أول الكلام: من مكانها الحقيقي، كتابها الجديد: "كائن اسمه الحب"، للشاعرة اللبنانية / سوزان عليوان: - جسر قديم يُوبِّخ قوس قزح: لا تغترَّ يا بُنيَّ بهذه الألوان كنت أنا مثلك!!
في البدء... احترت: كيف أُصنِّف هذا الكتاب؟! لا... ليس كتاباً، ولا "كُتيِّباً"... القيمة هنا لا تتوافر في الحجم، قيمة الكتب في المضمون... ومضمون هذا الكتاب: ورقات شجر، كأنها حُتْحِتت من عُمْر هذه الشاعرة... من فصولها الأربعة... من طقس واقعها العربي... من تلك الغربة التي بات كل عربي يشعر بها اليوم في داخله أكثر بكثير مما تتراءى له كلما ابتعد بعد السفر! المدخل الأول لهذه الورقات الملوَّنة، وإن غلُب "البياض" على مساحاتها الأكثر، هو عنوان الكتاب: كائن إسمه الحب... أهدته هذه الرسامة بالكلمات/ سوزان عليوان، الى شعراء ورسامين، وأضافت اليهم: "البنت التي لا تفهم كيف يحب الإنسان عصفوراً، أو فراشة، أو زهرة"!
وقبل الدخول الى "مضمون" هذه الورقات من شجرة عمر ورؤية وتأمل هذه الشاعرة... أحب ان تتوقفوا معي، ونقرأ هذه الحكاية التي بدت وكأنها رَحِم ميلاد لهذا الكتاب... "وحديثها السحر، الا انه نغم" كما غنت أم كلثوم... فما هي حكاية ميلاد: "كائن إسمه الحب"؟!! تقول لي سوزان: - سهرتُ ليلةً أمام الكمبيوتر أعمل على موقعي على الشبكة هذا الفضاء الجديد، الواسع، البديل حتى الفجر... وحين أويت للنوم وفي يدي كتاب، اجتاحتني أصوات العصافير من النافذة المغلقة، تحت نافذتي البيروتية أشجار وعصافير، مثلما كانت تحت نافذتي القاهرية أشجار وعصافير، شعرت فجأة بأنني أسافر في هذه الأصوات مِن مكان الى مكان، من زمن الى زمن... لكنَّ صوتاً غائباً أفسد تطابق اللحظتين: صوت بائع "الروبابيكيا" الذي يمر كل صباح وينادي، حتى في أرقى احياء القاهرة! امتلأْتُ بشوق عميق لهذا الصوت ذلك الصوت فقلت: لأرسمه! امسكت بالقلم وبورقة صغيرة ورحت أخُطُّ الصوت- الكائن - الغياب... استيقظت بعد ساعات قليلة لأضحك على لوحتي المزعومة، ومرّت أيام وليال من الحنين الى... الشعر! في أيام وجيزة: كنت أصل ليلها بنهارها، أنجزت ما كنت أسعى إليه منذ عامين: قطرات شعر، وليس قصائد. كتابي الصغير: كائن اسمه الحب يريد ان يقول: - ليس الشعر إلهاً... ليس هيكلاً ضخماً كما نتوهمه ونصوّره! هو كائن بسيط جداً، كالكائنات التي يتحدث عنها... هو: بنت ليل، مقعد منسي في حديثة كان في حياةٍ سابقة شجرة، هو فنجان عاشق وعاجز عن أخذ حبيبته في حضنه... لأنه بذراعٍ واحدةٍ، وحيدة لا يكتملُ العناق! ليس الشعر بلاغةً ولفظية مُقحمة، وكأن كل قصيدة محاولة لكتابة تنزيل جديد!! ليس الشعر حداثة وما بعد حداثة... الشعر هو الحب، هو الإنسان. "كائن اسمه الحب": أراد أن يُلخِّص الحياة في تفاصيل صغيرة، في سمكة هي البحر، في نغمة هي العصفور، في طائر هو السماء... أراد أن يُسقط أوهام الشعر والرسم والحياة نفسها، ف"ما يتبقَّى" يا صديقي: أسنان قليلة... تبتسم....
وبعد... فليس من عادة هذه الشاعرة الصديقة/ سوزان عليوان: أن "تشرح" الشعر، فهي- كما تقول - ضد ان يكتب احد عن نفسه وشعره، لكنها منحت يدها حرية الحب لتكتب بحرية عنه!!