قبل أربعة أيام من جولة الإعادة الدورة الثانية للمرحلة الثالثة والأخيرة من الانتخابات البرلمانية المصرية وسعت السلطات حملتها على جماعة "الإخوان المسلمين"، وقبضت على عشرات من عناصرها أمس، في ما اعتبر سعياً إلى التأثير على مواقف مرشحيها ال7 في جولة الإعادة. وفي المقابل اعتبر رئيس الوزراء المصري الدكتور عاطف عبيد أن الناخبين "انحازوا الى الإتجاه الوسط ورفضوا التعصب والانحياز الى اليمين أو اليسار المتطرف، كما رفضوا ربط السياسة بالدين أو ايديولوجية جامدة"، ملمحاً إلى تغييرات في الحزب الوطني الحاكم. قررت نيابة أمن الدولة العليا في مصرأمس حبس أعداد كبيرة من المحامين المنتمين إلى جماعة "الإخوان المسلمين" المحظورة، بعدما قسّمتهم إلى ثلاث قضايا جديدة جاء السيد مسعود السبحي سكرتير مرشد "الجماعة" السيد مصطفى مشهور على رأس لائحة الاتهام في احداها. وللمرة الأولى، منذ سنوات، تباشر النيابة تحقيقات مع متهمين يوم الجمعة، وهو العطلة الاسبوعية. وقال المحامي عبدالمنعم عبدالمقصود إن النيابة كانت اصدرت أول من أمس قرارات بالقبض على أعداد كبيرة من عناصر"الإخوان"، خصوصاً من المحامين في محافظات عدة، وان قوات الأمن بدأت أمس حملات على منازل المتهمين وتمكنت من القبض على بعضهم، ونقلتهم لاحقاً إلى مقر النيابة. وذكر عبدالمقصود أن القضية المتهم فيها السبحي تضم 27 متهماً بينهم خمسة محامين اتهمتهم أجهزة الأمن ب"السعي لاستغلال انتخابات الإعادة لإثارة الجماهير ضد الحكومة القائمة في البلاد وتجهيز كاميرات تصوير فيديو لتسجيل وقائع تصدي الشرطة لتجاوزات انصار المرشحين، للايحاء بأن أجهزة الأمن تمنع الناخبين من دخول لجان الاقتراع". وأضاف ان المتهمين نفوا التهمة وأكدوا أن سبب توقيفهم يعود إلى "رغبة الحكومة في حرمان مرشحي التيار الاسلامي من مندوبيهم في لجان الاقتراع لتسهيل مهمة مرشحي الحزب الوطني الحاكم". وأشار الى أن القضيتين الأخريين تتعلقان بتهم وجهت إلى عناصر من "الإخوان" بينهم محامون أيضاً حول نشاط للجماعة شمال القاهرة وجنوبها. ولاحظ أن وقائع القضايا الثلاث تركزت في المناطق التي يخوض فيها مرشحو "الجماعة" جولة الإعادة. وكان "الإخوان" نالوا 15 مقعداً في المرحلتين الأولى والثانية من الانتخابات، وهو رقم لن يصل إليه أي حزب معارض يتمتع بالشرعية، مما يعني أن "الإخوان" سيمتلكون أكبر كتلة سياسية في البرلمان المقبل بعد الحزب الوطني. وتأمل "الجماعة" في زيادة عدد مقاعدها إلى 20 من خلال مرشحيها السبعة في جولة الإعادة، اضافة إلى اثنين آخرين من مرشحيها في دائرة الرمل في الاسكندرية هما السيدة جيهان عبداللطيف الحلفاوي والسيد المحمدي أحمد اللذان حصلا على غالبية الأصوات في انتخابات الدائرة التي جرت ضمن المرحلة الأولى، لكن حكماً قضائياً قضى بوقفها بعدما ألقت الشرطة القبض على مندوبي السيدة الحلفاوي قبل يوم من اجراء الانتخابات. وقررت وزارة الداخلية إعادة الانتخابات من جديد في الدائرة في الأسبوع الأخير من الشهر الجاري. ويخشى "الإخوان" من تصعيد حكومي ضدهم خلال الأيام المقبلة بعدما تسببت النتائج الايجابية التي حققوها وسقوط عدد غير قليل من رموز "الوطني" في ارتفاع لهجة المطالبين بتغييرات في الحزب واستبعاد الحرس القديم. من جهته، لمح رئيس الحكومة الدكتور عاطف عبيد إلى تغييرات ستطرأ على الحزب الحاكم بعدما اعتبر أن الانتخابات اثبتت ضرورة الدفع بعناصر شابة إلى ميادين العمل. وقال عبيد في تصريحات للصحافيين أمس: "لا خوف من الحرية الكاملة للجماهير التي انحازت الى الوسط بقوة ورفضت التعصب والانحياز إلى اليمين أو اليسار المتطرف، كما رفضت ربط السياسة بالدين أو ربطها بأيديولوجية جامدة. والساعي الى الغالبية في البرلمان لا بد أن ينزل إلى الشارع وأن يحافظ باستمرار على الاقتراب من الجماهير وألا يكتفي بالحديث اليهم كلما جرت الانتخابات. فمن غاب عن الساحة الجماهيرية غيبته عن الصورة". وأوضح عبيد أن الحكومة "ستركز خلال المرحلة المقبلة على قضايا رئيسية لتشكيل مجتمع قوي في مقدمها تأهيل الشباب وتطوير خبراتهم للعمل على جذب الاستثمارات اللازمة لتوفير الأعمال لهم سواء المحلية أو الأجنبية، مع التركيز على الاستثمارات الاجنبية المصحوبة بالخبرة والمعرفة لتطوير الانتاج وزيادة قدراته على المنافسة العالمية في اطار خطة للتسويق الخارجي، ومعالجة الزيادة السكانية التي تلتهم جهود التنمية وذلك وفق أساليب علمية متطورة، والاهتمام بتقديم الخدمات للجماهير وخاصة على مستوى القاعدة العريضة بالقرى والأحياء الشعبية بعد أن أبرزت الانتخابات أهمية الخدمات في حسم نتائجها، والاهتمام بقضية تطوير التعليم من خلال اختيار شريحة من الطلاب المتفوقين تتحمل الدولة نفقات تعليمهم إلى جانب مجموعة من الطلاب القادرين على دفع نفقات التعليم المتطور، لتمثل تلك الشريحة البالغة حوالي عشرة في المئة من الطلاب نخبة قادرة على الابداع والتعامل مع معطيات العصر"، مؤكداً "عدم تخلي الحكومة عن مجانية التعليم للكافة".