صعّدت بغداد لهجتها مهددة بوقف كل أشكال التعامل التجاري مع الدول المجاورة، في حال وافقت على تطبيق المشروع البريطاني - الأميركي لتعديل العقوبات. وتزامن ذلك مع تصعيد روسي مماثل، اذ وصف مسؤول في موسكو المشروع بأنه "غلاف براق لمضمون قبيح"، منتقداً "تراخي" فرنسا في مجلس الأمن، ومحذراً من أن موافقة المجلس على الأفكار الأميركية - البريطانية يمكن أن تؤدي الى "مسلسل عنف" يبلغ ذروته بتوجيه ضربة عسكرية الى العراق، واثارة أزمة اقليمية شاملة راجع ص 3. وقال مصدر رفيع المستوى في البيت الأبيض ل"الحياة" ان واشنطن تركز في هذه المرحلة على تحقيق إجماع في مجلس الأمن، مشيراً الى وجود "مقاومة روسية" للمشروع الذي طرحته بريطانيا، وتحدث عن حوار بين روسيا والولايات المتحدة. في الوقت ذاته دعت تركيا الدول المجاورة للعراق الى "التنسيق" حيال مشروع "العقوبات الذكية"، منتقدة تحميل هذه الدول "أعباء اضافية"، في حين نقلت وكالة "فرانس برس" عن ديبلوماسي غربي في بغداد تحذيره من أن "المواجهة المقبلة" بين العراق ومجلس الأمن ستكون "شديدة وشاملة". ونسبت الوكالة الى الرئيس التركي أحمد نجدت سيزر قوله أمس بعد استقباله في أنقرة وزير الخارجية الأردني عبدالاله الخطيب ان "العقوبات الذكية" يجب "ألا تزيد العبء الذي تتحمله الدول المجاورة" للعراق منذ حرب الخليج، في اشارة الى تركيا والأردن وسورية. وشدد سيزر على الأهمية التي توليها تركيا لوحدة الأراضي العراقية و"تحسين الظروف المعيشية الصعبة" للشعب العراقي. وأشاد الوزير الأردني بتطابق وجهات النظر حيال هذا الموضوع، مؤكداً التزام عمان قرارات الجامعة العربية والتي توصي برفع الحصار عن العراق، وان "من المبكر الحديث عن اتخاذ موقف" من "العقوبات الذكية"، خصوصاً ان المشروع لم يقر بعد. وعلمت "الحياة" ان الجانب التركي أثار خلال محادثات وزير الخارجية الأردني ونظيره التركي اسماعيل جيم مشروع "العقوبات الذكية"، مؤكداً ضرورة التنسيق بين الدول المجاورة للعراق حيال هذه المسألة. وقال مسؤول في الخارجية التركية ل"الحياة" ان انقرة "لا تريد لهذا المشروع ان يظهر في رداء أميركي صرف، ولا بد لتنفيذه من غطاء دولي من أجل ضمان التزام كل الدول". وعلى رغم ان انقرة كانت اعلنت دعمها المشروع، تخشى أن تبقى مضطرة للتنفيذ وحدها، وأن تتحمل دون بقية دول الجوار الخسائر المالية التي ستبلغ بليون دولار سنوياً، في حال نفذت بغداد تهديداتها. وكشف ديبلوماسيون أمس مزيداً من المعلومات عما دار خلال اجتماع نائب رئيس الوزراء العراقي وزير الخارجية بالوكالة طارق عزيز مع السفراء المعتمدين في بغداد. واضافة الى التهديد بوقف برنامج "النفط للغذاء"، لوّح طارق عزيز برحيل موظفي البرنامج التابعين للأمم المتحدة، قائلاً: "سيبقون من دون عمل ورواتب، والأفضل أن يغادروا".