يقول أحد الوزراء الذين رافقوا رئيس الحكومة رفيق الحريري في زيارته واشنطن، ان اعتبارها ناجحة في جلسات التقويم التي عقدوها معه، يعود الى أسباب عدة، بدءاً بالاجتماع مع الرئيس جورج بوش. وكشف الوزير معطيات جديدة عما دار في المحادثات مع بوش وسائر مساعديه، في شكل يدفع الى الاستنتاج أنها ناجحة. وسجّل واقعة أن الرئيس الأميركي استخدم عبارات حيال التزامه دعم لبنان، اطلقها خلال لقاءاته في حملته الانتخابية مع مجموعات الأميركيين من أصل لبناني، مؤكداً ان لبنان سيبقى في ذاكرته ولن ينساه. وأشار الوزير الى ان بوش استعار عبارات تستعملها فرنسا عادة في الحديث عن علاقتها الخاصة بلبنان، ربما بسبب كثرة الاتصالات التي اجراها معه الرئيس جاك شيراك عشية استقباله الحريري، فضلاً عن أن بوش أوضح في معرض تأكيده دعم لبنان، أن "لا مصلحة في تعريضه لأزمات اقتصادية وأن دوره في الشرق الأوسط يتجاوز مساحته وعدد سكانه، وان تعثر السلام في المنطقة لا يمنع واشنطن من تقديم الدعم اليه، سواء مباشرة أو عبر الاصدقاء، كي يبقى واقفاً على قدميه ويستعيد دوره ولمنع الانهيار فيه". وعدد الوزير أسباب نجاح زيارة الحريري بالآتي: - ان وصول آرييل شارون الى رئاسة الحكومة في اسرائيل لا يؤمن له لدى الادارة الجديدة حماسة في التأييد، قياساً الى سلفه ايهود باراك الذي يحظى بحضور لافت داخلها، في مقابل النقزة من شارون الذي يعوض بعطف يلقاه في الكونغرس الأميركي. وهذا ما برز في السجال الذي دار بين الحريري وعدد من النواب والشيوخ الأميركيين. - ان الادارة الجديدة ما زالت في طور تركيب فريق عملها ولا ترغب في افتعال مشكلة في وجه الحريري، اضافة الى رغبتها في الاستماع الى الرأي الآخر حيال القضايا المطروحة المرتبطة بأزمة الشرق الأوسط. - ان بوش لا يريد في ظل الجمود المسيطر على العملية السلمية الاكثار من اعداء واشنطن، عبر الوقوف الى جانب شارون، خصوصاً ان العداء لها بفعل الحصار على العراق سيدفع بها الى اعادة النظر في هذه العقوبات مع الحؤول دون تقوية قدرات العراق العسكرية بما يهدد الاستقرار في المنطقة. وأوضح الوزير ل"الحياة" ان بوش تطرق الى الوضع في العراق، مؤكداً أنه لا يريد اعطاء الذرائع لتكرار المسيرات في العواصم العربية والاسلامية، دفاعاً عن اطفال العراق وحقهم في الحياة، واحتجاجاً على الحصار على الشعب العراقي، لذا سيعيد النظر في العقوبات. وعن تبدل الانطباع حيال مدى اهتمام الادارة الجديدة بعملية السلام، نقل عن بوش ان لديه اسلوباً في العمل والتحرك في الشرق الأوسط يختلف عن اسلافه، سواء على مستواه الشخصي أو ادارته، نافياً ما يتردد عن ادارة الظهر لها. وأكد ان ادارته ملتزمة تحريك العملية السلمية وسيكتشف من يروج عكس ذلك أنها منخرطة كلياً فيها لتحقيق سلام عادل وشامل. وغمز من قناة سلفه بيل كلينتون من دون ان يسميه فقال انه "لا يحب الاجتماعات لالتقاط الصور أو تلك التي تتسم بطابع استعراضي بالتركيز على المصافحات في الاجتماعات بين مسؤولين عرب وإسرائيليين". وقال بوش انه لا يرغب "في اعطاء وعود كاذبة أو تحديد مهل زمنية للتوصل الى اتفاق"، في اشارة غير مباشرة الى المنسق الأميركي السابق لعملية السلام دنيس روس. ولاحظ أحد الوزراء اللبنانيين ان التبدل الأميركي حيال شارون قد يكون في بداية الطريق، "اذ لم نسمع ما كان يكرره بوش وبعض معاونيه منذ نجاح زعيم "ليكود" أن لا بد من ان يعطى فرصة، فتجنب هذه العبارة وأيد العودة الى أسس السلام كما انطلقت في مدريد". واعتبر الوزير ان مجرد عودة الإدارة الأميركية الى التذكير بقرارات الأممالمتحدة، يشكل نقلة نوعية، مشيراً الى ان بوش توافق مع الحريري على التركيز على قرارات الشرعية الدولية كإطار لتحقيق السلام العادل، ومؤكداً أن وزير الخارجية الأميركي كولن باول تقصد، اثناء اجتماعه مع الوفد اللبناني، القول انه سيتحدث بعد اللقاء عن التزام واشنطن القرارين الرقمين 242و338. فصرح امام الصحافيين بذلك. واستوقف الوفد اللبناني "اصرار مسؤولين كبار في الادارة على تحميل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات مسؤولية اطاحة الفرصة المواتية في كامب ديفيد للتوصل الى اتفاق مع باراك، ما أدى الى تباعد في الموقفين الفلسطيني والإسرائيلي يصعب ردمه حتى لو بذلت جهود قصوى، وأفسحت في المجال امام تزايد اعمال العنف بين الطرفين". ومن دون أن يدافع الوفد اللبناني عن موقف عرفات، رأى ان المسؤولية تقع على تل أبيب لرفضها تطبيق اتفاق أوسلو ومحاولتها الالتفاف عليه. وسأل الحريري: "هل يعقل ان تتهرب إسرائيل من تنفيذ اتفاق وقعته؟ وبالتالي من يلزمها تطبيق قرارات الشرعية الدولية؟ انها غير جادة في الوصول الى السلام والدليل استمرار احتلالها مزارع شبعا واصرارها على الاحتفاظ بأرض في الجولان وفي مناطق الحكم الذاتي الفلسطيني فاحبطت فرصة التوصل الى سلام". من جهة أخرى، انتقل الحريري امس الى نيويورك تمهيداً للقاء مع الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان. واستقبل في مقر اقامته السفير الفرنسي في المنظمة الدولية جان دافيد لافيت.