تستعد بريطانيا بالتعاون مع الولاياتالمتحدة لتقديم مشروع قرار الى مجلس الامن في شأن العراق، بهدف التصويت عليه قبل المرحلة المقبلة من برنامج "النفط للغذاء"، التي تبدأ في الرابع من حزيران يونيو، فيما شككت الصين وأعضاء آخرون في المجلس بإمكان صدور القرار بسرعة. وأعلنت باريس انها مستعدة للتعاطي مع الاقتراحات الجديدة "بمقدار توافقها" مع الاهداف الفرنسية، وفي حين تنتظر أنقرة تفاصيل مشروع "العقوبات الذكية" لا تخفي تأييده. أنقرة، لندن، باريس، الأممالمتحدة - "الحياة"، رويترز، أ ف ب - اعلنت وزارة الخارجية الفرنسية ان باريس مستعدة للتعاطي مع الاقتراحات الجديدة المتعلقة بالعقوبات المفروضة على العراق "بمقدار توافقها" مع الاهداف الفرنسية. وقالت مساعدة الناطقة باسم الخارجية الفرنسية لورانس اوير: "بمقدار ما تكون الاقتراحات متوافقة مع اهدافنا، سنعمل في هذا الاتجاه. ننتظر النص الجديد الذي سيناقش في مجلس الامن، ولم نحصل بعد على التفاصيل". واوضحت ان مشاورات جارية "باستمرار منذ عشرة ايام في مقر الاممالمتحدة وبين العواصم وستتواصل". ولا تخفي انقرة تأييدها مشروع "العقوبات الذكية" الذي تسعى بريطانيا الى طرحه في المجلس بدعم اميركي، لكنها تؤجل الاعلان عن ذلك صراحة، الى حين كشف واشنطن كل تفاصيل المشروع. وأفاد مسؤول في الخارجية التركية ان انقرة لم تتسلم بعد أي صيغة او مسودة لهذا المشروع، مشيراً الى ان المحادثات التي أجراها المسؤولون الاتراك في واشنطن مع مساعد وزير الخارجية الاميركي ادوارد ووكر تمحورت حول الأفكار التي تضمنها المشروع. وأكد المسؤول الذي رفض ذكر اسمه ان انقرة رفضت رفضاً قاطعاً إيفاد الأممالمتحدة موظفين لمراقبة حركة التجارة عبر الحدود مع العراق، أو مراقبة صادراته النفطية عبر ميناء جيهان التركي. وأعلن ان بلاده لا تمانع في تدريب كوادر تركية على مراقبة التجارة الحدودية والتنسيق مع المنظمة الدولية، مشيراً الى ان بيع النفط العراقي عبر مرفأ جيهان يتم تحت إشراف الأممالمتحدة ولكن بطريقة غير مباشرة. وكان وزير الخارجية التركي اسماعيل جيم طرح فكرة إيداع عائدات العراق من تجارته الحدودية مع تركيا أو بيع النفط عن طريقها، في بنوك تجارية لدعم الاقتصاد التركي بدلاً من تجميد تلك العائدات في بنك واحد في فرنسا، حيث "الحساب المعلق". وتؤكد الحكومة التركية ضرورة تشديد الأممالمتحدة على عدم بيع العراق مواد تستخدم في صنع أسلحة الدمار الشامل، وألا تعتمد فقط على مراقبة الحدود التركية - العراقية، وتذكّر بضبطها على الحدود مع العراق مواد ممنوعة باعتها شركة بريطانية لبغداد. وعلى رغم حرص تركيا على عدم ظهورها أكثر تشدداً في تنفيذ العقوبات ممن فرضها، ومناشدات بغداد وتحذيراتها من القبول بالخطة البريطانية - الأميركية، يبدو واضحاً ان انقرة ستؤيد مشروع العقوبات الجديد بسبب المنافع التي ستجنيها. فبغداد تحصر تجارتها معها ب200 - 250 مليون دولار سنوياً، وتشترط لزيادة الرقم اتخاذ تركيا مواقف حازمة مثل إغلاق قاعدة انجيرليك أو فتح باب التجارة وكسر الحظر، في حين ستحصل انقرة على 15 بليون دولار من صندوق النقد الدولي، بفضل دعم واشنطن لها. في غضون ذلك، تستعد بريطانيا بالتعاون مع الولاياتالمتحدة لتقديم مسودة القرار الجديد الى مجلس الامن في غضون يومين، للتصويت عليه قبل بدء المرحلة الجديدة من برنامج "النفط للغذاء"، وشككت الصين واعضاء آخرون في المجلس بإمكان اصدار القرار بسرعة. وأعرب شين جيوفانغ، نائب ممثل الصين لدى الاممالمتحدة عن أمله بأن يتم التصويت على تمديد البرنامج بالشروط الحالية، ثم يتبعه قرار منفصل، وقال ان الاقتراحات الجديدة "تضم كثيراً من التفاصيل والعناصر المعقدة، ونأمل بأن تأتي في قرار منفصل". وكان مسؤول بريطاني صرح الاربعاء الماضي بأن "الدول المجاورة قلقة وتخشى اجراءات اقتصادية انتقامية من العراق". وتطالب فرنسا بالسماح بالاستثمارات الاجنبية في العراق، وهو ما تعارضه الولاياتالمتحدةوبريطانيا. وتوقع ديبلوماسيون ان تطرح فرنسا تخفيف القيود على الاستثمار الاجنبي، المقتصر الآن على مساعدة العراق في تحديث صناعته النفطية. انان في جنيف أعلن كوفي انان الأمين العام للأمم المتحدة انه يدعم اي محاولة لتخفيف معاناة الشعب العراقي، وقال: "نعلم ان غالبية الرأي العام والمنطقة ايضاً قلقة جداً من اثر العقوبات على العراقيين العاديين، خصوصاً الاطفال، وعلى الاقتصاد العراقي، لذلك يجب ان ندعم اي محاولة قد تخفف من اثر العقوبات على السكان، وتسمح للشعب بأن يعيش حياة طبيعية". الى ذلك رحب "المؤتمر الوطني العراقي" بالاقتراحات البريطانية - الاميركية، وصرح الشريف علي بن الحسين الناطق باسم "المؤتمر" بأن "هذا التطور سيكشف أكذوبة الرئيس صدام حسين بأن الاممالمتحدة هي المسؤولة عن معاناة الشعب العراقي". وأضاف: "صدام يواصل اضطهاد الشعب العراقي مع وجود العقوبات، ويعيد بناء منظومات تسليحه". ورأى ان "الطريقة الفاعلة الوحيدة لوضع حد لتلك المعاناة وعودة الاستقرار الى المنطقة هي مساعدة الشعب العراقي على التخلص من نظام صدام".