في تقرير مصوّر، بثّه تلفزيون "أرتيه"، arte، كشف الباحث الفرنسي أليكسي دروغول، أنه يعمل على نُظم تقع عند تخوم الذكاء الاصطناعي، و"الحياة" الاصطناعية، والروبوتات أي الآلات التي تتمتّع بشيء من استقلال الحركة والتصرّف، كالكلب "أيبو" الشهير، أو الأذرع الآلية في مصانع السيارات، وغيرها. ويقود دروغول الشاب فريقاً من 25 متخصّصاً في مجالات علمية وهندسية عدّة. ويأتي عمله في إطار مشروع "ميكروب" لتطبيق الذكاء الاصطناعي الجَماعي، وهو أحد مشاريع مؤسسة "ميرياد" العاملة في البحث في التفاعلات الاصطناعية. يدرس "ميكروب" قدرة مجموعة من الروبوتات عددها 10 على البقاء في مكان عادي، ثلاث سنوات على الأقل، بدأت في أيلول سبتمبر 1999، في مبنى "مختبر المعلوماتية في جامعة باريس السادسة"، Lip6. وتتولى تلك الآلات، من تلقائها، شحن بطارياتها عند الضرورة محاكية عملية الغذاء، والاستعانة بالبشر من حولها مستفيدةً من مواردها، وتحاول أن تتعاون معاً محاكية عملية التواصل في سبيل "البقاء". وثمة موقع "ويب" يتيح للزوّار متابعة التجارب. يتكوّن الروبوت من بدن يحوي آليات ميكانيكية وأدوات استشعار وكاميرا وعجلات أو أقدام وبرامج كومبيوتر تتحكم بتنقّله واتجاهاته، وبرامج أخرى تحلل المعطيات التي يحصل عليها. ويتمتّع كل من الروبوتات العشرة باستقلال معيّن، على مستوى السلوك والتحرّك، على أن تتعاون في ما بينها لتنفيذ مهمات مختلفة، منها استطلاع البيئة المحيطة، وتبادل النتائج والمعلومات في ما بينها. أما مهمتها الأساسية، فتتمثّل في أن تتوصّل الى تشكيل "مستعمرة"، كمستعمرة النمل، تتصرّف فيها كأي زمرة حشرات أو قطيع حيوانات، ضمن بيئة تجهلها تماماً. الإيهام بالذكاء الاصطناعي وقال دروغول: "إن السؤال المطروح عن شرعية ذكاء الآلات، يتركز على موقف - ينبغي لنا أن نقبله لو أدرنا بناء آلات ذكية - وهو أن ذكاء النظام الاصطناعي، يبقى في عين المراقب. أي أن الشخص الذي يشاهد روبوتاً يعمل ويتفادى العوائق ويسعى في أرجاء بيئته، ويظنّ أن هذه الآلة تطبّق خطة أو أنها تعمل بذكاء ما، يكون مخطئاً تماماً. فالروبوت، في بساطة، مبرمج لينفّذ أفعالاً ارتكاسية توحي بأنه يتصرّف تصرّفاً معقّداً. ويأتي هذا الإيحاء أو الإيهام في صميم الذكاء الاصطناعي". وشبّه الروبوت، موضع البحث، بلعبة قماش عادية لها هامش من "حرّية التصرّف"، أي أنها لا تمتثل، تماماً، لمشيئة الولد، صاحبه، كأن ترفض النوم، من حين الى آخر، عندما يريدها الولد أن تنام. وقد يؤخذ هذا الرفض على أنه من مميزات "شخصية" اللعبة. "إنه، في بساطة، شيء عشوائي، يحصل مصادفة في الوقت المناسب، لكنّنا نفسّره فوراً بأنه سلوك متعمّد". لاعب كرة قدم آلي ويرى دروغول أن البحث يجب ألا يحقّق هدفاً تطبيقياً محدوداً. ويجاهد في سبيل غاية معنوية أدبية، لاقتناعه بأن روح التعاون والمشاركة تسهّل تحقيق النجاح في مجال عمل كهذا. فهو لا يتوخّى من مستعمرته الاصطناعية "حل المصاعب التي تواجهنا، إنما نريد أن تطرح علينا مشكلات". لذلك، يتعاون الفريق مع علماء اجتماع على رصد التفاعل بين مجتمع بشري ومجتمع روبوتات. ولم يمرّ تعايش البشر مع الآلات من دون مشكلات. فالعلاقة التي نشأت، بداية، من الفضول وحب الاكتشاف، ما لبثت أن تحوّلت انزعاجاً. وبات بعض الأشخاص يغلقون الباب، فور سماعهم خرير الروبوت. وفي رفضهم هذا إشارة الى أنهم بدأوا يعون استقلال الروبوت. وتوصّل الفريق الى اختراع لاعبي كرة قدم آليين: "ماكينات ذكية"، اشتركت في أحداث رياضية عدّة، منها "كأس الروبوتات"، RoboCup، من ابتداع شركة "سوني". وكان أبرزها "روبوكاب 98" التي حصلت إبّان "مونديال 98" في فرنسا. وما زالت تتبارى مع فرق روبوتات "حرّيفة" أخرى. وعلّق الباحث على هذا الأمر، في مقابلة مع "لو موند إنترأكتيف"، قائلاً: "اتّسمت هذه التجربة بأبعاد تربوية. فهي دلّت أن الروبوتات ليست، ضرورةً، حكراً على الصناعة وخطوط التجميع". تبلغ كلفة الروبوت الواحد نحو 20 ألف دولار، ويتموّل المشروع من عقود تُبرم مع مؤسسات كبرى، من مثل "داسو للطيران"، و"فرانس تيليكوم"، و"سوني"، وغيرها، فضلاً عن دعم مؤسسة "ميرياد". موقعا إنترنت على علاقة: www-poleia.lip6.fr/~drogoul/ www.lip6.fr/microbes/ [email protected]