أجرى في الوقت ذاته محادثات مع رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني أحمد قريع أبو علاء بمساعدة اوري سافير ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لعملية السلام تيري رود لارسن. وقال وزير العدل الفلسطيني فريح أبو مدين ل"الحياة" أمس في غزة إن "أبو علاء" التقى بيريز بهدف "البحث في آليات تنفيذ المبادرة الأردنية - المصرية على الأرض". وأضاف ان "أبو علاء" اراد معرفة حقيقة الموقف الإسرائيلي من المبادرة "وتبين للجانب الفلسطيني ان إسرائيل لا تريد السلام، بل تريد منا أن نرفع الرايات البيض". ونفى أن يكون "أبو علاء" توصل إلى أي شيء "سواء كان مكتوباً أو غير مكتوب". بيريز في واشنطن وفي واشنطن أجرى وزير خارجية إسرائيل شمعون بيريز محادثات مع وزير الخارجية الأميركي كولن باول تناولت الجهود المصرية - الأردنية للتوصل إلى وقف أعمال العنف واطلاق العملية السياسية. ومن المتوقع أن يلتقي بيريز اليوم مع الرئيس جورج بوش ومستشارة الأمن القومي كوندوليزا رايس. وعلمت "الحياة" أن تقرير "لجنة ميتشل" سيعلن قريباً، وأن هذا التقرير سيرسل إلى الطرفين لتدوين ملاحظاتهما عليه، كما تم الاتفاق حين شكلت اللجنة. وأضافت مصادر أميركية رسمية أن تقرير اللجنة سيطرح الكثير من الأسئلة التي لم يجب الطرفان عنها، وتوقعت أن يغضب التقرير الطرفين. من جهة أخرى، دعا بيريز إلى انسحاب القوات السورية من لبنان "خصوصاً أن سورية وعدت بالقيام بذلك حين تنسحب إسرائيل". وقال بيريز في محاضرة في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إنه سيكرر أمام الإدارة ضرورة "مساعدة لبنان على استعادة استقلاله والحفاظ على وحدة أراضيه". واتهم سورية بأنها "لا تسمح للبنان بنشر قواته في الجنوب على الحدود مع إسرائيل". وبالنسبة إلى المفاوضات مع الفلسطينيين، قال بيريز: "هناك من يقول إن من الصعب التفاوض في مرحلة العنف والارهاب... ومع ذلك آمل بأن يبدأ ذلك قريباً". وتابع ان استئناف المفاوضات سيبدأ، والهدف هو القضايا النهائية "لكن الخطوة الأولى هي تطبيق الاتفاقات الموقعة". وأكد أن إسرائيل تجري محادثات "خاصة" مع الفلسطينيين، وأن الفلسطينيين لا يريدون الافصاح عنها، لأنهم "يخشون خيبة الأمل". وأشار إلى أن "أوسلو لم يمت".