} اتجهت الأزمة بين الحكومة المصرية وجماعة "الاخوان المسلمين" نحو تصعيد جديد بعدما قررت نيابة أمن الدولة أمس حبس ثلاثة من رموزها، ترشح اثنان منهم لانتخابات مجلس الشورى التي تبدأ الشهر المقبل. وفي موازاة ذلك واصل نواب "الجماعة" مواجهتهم مع الحكومة داخل البرلمان حيث اتهموا وزارة التعليم ب"التعسف" و"اضطهاد" المعلمين لأسباب "دينية". ورد وزير التعليم مشدداً على اصرار الدولة الاستمرار في منع "أصحاب الفكر المتطرف من تدريس الطلاب" في المدارس. لليوم الثاني تواصل الصدام أمس بين نواب "الاخوان" والحكومة، إذ تحولت جلسة الأمس من مناقشات تتعلق بأوضاع المعلمين في المدارس الى جلسة محاكمة تتعلق بمواجهة ما اسماه ممثلو الجماعة ب"اضطهاد المعلمين الاسلاميين" و"تهميش دور الدين في العملية التعليمية". وشكل موقف احزاب المعارضة مفاجأة، إذ شاركت على خلاف المعتاد في الجدل الدائر داخل البرلمان ولم تلتزم الصمت إزاء المواجهات بين "الاخوان" والحكومة، لكنها ساندت وزير التعليم الدكتور حسين كامل بهاء الدين في دعوته الى ضرورة "محاربة التطرف في المدارس" و"منع من يثير الفتنة الطائفية أو ينشر أفكار التشدد بين التلاميذ". وكان خمسة من نواب "الجماعة" حملوا على سياسة وزير التعليم إزاء المعلمين واتهموه ب"إثارة الرعب والخوف في قلوب المعلمين". وقال النائب سيد عبدالحميد إن "قرارات نقل المعلمين من التدريس الى الاعمال الإدارية تتم بمجرد حدوث شبهة تتعلق بتدين الاشخاص". لافتاً الى أن "كل المعلمات المنقولات هن من المحجبات والمنقبات ونحن في دولة مسلمة، فكيف يحدث ذلك؟". واتهم الناطق باسم الجماعة النائب الدكتور محمد المرسي، وزير التعليم بالمسؤولية عن "نقل أكثر من ثلاثة آلاف معلم الى وظائف إدارية خلال ثماني سنوات" واصفاً ذلك بأنه "مذبحة المدرسين والمعلمين الاكفياء من دون تحقيق معهم أو صدور أحكام قضائية ضدهم" معتبراً ما حدث "إهداراً لإمكانات الدولة". وعلى رغم أن نواب احزاب المعارضة أعلنوا رفضهم نقل المعلمين الى اعمال إدارية من دون تحقيقات قانونية، إلا أن نائب "التجمع" ابو الحريري اعتبر أن "متشددين في العملية التعليمية يسعون الى نشر بذور الفتنة وعلينا مواجهتهم". ولفت النائب الناصري كمال احمد الى ضرورة "محاسبة وتصفية كل من ينشر افكار التطرف ويهدد الوحدة الوطنية". وعكست كلمة وزير التعليم الدكتور حسين كامل بهاء الدين إصراراً على الاستمرار في منع "أصحاب الفكر المتطرف من التدريس للطلاب" إذ شدد في رده قائلاً: "سنستمر في إبعاد كل من يبث أفكار التطرف والتعصب والارهاب وكل من يهدد الوحدة الوطنية وينشر بذور الفرقة بين عنصري الأمة وكل من يمارس أفعالاً لا تتفق مع القيم الدينية السمحة". وكان لافتاً توجه وزير التعليم بنظرة الى حيث يجلس نواب "الاخوان المسلمين" حينما يتحدث عن التطرف، في حين شدد على أن "النقل لا يتم بشكاوى كيدية كما يزعم البعض وانما بعد تحقيق شامل لحماية ابنائنا من خطر محقق يهدد عقولهم"، لافتاً الى أن "وزارة التعليم تحترم أحكام القضاء وتعيد المعلمين الى أعمالهم لكن بعضهم يعود لممارسة نشاطه الهدام فيتم نقله مجدداً". وفي أقوى تحذير وجهه بهاء الدين قال إن "الحكومة لن تسمح بتحول المدارس الى مجال لغسل العقول أو تسمح لأي فئة بالمتاجرة بالدين والمزايدة علينا في عقيدتنا التي نعتز بها، أو أن تعبث بعقول ابنائنا أمل مصر في المستقبل". في موازاة ذلك، توقعت مصادر في جماعة "الاخوان المسلمين" في مصر اعتقال السلطات، خلال الأيام المقبلة، عدداً من رموز الجماعة والناشطين من عناصرها في الانتخابات للحؤول دون مشاركة "الاخوان" في انتخابات مجلس الشورى، التي ستجري على ثلاث مراحل بدءاً من الشهر المقبل. في حين قررت نيابة أمن الدولة العليا أمس حبس ثلاثة من رموز التنظيم في محافظة الشرقية لمدة 15 يوماً على ذمة التحقيقات. وكانت قوات الأمن اعتقلت الثلاثة وهم المدرسون في جامعة الزقازيق الدكتور أبو بكر ميت كيس الادارة الطبية والدكتور محمد عبدالله الشوربجي كلية العلوم والدكتور عبدالنور عبدالباري كلية الزراعة. وأكدت "الجماعة" أن ميت كيس والشوربجي كانا سلما طلبات ترشيحهما لخوض انتخابات مجلس الشورى المقبلة، واعتبرت أن اعتقالهما تم لمنعهما من خوض الانتخابات. وانسحب عدد من نواب "الاخوان" في البرلمان من جلسة مجلس الشعب أول من أمس احتجاجاً على اعتقال الثلاثة وطلبوا تفسيراً من الحكومة لذلك الاجراء. وقال المحامي عبدالمنعم عبدالمقصود ل"الحياة" إن النيابة واجهت الثلاثة اثناء التحقيق بمذكرة تحريات من جهاز مباحث أمن الدولة تضمنت تهماً تتعلق "بانتمائهم الى جماعة محظورة أسست على خلاف أحكام القانون، ومحاولة تجنيد عناصر للانضمام الى الجماعة من خلال التحرك في الاوساط الطبية الطلابية وفئات المجتمع، وترويج أفكار الجماعة وحيازة مطبوعات تحوي عبارات تحض على كراهية نظام الحكم وازدرائه". وأشار إلى أن الثلاثة نفوا ما ورد في المذكرة وأكدوا ان اعتقالهم يهدف الى منعهم من المشاركة في الانتخابات. ووجهت النيابة الى المتهمين الثلاثة تهمتي "الانضمام الى تنظيم سري محظور يهدف الى محاولة قلب نظام الحكم وحيازة منشورات تحوي عبارات تحض على كراهية نظام الحكم وازدرائه". وقررت حبسهم لمدة 15 يوماً على ذمة التحقيق على أن يستجوبوا مجدداً في الثاني من أيار مايو المقبل. وتعتقد السلطات ان "الاخوان" يسعون الى استثمار نجاحهم في الانتخابات البرلمانية وكذلك انتخابات نقابة المحامين. وكانت الجماعة قاطعت انتخابات الشورى الاخيرة بعدما رأت أن المجلس "لا يؤدي سوى دور شكلي حيث لا تأثير له على عملية التشريع، وخشوا من تعرض الجماعة لضربات اجهاضية ما يجلعها تدفع ثمناً غالياً لمجرد العمل على إدخال عناصرها مجلساً لا يشرّع". ورشح "الاخوان" نحو 75 من رموزهم في انتخابات مجلس الشعب البرلمان وحققوا 17 مقعداً ما مثل مفاجأة كبيرة. واكتسحت "لائحة" الجماعة انتخابات نقابة المحامين التي جرت في الاسبوع الاخير من شباط فبراير الماضي.