تعرضت مستوطنات يهودية في قطاع غزة الى ثلاث دفعات من قذائف "الهاون" خلال بضع ساعات امس، واجرى كولن باول وزير الخارجية الاميركي اتصالاً هاتفياً مع الرئيس ياسر عرفات، فيما يستعد شمعون بيريز وزير خارجية اسرائيل لزيارة القاهرة اليوم قبل عمان، لبحث المبادرة المصرية الاردنية الداعية الى وقف المواجهات وعودة الفلسطينيين والاسرائيليين الى طاولة المفاوضات، وهي زيارة لا يتوقع لها المسؤولون العرب او الفلسطينيون نجاحاً يذكر، بسبب شروط رئيس الوزراء آرييل شارون لتعديل ورقة المبادرة، بما يؤدي الى نسفها. وسيتوجه بيريز من عمان الى واشنطن للقاء باول الذي ينتظر منه الجواب الاسرائيلي على المبادرة التي تحظى برضا اميركي. وكان اللافت امس صدور بيان في غزة يعلن مسؤولية حركة "فتح" عن قصف مستوطنات اسرائيلية بقذائف "هاون" وذلك "رداً على المجزرة البشعة التي أودت بحياة ابطالنا الأربعة في رفح" اول من امس. وحمّل شارون السلطة الفلسطينية المسؤولية، وتوعد برد "في الوقت المناسب". لكن مسؤولاً كبيراً في حركة "فتح" نفى في اتصال هاتفي اجرته "الحياة" ان تكون الحركة اصدرت بياناً يعلن تبني اطلاق قذائف "الهاون"، وقال: "هذا البيان محاولة لتوريط حركة فتح من قبل جهة ما"، واضاف "عرفات غاضب، ونحن ندرس الوضع على الارض لمعرفة حقيقة الموضوع". وكان عرفات اصدر قبل يومين أوامر بوقف القصف بقذائف الهاون الذي بادرت اليه جهات اخرى، بينما وصف مسؤول عسكري اسرائيلي امس الهجمات الجديدة بالهاون على انها "عمل ترهيب غير مقبول" راجع ص 4 . وفي ظل الوضع المتوتر على الارض، سيصل بيريز الى القاهرة اليوم ليلتقي مع الرئيس حسني مبارك العائد لتوه من زيارة موسكو التي اعلنت تأييدها للمبادرة المصرية الاردنية، بينما يتركز جهد بيريز على طلب تعديل هذه المبادرة. مصادر فلسطينية عالية المستوى اعربت ل"الحياة" عن تشاؤمها من نتائج زيارة بيريز ومحادثاته وقالت انه سينقل مطالب شارون لتعديل الورقة وهي مطالب اصبحت معروفة وتنسف الورقة من اساسها، ولخصت المصادر مطالب شارون كما يلي: اولاً: الموافقة على استمرار الاستيطان تحت صيغة "النمو الطبيعي للمستوطنات". ثانياً: الاكتفاء بخطوات انتقالية تحت ظل الاحتلال، مع عرض مشروع للتسوية هو المشروع الذي اعلن عنه شارون منذ اسابيع دولة فلسطينية على 42 في المئة من الارض. ووصفت المصادر تعديلات شارون بأنها تسعى لفرض "عملية سلام جديدة" تكون بديلاً عن عملية السلام السابقة كلها، وهو ما يرفضه الفلسطينيون والعرب. وكانت اذاعة الجيش الاسرائيلي أفادت مساء اول من امس ان شارون يعتزم الحصول على تغييرات في نقاط المبادرة تتركز على ما يلي: - ان لا تلحظ الوقف الكامل للاستيطان. - ان لا يتم تحديد سقف زمني للتوصل الى اتفاق حول الحل النهائي. - تأييد ابرام اتفاقات انتقالية على المدى الطويل. - التركيز على "وقف الارهاب والعنف" اولاً. ويذكر ان زيارة بيريز الى القاهرة ستكون الاتصال الاول المباشر بين البلدين منذ وصول شارون الى السلطة قبل حوالى شهرين. ويأمل المسؤولون المصريون ان يردّ بيريز على المبادرة المعروضة "بشكل يقنعهم بأن السلام ممكن مع شارون". واعتبرت وسائل الاعلام المصرية الاهرام ان الزيارة تشكّل "اعترافاً صريحاً بفشل سياسة القمع والغطرسة الاسرائيلية". وعلمت "الحياة" ان السلطة الفلسطينية اوفدت صائب عريقات كبير المفاوضين الى كل من عمانوالقاهرة، لتأكيد الموقف الفلسطيني الرافض لاجراء تعديلات تنسف جوهر الورقة المصرية الاردنية. وقالت مصادر عربية في مقر الاممالمتحدة في نيويورك، ان الطرف العربي "سيكون متنبهاً" لنوايا الحكومة الاسرائيلية، وما اذا كانت تريد "التعامل بجدية" مع الاقتراحات او "مجرد التظاهر بالبحث، بينما الهدف هو شراء الوقت فقط". الى ذلك، قالت المصادر الفلسطينية ل"الحياة" انها فقدت الثقة بالكامل بتوجهات بيريز ونياته، وذكرت ان المعلومات المتوافرة لديها تشير الى انه يتكلم بتصلّب شديد حين يلتقي المسؤولين الغربيين في الغرف المغلقة، في محاولة لارضاء شارون، ثم يعتدل في التصريحات العلنية لارضاء الفلسطينيين والعرب. وتابعت ان "لعبة بيريز اصبحت مكشوفة"، ووصفته بأنه "يريد السلطة فقط".