بعد يومين فقط من الحكم الذي اصدرته محكمة أمن الدولة العليا في قضية "مركز ابن خلدون"، الذي قضى بإدانة جميع المتهمين في القضية وعلى رأسهم رئيس المركز الدكتور سعد الدين ابراهيم، الذي نال حكماً بالسجن لمدة سبع سنوات، اصدر اتحاد الكُتاب المصريين قراراً بفصل الكاتب علي سالم من عضويته مسجلاً سابقة هي الأولى من نوعها في مصر. وكانت اتحادات وتنظيمات نقابية عدة هددت اعضاءها بالفصل إذا ما أقدموا على التطبيع مع إسرائيل، لكنها لم تفصل أحداً منهم. واستند قرار الاتحاد إلى أن سالم "خالف مرات عدة قرار الجمعية العامة للاتحاد بمنع أي تطبيع مع إسرائيل أو الإسرائيليين"، ووصف سالم القرار بأنه "كارثة" واعتبر انه "يسيء إلى سمعة مصر في الخارج"، مستغرباً صدوره "في توقيت تشن فيه جهات اميركية وغربية حملات عدة على مصر على خلفية الحكم بإدانة سعد الدين إبراهيم". وكان مجلس إدارة الاتحاد الذي يمثل النقابة التي ترعى الكُتاب المصريين عقد اجتماعاً مساء أول من أمس برئاسة السيد فاروق خورشيد ناقش فيه تقريراً أعدته لجنة قانونية شُكلت للبحث في أمر سالم، وانتهى الاجتماع باعتماد قرار الفصل. وقال خورشيد ل"الحياة" إن القرار صدر بالإجماع، مشيراً إلى أن أعضاء في الاتحاد كانوا قدموا قبل أكثر من سنتين شكاوى عدة ضد سالم "بسبب مواقفه المؤيدة للتطبيع مع إسرائيل خلافاً لقرار الجمعية العامة للاتحاد، كذلك سفره الى الدولة العبرية وتعاونه مع كُتاب وجهات ثقافية إسرائيلية، إضافة الى ظهوره على الفضائيات الإسرائيلية"، مشيراً إلى أن الاتحاد "كان حذّر سالم ثم أنذره إلا أنه أصر على مواقفه ولم يتراجع عنها". وأوضح خورشيد أن "لجنة قانونية تابعة للاتحاد درست القضية وأوصت بفصل سالم وأن مجلس إدارة الاتحاد اعتمد التوصية". وربما كانت الصدفة وحدها جعلت القرار يصدر وسط زخم ردود الفعل على الحكم في قضية "مركز ابن خلدون"، إلا أن مراقبين لفتوا الى أن سالم كان طرفاً في القضية على رغم أن لائحة الاتهام فيها خلت من اسمه، إذ كانت النيابة اخضعته للتحقيق في شأن سيناريو فيلم تسجيلي عن الانتخابات ضبط داخل "مركز ابن خلدون" وحمل اسم "ادخل شريكاً... شارك". وتبين أن المركز اتفق مع سالم على كتابته واعتبرت السلطات أن السيناريو "حوى إسقاطات ضد نظام الحكم" و"يسيء إلى صورة مصر في الخارج بانتقاده للنظام الانتخابي والإيحاء بتزوير الانتخابات". وأبدى سالم صدمته لصدور قرار فصله، وتعهد اللجوء إلى القضاء لمحاولة إلغائه، واعتبر أن اتحاد الكتاب "اختار توقيتاً خطيراً لاتخاذ القرار"، لافتاً إلى الحملة الاميركية الغربية في شأن الحكم في قضية مركز ابن خلدون، وقال: "نحن في موقف دفاع ويجب ألا نغذي أي هجوم ضد مصر بإعطاء صورة خاطئة توحي بأن النقابات والكُتاب والاتحادات تطارد انصار السلام والليبراليين"، ونفى أن يكون خضع لأي تحقيق من جانب الاتحاد، أو أن يكون تلقى تحذيرات أو انذارات تتعلق بموقفه من اسرائيل، وقال: "فوجئت بالقرار ولم يبلغني به أحد من المسؤولين في اتحاد الكتاب"، ودافع عن نفسه قائلاً: "أنا أعمل في العلن وأساند أي جهة لتفعيل السلام وشرحت موقفي في مئات المقالات، ولا توجد قوة تجبرني على أن ألغي عقلي لأطالب بالحرب والدمار"، وتساءل: "كيف يتم فصل كاتب من دون تحقيق معه؟"، مشيراً إلى أنه عضو في الاتحاد منذ تأسيسه في منتصف السبعينات، وأضاف: "الاتحاد يمثل نقابة احصل منها على معاش شهري وليس للاتحاد علاقة بالعمل السياسي أو التطبيع أو الحاجات دي"، وتابع: "فوجئت قبل شهور بخبر صغير في إحدى الصحف عن قرب احالتي على مجلس تأديب بدعوى أنني أخالف توجهات الاتحاد ولم يحدث شيء"، وأشار إلى أن كتاباته في الفترة الاخيرة "لم تركز على مسألة السلام أو حتى الأمور السياسية"، وتساءل مجدداً: "هل هي رغبة في إلحاق الأذى بالآخرين؟"، ولفت إلى أن "العالم كله مشغول بقضية سعد الدين ابراهيم وجاء قرار اتحاد الكتاب ليوحي بأن هناك كارثة في مصر ضد الحريات". وكان سالم زار اسرائيل للمرة الاخيرة عقب التحقيق معه في قضية "مركز ابن خلدون" لكنه أكد وقتها أن موعد زيارته حدد سلفاً، وتعرض الكاتب لهجوم عنيف عقب إقدامه في نيسان ابريل العام 1994 على زيارة اسرائيل ازداد بشدة بعدما ضمن وقائع الزيارة في كتاب حمل عنوان "رحلة الى اسرائيل"، وهو شارك في تأسيس "جمعية القاهرة للسلام"، وقال سالم: "منذ ذلك الوقت وأنا أخوض معارك يومية مع المتربصين الذين انتصروا اخيراً بعدما جاءت حكومة شارون الى السلطة في إسرائيل".