طرح حزب الحركة القومي، للمرة الأولى، احتمال انسحابه من الائتلاف الحكومي التركي، بعد خلاف حاد بين زعيمه دولت باهشلي ووزير الدولة للاقتصاد كمال درويش، أول من أمس، على تفاصيل اعداد قانون جديد لخصخصة شركة الاتصالات الوطنية "تيليكوم". وأبدى باهشلي خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء بولنت اجاويد ونائبه مسعود يلماظ ودرويش، انزعاجه الشديد "من مطالب صندوق النقد الدولي التي لا تنتهي والتي وصلت الى درجة المساس بسيادة الدولة". وأبدى غضبه الشديد بسبب دعم درويش هذه المطالب، وترويجه لفكرة ان تركيا في حاجة الى "رضى صندوق النقد الذي سيمدها بالدعم المالي المطلوب، شرط اسراعها في تنفيذ مطالبه، بحلول بعد غد الثلثاء موعد انتهاء المهلة التي حددها لذلك". وعُلم ان باهشلي صرخ في وجه درويش قائلاً: "لحساب مَن تعمل أنت؟ لتركيا أم لصندوق النقد الدولي؟ آمل ان تتصرف مستقبلاً كوزير تركي". وترك الاجتماع غاضباً، ودعا مساعديه ومستشاريه، بعد منتصف الليل، وطرح معهم فكرة الانسحاب من الحكومة. الا ان الحركة القومية قررت "الموافقة على طلبات صندوق النقد شرط الا تتكرر مطالبه الاستفزازية مجدداً، لأن الأمر لا يخص مؤسسة الاتصالات وخصخصتها، وانما سيادة الحكومة التركية". وكان الحزب القومي عارض، في شدة، مطالب صندوق النقد في شأن آلية خصخصة شركة الاتصالات، بحجة ان مطالبه تهدد الأمن الوطني، ما اضطر الجيش إلى التدخل بوضع خطوط حمر لقوانين الخصخصة. رسالة اميركية وجاء تراجع الحزب القومي عن موقفه المعارض بعد مطالبة الرئيس الأميركي جورج بوش رئيس الوزراء التركي بالتعاون مع الصندوق، مؤكداً له اهتمام واشنطن بالأمر. الا ان باهشلي فوجئ ليلة أول من أمس بطلب جديد للمؤسسة الدولية بتغيير الجهاز الاداري الحالي في مؤسسة الاتصالات، بحجة انه لا يصلح لاعدادها للخصخصة. وعندما احتج باهشلي على هذا المطلب، فاجأه درويش برسالة تعهدات قدمتها تركيا الى الصندوق، وعليها توقيعه. فانفجر باهشلي غاضباً واتهم درويش بأنه جعله يوقع رسالة من دون ان يوضح له ما جاء فيها! ويشير مراقبون محليون الى احتمال تكرار الخلافات وتصاعد حدتها بين باهشلي الذي يدعمه الجيش، وكمال درويش الذي ينظر اليه على أنه الممثل السامي لصندوق النقد الدولي. وتدعم المعارضة موقف القوميين وتطالب رئيس الوزراء بكشف كل بنود رسالة التعهدات التي قدمتها الحكومة، خصوصاً بعد تصريح اجاويد بأن "كل الدول التي تقترض من الصندوق تتوقع شروطاً ومطالب يجب الا نرى إحراجاً في تنفيذها". "قوانين حمورابي" ويصف نواب الحكومة قوانين الاصلاحات الاقتصادية بأنها قوانين درويش ويعلنون تملصهم منها، على رغم مصادقتهم عليها. أما نواب احزاب المعارضة فيصفونها بقوانين "حمورابي"، في اشارة الى قسوتها وتعارضها مع المصلحة القومية العامة. وحذرت أحزاب المعارضة من استمرار ضغوط درويش وصندوق النقد مستقبلاً لتشمل قوانين اخرى، اخطرها قانون يسمح ببيع اراضي الدولة الى الاجانب. وشبهت المعارضة، وعلى رأسها حزب الفضيلة، موقف تركيا بموقف الامبراطورية العثمانية عندما لقبت بالرجل المريض في مواجهة الدول الأوروبية التي تصارعت لاحتلال أراضيها وتقاسم غنائمها.