دعت مجموعة من المثقفين والاساتذة الجامعيين الأوروبيين في عريضة، حملت تواقيعهم ونشرتها صحيفة "لوموند" الفرنسية أمس، الى انشاء محكمة جنائية خاصة بالجزائر، ومعاقبة المسؤولين العسكريين الذين "يحكمونها". فتحت عنوان "الجزائر: أوروبا يجب ان تتحرك" أخذ موقعو العريضة على حكومات الدول الأوروبية "عدم اقدامها منذ سنة 1992 على أي جهد ملحوظ لإعادة السلام المدني الى الجزائر". وأضافوا ان الشهادات المتتالية ومنذ سنوات "لم تعد تترك مجالاً للشك"، وان "بضعة جنرالات يتولون قيادة الجيش" الجزائري و"يشكلون السلطة الفعلية في الجزائر وهم المسؤولون الاساسيون عن الحرب القذرة التي تشهدها" البلاد، في اشارة الى الكتاب الذي أصدره الضابط السابق في الجيش الجزائري الحبيب سوايدية في فرنسا وضمّه شهادات عن مجازر قال ان القوات المسلحة الجزائرية مسؤولة عنها. ورأى الموقعون انه "لم يعد في الإمكان اليوم تبييض صفحة النظام الجزائري وتبرير لامبالاة" الحكومات الغربية بالنزاع "الغامض" في الجزائر. واتهموا الجنرالات الجزائريين بأنهم "هم الذين قرروا، بأعصاب باردة، اعتماد حرب الاقتلاع بوجه أي معارضة"، وانهم أقدموا على شتى أنواع الانتهاكات "المطابقة لتوصيف الجرائم بحق الانسانية، وفقاً لما هو منصوص عليه في نصوص المحكمة الجنائية الدولية المرتقب انشاؤها". وانتقدوا موقف الحكومة الفرنسية التي سمحت للجنرال المتقاعد خالد نزار، وزير الدفاع السابق، بمغادرة فرنسا في 25 نيسان ابريل الماضي، و"الإفلات من الشكاوى التي قدمها ضده في اليوم نفسه في باريس ضحايا التعذيب" في الجزائر. ودانوا "اطلاع السلطات الجزائرية على هوية مقدمي هذه الشكاوى - من قبل الشرطة الفرنسية على الأرجح - مما جعلها السلطات الجزائرية تمارس الضغوط والترهيب على أسرهم في الجزائر". ودعا الموقعون قادة الاتحاد الأوروبي الى "التدخل لدى الاممالمتحدة، من اجل انشاء محكمة جنائية دولية طارئة لمحاكمة المسؤولين عن جرائم الحرب أو الجرائم بحق الانسانية المرتكبة في الجزائر". كما دعوا إلى الربط بين اقرار الاتحاد الأوروبي اتفاق الشراكة الوشيك مع الجزائر "باحترام حقوق الانسان واحلال دولة القانون"، ومعاقبة المسؤولين في السلطة الجزائرية والمجموعات الاسلامية على "الانتهاكات التي ارتكبوها وفقاً لما هو منصوص عليه في القوانين الدولية". وطالب الموقعون بالعمل فوراً على وضع آلية ملائمة "تسمح للدول الاعضاء في الاتحاد الأوروبي باعتقال العسكريين الجزائريين الموجودين على أراضيها، والذين يشتبه بإقدامهم أو تواطؤهم في انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان ومحاكمتهم". وضمت لائحة الموقعين مجموعة من المثقفين والجامعيين من كل من المانيا وبلجيكا واسبانيا وايطاليا وبريطانيا والسويد وسويسرا، وايضاً فرنسا حيث كان من بين من وقع العريضة عالم الاجتماع بيار بوديو والمؤرخ بيار فيدال تاكيه. ومن المرتقب ان تنضم الى هؤلاء وهم أول الموقعين، اسماء اخرى من مختلف الدول الأوروبية.