قررت نيابة أمن الدولة العليا في القاهرة أمس حبس 11 من قادة جماعة "الإخوان المسلمين" كانت السلطات اعتقلتهم في مدينة الاسكندرية لمدة 15 يوماً على ذمة تحقيقات تجري معهم في شأن اتهامات تتعلق بنشاطهم في المدينة. ورفضت النيابة طلباً قدمه الدفاع لمواصلة التحقيق مع المتهمين من دون حبسهم، فيما اعتبر نواب الجماعة الحملة على أنصارهم "تصفية حسابات" ضد نشاطهم في البرلمان. القاهرة - "الحياة" - تفاعلت الأزمة بين الحكومة المصرية وجماعة "الإخوان المسلمين" التي تفجرت بعدما عجزت الجماعة عن ترشيح 16 من رموزها لخوض انتخابات مجلس الشورى التي ستجري على ثلاث مراحل الشهر الجاري، اثر إجراءات قال "الإخوان" إن الحكومة اتخذتها للحؤول دون تمكن هؤلاء من انجاز إجراءات الترشيح، ما أدى إلى فشل 11 منهم في تسليم وثائق الترشيح. وقررت نيابة أمن الدولة العليا أمس حبس 11 من قادة "الجماعة" في مدينة الاسكندرية لمدة 15 يوماً على ذمة التحقيق، لينضموا إلى ثلاثة آخرين اعتقلوا قبل اسبوعين في مدينة الزقازيق التابعة لمحافظة الشرقية بعدما قدم اثنان منهم طلب الترشيح لخوض انتخابات الشورى. وكان لافتاً أن التحقيقات مع مجموعة ال11 لم تشر إلى موضوع الانتخابات وإنما تركزت على "محاولات للمتهمين لتوسيع نشاط الجماعة في الاسكندرية، إلى درجة تحريك الجماهير للخروج في تظاهرات احتجاجية ضد الحكومة". وواجهت النيابة المتهمين بمذكرة تحريات أعدها جهاز مباحث أمن الدولة ركزت على أن الإخوان "عمدوا خلال الاسابيع الماضية الى استغلال القضية الفلسطينية والموقف المصري من قضية السلام للإيحاء بأن الحكومة تتخذ مواقف متخاذلة. وفي هذا الإطار نظموا في 20 نيسان ابريل الماضي مسيرة شارك فيها نحو مئة شخص في منطقة مينا البصل رددت شعارات معادية لنظام الحكم ووزعت خلالها منشورات تتضمن عبارات تحريضية"، وأن المتهمين "كانوا يعدون لمؤتمر مطلع الشهر الجاري تم بعده تنظيم تظاهرة حاشدة في منطقة المنتزه ودعوة طلاب جامعة الاسكندرية للانضمام إلى التظاهرة وارتكاب اعمال تهدد سلامة المدينة والمواطنين فيها". وأشارت إلى أن المتهمين "عقدوا لقاءات تنظيمية في منازلهم وأماكن أخرى للاتفاق على خطط لاستغلال القضية الفلسطينية في اظهار الحكومة وكأنها لا تعبر عن حماية الشعب والإيحاء بأن جماعة الإخوان المسلمين هي التي تعبر عنه". وقال المحامي عبدالمنعم عبدالمقصود ل"الحياة" إن "الدفاع قدم طلباً لوقف التحقيقات في القضية واطلاق المتهمين فيها، واستند إلى أن التصاريح الصادرة عن النيابة بضبط المتهمين وتفتيش منازلهم استندت إلى تهم ملفقة ومعلومات غير حقيقية، وأن الوقائع المنسوبة إلى المتهمين لو صحت لا تمثل جريمة وإنما تتعلق بواجبهم نحو القضية الفلسطينية التي تهم الشعوب الإسلامية والعربية جميعاً كما تهتم بها الحكومة المصرية نفسها"، مشيراً إلى أن المحامين دفعوا بانتفاء أركان جريمتي "الانضمام إلى تنظيم سري يهدف إلى قلب نظام الحكم وحيازة منشورات ومطبوعات تحوي عبارات تحض على كراهية النظام، على أساس أن ملف القضية لا يحوي أي أدلة على أن المتهمين أنصار في تنظيم سري أو ان المضبوطات التي عثر عليها في منازلهم تحوي غير ما يكتب في الصحف". وذكر المحامي أن النيابة رفضت دفوع المحامين فقدموا طلباً لمواصلة التحقيق مع موكليهم من دون حبسهم استناداً إلى أنهم جميعاً من الشخصيات العامة، ولا يخشى من فرارهم إلى خارج البلاد، وتعهد الدفاع بحضور المتهمين جلسات التحقيق كما أمرت النيابة بذلك إلا أن الطلب رفض أيضاً. واعتبر القيادي البارز في "الجماعة" الدكتور ابراهيم زعفراني أن الحملة الأخيرة: "رسالة شديدة اللهجة قصدت الحكومة توجيهها إلى الإخوان"، وأشار الزعفراني، الأمين العام لنقابة الأطباء في الاسكندرية، إلى أن المتهمين ال11 من أبرز الشخصيات في الاسكندرية ممن لعبوا أدواراً في تفعيل نشاط مقاطعة السلع الاميركية والشركات التي تتعامل مع إسرائيل وكذلك مساندة الانتفاضة الفلسطينية. نواب "الجماعة" إلى ذلك، أعرب نواب من "الاخوان المسلمين" عن خشيتهم من أن يكون حبس مجموعة ال11 رد فعل مضاد لنشاطهم في البرلمان الاسابيع الماضية وتوجهاً لمحاسبتهم على انتقاد سياسات حكومية في مواضيع عدة. واستبعد نائب الاسكندرية الدكتور حمدي حسن عرض مذكرات أمام البرلمان في هذا الشأن، وقال ل"الحياة" "ندرس رد الفعل تجاه ما حدث لكننا ازاء قرارات صدرت من النيابة العامة التي نحترمها، وسنتابع الاحداث لتقرير ما ننوي عمله في هذا الشأن وما إذا كنا سنطرح الموضوع على البرلمان مجدداً". وقال إنه "من غير المعقول ان تحاسبنا الحكومة على مواقفها المحدودة من القضية الفلسطينية وفشلها في حل العديد من المشاكل الداخلية"، لافتاً إلى أن "الاجراءات الاخيرة مبكية ومضحكة في آن، إذ اتهموا انصارنا بالاثارة والتحريض من دون أسباب حقيقية". وشدد على ان الوسائل الحكومية ما زالت عقيمة في مواجهة معارضيها و"نحن نثق في عدالة القضاء المصري ونزاهته". واستبعد حسن تأثير التطورات الاخيرة على نشاط نواب الجماعة في البرلمان وقال ان "سياسة العصا الغليظة لا تؤتي نتائج" لافتاً الى ان "النواب كانوا يتوقعون تغييراً في اسلوب الحكومة تجاه الجماعة بعد المحاولات المستمرة من جانبنا لتأكيد وجودنا ضمن الحياة السياسية الشرعية في البلاد، ولن نتراجع عن مواقفنا المبدئية وأداء دورنا الرقابي الذي اختارنا الناخبون لأدائه".