تقام بين الأربعاء 23 أيار مايو الجاري والإثنين 28 منه، في مدينة سياتل الأميركية، مباريات الدورة الخامسة لكأس العالم في كرة القدم، في مشاركة فرق من مختلف القارات... لكنها ليست البطولة العالمية التي ينتظرها عشاق اللعبة كل أربع سنوات، لأن اللاعبين هنا رجال آليون، فيما المدربون علماء وأساتذة جامعيون وطلاب كليات تكنولوجيا. انطلقت هذه المسابقة عام 1997، وأقيمت للمرة الأولى في اليابان، وشارك فيها 40 فريقاً من دول مختلفة، أو بالأصح من جامعات تنتمي إلى دول مختلفة، والدورة الثانية عام 1998 في باريس، مترافقة مع أحداث كأس العالم ال 16 التي استضافتها فرنسا. تستعير هذه المباريات قواعد مباريات كرة القدم على الملاعب الخضر. والاختلاف بين اللعبتين بسيط. إذ يتألف فريق الروبوت من ثلاثة لاعبين آليين، إثنان في أرض الملعب والثالث يحرس المرمى. لا يعتمدون اللياقة البدنية عاملاً مهماً في تحضيراتهم، بل يقوم تفوقهم على عامل الذكاء، شكلهم أسطواني أو مكعب، وعلى رأس كل روبوت كاميرا متناهية الصغر، وعيونهم في ظهورهم. في أسفل كل روبوت صنارة تسمح له بركل الطابة، وهم يركضون في سرعة فائقة، ولا يحتاجون إلى أكثر من ثلاث ثوان ليقطعوا أرض الملعب الذي توازي مساحته مساحة طاولة كرة الطاولة. لونه أخضر، لكنه بالطبع ليس مغطى بالعشب. في زوايا الملعب تثبت كاميرات عدة تنقل إلى جهاز الكومبيوتر المخصص لإدارة اللعبة، معلومات عن مواضع الروبوتات وتحركاتهم، وعن موضع الكرة. فيعالجها الحاسوب، ثم تبث التعليمات إلى اللاعبين على موجة راديو عالية التردد. المباراة من شوطين، مدة كل منهما عشر دقائق، وتفصل بينهما استراحة من عشر دقائق أيضاً. واستطاعت هذه المسابقة جذب وسائل الإعلام، وحظيت خلال دوراتها الأربع الماضية بتغطية عالمية. ويفسر البعض الأمر بما للكرة المستديرة من سحر، إذ لا تزال كرة القدم اللعبة الأكثر شعبية في العالم. تعتمد مباريات الروبوتات أيضاً تكتياكات كروية مختلفة. فالإيطاليون ينهلون من غنى خططهم الدفاعية والهجومات المرتدة، والسويديون يفضلون تكتيكات الهجوم، أما اليابانيون فيتأقلمون مع خطط الخصم، ويحبون تسديد الكرات الطويلة. وإذ يعطى المدرب صلاحيات خلال المباراة الحية، كأن يبدل ثلاثة لاعبين ما يسهم أحياناً في تغيير مجرى المباراة من خلال إدخال تبديلات على خطط اللعب، يمنع مدربو الروبوتات خلال المباريات من تبديل لاعبيهم أو محاولة التدخل في مجريات اللعب من خلال تحريك اللاعبين بجهاز التحكم عن بعد. وأوضح مدير الفريق الياباني هيرواكي كيتانو أن المسابقة الالكترونية أفادت من الشعبية التي تحظى بها رياضة كرة القدم. ولفت العلماء إلى ضرورة المشاركة في تطوير ميدان "الذكاء الجماعي". وتوقع أن يتم التوصل مع حلول العام 2050 إلى لاعبي كرة قدم آليين يشبه كل منهم الإنسان، يكونون قادرين على اللعب في إطار المجموعة. من أبرز مميزات هذا المشروع أنه يجمع الكفايات العلمية في ميادين عدة هي: آلية الحركة، والميكانيك، والإلكترونيك، ونقل التعرف إلى الأشكال وتمييزها، ورصد المسار، والذكاء الاصطناعي. ويلفت المتابع لهذه المباريات وللأعمال المخبرية التي تسبقها، أنها نجحت في جذب الشباب الذين يتابعون دروسهم في حقل التكنولجيا، وهم يشكلون جزءاً مهماً من الفرق الباحثة في تطوير الرجال الآليين، لاعبي كرة القدم، ويتمكنون من تفادي المصاعب التي يطرحها العمل في ميدان الروبوت التقليدي أو تطوير رجل آلي مجهز بتقنيات معقدة تجعله قادراً، وبمفرده، على التفوق في ميدان اختصاصه، وفي ميادين أخرى. ويعتمد تطوير لاعبي كرة القدم هؤلاء، عملية الإعادة، إذ تتألف حصص التدريب من العمليات الآتية: إرسال الكرة، مراقبة ردود فعل الروبوت، متابعة شروحات الكومبيوتر الموصولة إليه عن ردود الفعل والأخطاء التي يمكن ارتكابها. من خلال هذه العملية تسمح البطولة الرياضية لمختبرات العالم بأن تلفت العلماء إلى ضرورة إسهامهم في تطوير أعمالهم في مجالي الذكاء الإصطناعي والروبوت. [email protected]