يتجنب رئيس المجلس النيابي نبيه بري الدخول في سجال مباشر مع المصادر المطلعة التي تحدثت عن استياء رئيس الجمهورية إميل لحود من الخطاب الذي القاه باسم حركة "امل" في احتفال الذكرى الأولى لتحرير الجنوب في قصر ال"يونيسكو الجمعة الماضي. لكن بري لم يخف استغرابه لما اعتبرته أوساطه حملة عليه، ونقل عنه النواب أنه مستهدف شخصياً بسبب ما أعلنه في المهرجان في حضور لحود، ولم يعتمد اسلوب "الغمز واللمز" أو توجيه الرسائل غير المباشرة. ويشيرون الى ان بري لن يدخل في مناظرة أو مقارعة مع "المصادر". وعلمت "الحياة" أن بداية التباين بين لحود وبري، اذا كان هناك من تباين، تعود الى أن الأخير كان وجه سؤالاً الى الحكومة يستفسر فيه هل تقع مزارع شبعا ضمن القرار الدولي الرقم 425 أم لا. ونقل النواب عن بري أن لا خلفية سياسية للاستفسار والتشكيك في مواقف رئيس الجمهورية بمقدار ما كان الهدف الاستيضاح عن وجود مذكرة لبنانية وجهت الى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان عن موافقة لبنان على الخط الأزرق. وكان الموضوع طرح على هامش محادثات وزير الخارجية السوري فاروق الشرع عندما زار لحود ناقلاً اليه رسالة من الرئيس بشار الأسد في حضور رئيسي المجلس والحكومة ووزير الخارجية محمود حمود. وأوضح لحود في حينه ان رئيس الحكومة السابق سليم الحص سيصدر بياناً يوضح فيه حقيقة الموقف، فصدر البيان واعتبر لحود ان الأمر انتهى عند حدود هذا التوضيح. لكنه فوجئ بحسب اوساطه بكلام تناقله النواب عن بري الأسبوع الماضي، مشيراً الى ان الموقف ما زال غير واضح ومبهم وانه ينتظر توضيحاً من الحص الذي لم يعلق مكتفياً ببيانه السابق. وطلب لحود من حمود اصدار بيان توضيحي في ضوء المستندات المتوافرة لديه من الخارجية، لكن الأخير فضل ان يأتي من خلال الجلسة الأسبوعية الاخيرة لمجلس الوزراء بعدما تشاور مع بري. وهذا ما حصل. ولأن المسألة قضية قلوب ملآنة بدا لحود غير مرتاح في مهرجان ال"يونيسكو"، من عودة بري الى اثارة قضية الخط الأزرق وحديثه عن "خط الاجهزة"، اضافة الى موقفه من التهديدات الاسرائيلية لسورية وإنماء الجنوب وقضية الامام السيد موسى الصدر التي اتفق بين الرئيسين على تشكيل لجنة تحقيق. وعلم ان لحود يعتبر ان لا تجاهل لقضية الصدر ولا تقليل من أهميتها لذلك وُضعت في اطارها العملي لئلا يلجأ البعض الى استغلالها على نحو يلحق الضرر بالتحضيرات لاستضافة لبنان القمة العربية. وأكد بري أمس خلال استقباله وفداً اعلامياً عربياً ان "الاخطر على لبنان بعد اسرائيل هو الوضع الاقتصادي الذي يحتاج الى تضامن اكبر وخطوات اكثر"، وقال: "مع الأسف، ان ما اتفق عليه في خلوة فقرا بينه وبين رئيس الحكومة رفيق الحريري لا ينفذ وان الحكومة والدولة في شكل عام لم تعالج الموضوع الاقتصادي كما يجب. لدينا سرطان نعالجه بالاسبرين". وأوضح: "ان التضامن اللبناني قائم والحمدلله وهذا لا يعني الا يكون هناك خلاف في وجهات النظر فنحن نفتخر بالاحتكام الفكري، لكن الخلاف في الرأي شيء والخلاف على القضايا الوطنية شيء آخر". وأكد بري ان "مزارع شبعا لبنانية والمقاومة ستستمر حتى تحرير آخر شبر منها". وكان بري تشاور مع الحريري عشية جلسة مناقشة الموازنة المقررة اليوم. وعشية الجلسة النيابية، رأى النائب محمد الصفدي ان الازمة الاقتصادية - الاجتماعية سببها المباشر والأهم الخيارات الاقتصادية والممارسات السياسية ما بين العام 1993 و1998. وقال: "اذ نقف الى جانب الحكومة في سعيها الى الخروج من الحلقة المفرغة، نخاف من ان تتحول هي نفسها الى حكومة لادارة الازمة او ان تصبح هي الازمة". ودعا الى "قراءة هادئة لتجربة 10 سنوات من معاهدة الاخوة والتعاون مع سورية لنصحح نقاط الخلل فيها ونعزز نقاط القوة". ورأى العماد ميشال عون ان "المزايدات في مهاجمة اسرائيل ستار دخاني لتغطية الانسحاب من المواجهة معها. وما يريده النظام السوري وضبط الوضع الأمني على الحدود مع اسرائيل، وتجنب الاحتكاك الفعلي معها، وفي الوقت نفسه ضبط الوضع السياسي الداخلي باسكات المطالبين بخروج قواته من خلال تضخيم هاجس الحرب والافادة من شعار اولوية المواجهة مع اسرائيل". وقال: "بعد ما سمعناه من كلام في ذكرى تحرير الجنوب، نرى ان من المفيد ان يلتزم المسؤولون في كل المواقع بالمقاييس والقياسات المتعارف عليها ليحافظوا على اشكالهم وأحجامهم الطبيعية، ونتساءل للمناسبة الى متى تستمر سورية في هذه اللعبة التي تجعل من لبنان مختبراً لتجاربها يتلقى عنها الصدمات ويدفع الثمن".