يبدأ وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين الثلثاء المقبل زيارة الى الجزائر وسط انتقادات حادة من كبار المثقفين والباحثين الفرنسيين الذين اتهموا الحكومة الفرنسية بنهج سياسة تواطؤ مع الجرائم ضد الانسانية التي ترتكبها القوات الجزائرية. وكان هؤلاء المثقفين والباحثين ومن بينهم بيار بورديو الاستاذ في "كوليج دو فرانس" وبيار فيدال - ناكيه وآلان جوكس وفتيحة تلاحيت، وقعوا مقالاً مشتركاً أعدوه في هذا الشأن ونشرته صحيفة "لوموند" الفرنسية. ونُشر هذا المقال عقب صدور كتاب في فرنسا بعنوان "الحرب القذرة" يعرض فيه الضابط السابق في الجيش الجزائري حبيب سويديا عمليات نفذتها مجموعات من الجيش للتخلص من الاسلاميين، ويروي فيه ما شهده من جرائم ومنها إقدام زملائه العسكريين على حرق طفل عمره 15 سنة بحجة انه اعطى معلومات للاسلاميين. وأوردت "لوموند" على صفحتها الأولى عرضاً لمضمون الكتاب، في مقال عنوانه "الحرب القذرة للجيش الجزائري". ووسط هذه الحملة الداخلية العنيفة، يزور فيدرين الجزائر حيث يلتقي الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة ووزير الخارجية عبدالعزيز بلخادم، في غضون يوم واحد يختتمه بمؤتمر صحافي يعود بعده الى باريس. ونفت مصادر ديبلوماسية في باريس ان تكون فرنسا زودت الجيش الجزائري معدات عسكرية متطورة، كما جاء في مقال المثقفين الفرنسيين، وأوضحت ان كل ما اعطي للجزائر هو معدات عسكرية علمية تستخدم مثلاً للكشف عن البصمات أو ختم الوثائق الرسمية مثل جوازات السفر. وقال مصدر ديبلوماسي فرنسي ان زيارة فيدرين للجزائر تدخل في اطار حوار سياسي عن الشراكة الأوروبية - المتوسطية واعادة دفع الحوار بين دول الاتحاد المغاربي الخمس والدول الخمس في جنوب أوروبا، الذي أعيد تنشيطه في لشبونة في 25 كانون الثاني يناير الماضي. وأضاف ان الزيارة ستسمح لفيديرين بتقويم ما تحقق من تقدم في شأن القرارات التي اتخذت خلال زيارة بوتفليقة الى باريس، لمعرفة ما تم انجازه. يذكر ان القنصلية الفرنسية في مدينة عنابةالجزائرية اعيد فتحها أخيراً، لكن "الخطوط الجوية الفرنسية" ار فرانس لم تستأنف رحلاتها بعد الى الجزائر. وكانت الشركة عرضت شروطاً أمنية اعتبرت توافرها ضروري لاستئناف الرحلات، لكن الجانب الجزائري رفضها. لكن المصدر قال ان مفاوضات جارية بين شركات طيران فرنسية والجزائر، وان هذه المفاوضات بلغت مرحلة متقدمة، لكنها منفصلة تماماً عن "ار فرانس". الى ذلك، أكد المصدر ان وزارتي المال الفرنسية والجزائرية بصدد التفاوض على تحويل جزء من الدين الجزائري، 400 مليون فرنك، الى استثمارات خاصة. وبالنسبة الى قضية الصحراء الغربية، اكد المصدر الموقف الفرنسي المؤيد مساعي مبعوث الأمين العام للامم المتحدة جيمس بيكر، الذي قدم للجانب المغربي اقتراحاً يقضي بإعطاء الصحراء الغربية وضع خاص، أملاً بأن يتيح هذا الاقتراح قيام حوار مباشر بين طرفي الأزمة. لكن الجزائر أصرت على اعتماد حل الاممالمتحدة الذي يقضي بإجراء استفتاء على تقرير المصير. وقد يثير فيدرين هذا الموضوع مع المسؤولين الجزائريين خلال زيارته المرتقبة الثلثاء الى الجزائر. واستبعد بعض المصادر المطلعة ان يقوم رئيس الحكومة الفرنسي ليونيل جوسبان بزيارة الى الجزائر قريباً، على رغم عزمه على ذلك، واشارت الى ان هذه الزيارة غير مرتقبة في موعد قريب. كما ان الرئيس الفرنسي جاك شيراك لم يحدد موعداً لزيارته الى الجزائر. على صعيد آخر، اكدت مصادر لبنانية ل"الحياة" ان بوتفليقة سيزور لبنان في تشرين الأول اكتوبر المقبل للمشاركة في القمة الفرانكوفونية، التي تشارك فيها الجزائر للمرة الأولى.