بدأت تترسخ مخاوف اسرائيل من نهج الادارة الاميركية الجديدة. ولمس الوفد الذي ارسله رئيس الوزراء المنتخب آرييل شارون ان هذه الادارة لن تنظر الى شؤون الشرق الاوسط بالمنظار الاسرائيلي، بعد الطريقة التي تعاملت بها مع الاحداث الاخيرة. فبدت واشنطن على غير عادتها اكثر توازناً في ادانة "اعمال العنف"، اذ لم تقتصر الادانة على ما فعله فلسطينيون أو على مطالبة سلطتهم ب "العمل على ضبط الوضع" بل شملت عمليات الاغتيال التي نفذتها الاجهزة الاسرائيلية ضد عدد من القيادات الفلسطينية. واعلن الناطق باسم الخارجية الاميركية ان الوزير كولن باول انتقد عملية ال "اباتشي" الاسرائيلية اثناء مكالمة هاتفية اجراها مع الرئيس ياسر عرفات أول من امس. وكانت هذه العملية ادت الى اغتيال الضابط مسعود عياد. وانعكس هذا الاسلوب "المتوازن" على المواقف التي يبديها المسؤولون الاميركيون حيال الشرق الاوسط كدلك على تصريحات الرئيس جورج بوش الذي دعا الى وقف الافعال وردود الافعال. وسمع موفدو شارون الى واشنطن، موشي ارينز ودوري غولد وزلمان شوفال، كلاماً موحداً من الادارة الاميركية على الأوضاع. وقالت مصادر ديبلوماسية ان مستشارة الامن القومي كوندوليزا رايس شددت خلال اجتماعها مع الثلاثة على ضرورة تحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي للفلسطينيين. واضافت المصادر ان الموفدين شعروا بأن هناك تبايناً في وجهات النظر إلى موضوع السلطة الفلسطينية، فالادارة تعتبرها مسؤولة عن ضبط الوضع، في حين ان شارون لا يعوّل على السلطة بل ينظر اليها باستخفاف. وقال مصدر رفيع المستوى في الخارجية الاميركية ان باول شدد اثناء اجتماعه بموفدي شارون على ضرورة تخفيف الضغوط الاقتصادية على الفلسطينيين وضرورة افراج اسرائيل عن عائدات الضرائب. واشار في هذا السياق الى أعمال جرف قامت بها السلطات العبرية قرب مستوطنة نتساريم. واستمع مساعد وزير الخارجية الاميركية نيد ووكر الى عرض للدكتورة حنان عشرواي عن الوضع في المناطق الفلسطينية. وتزامن هذا الاجتماع مع لقاءات مبعوثي شارون مع الادارة، مما يشير الى رغبة هذه في الايحاء بأنها تريد ان تلعب دوراً اكثر توازناً لاحياء مصداقية الولاياتالمتحدة في الشرق الاوسط. وترى مصادر ديبلوماسية ان الادارة الجديدة حريصة على اعادة ترميم العلاقات مع العالم العربي والاسلامي. وتقول ان الجمهوريين يعتقدون بأنهم سلموا البيت الابيض إلى الديموقراطيين والعلاقات العربية والاسلامية مع الولاياتالمتحدة في اوجّها واستعادوا السلطة وقد تردت هذه العلاقات وساءت. وأخذت المصادر على الادارة السابقة تأييدها إسرائيل معتقدة أن ترميم العلاقات مع العالم العربي يمر عبر التقارب مع الفلسطينيين. وأقرت بأن الادارة الجديدة تؤيد الدولة العبرية ايضاً لكنها ترى العلاقات مع العرب من خلال التقارب مع السعودية واستقرار المنطقة وتحريك ملف العراق. وبالنسبة الى مسألة الضغط الاميركي على اسرائيل لتعويم السلطة الوطنية، قالت المصادر ان هذا الاتجاه لا يزال موروثاً من عهد كلينتون لأن المسؤولين الذين استثمروا الكثير في السلطة لا يزالون في وظائفهم حتى الآن. واشارت في هذا السياق الى مارتن انديك الذي يحذر يومياً من الوضع الاقتصادي المتردي، والى آرون ميلر الذي لا يزال موجوداً في دائرة الشرق الادنى مع نيد ووكر، اضافة الى بروس رايديل في البيت الابيض. ومعظم هؤلاء لا يزالون متأثرين بسياسة الادارة القديمة. واضافت ان الولاياتالمتحدة لا تزال متأرجحة في موقفها من السلطة، ففي الوقت الذي تسعى الى دعمها تعترف للاسرائيليين بضرورة الضغط على عرفات من خلال المساعدات الاقتصادية لحضّه على ضبط الوضع. وشددت الحكومة البريطانية مجددا على ضرورة التوصل الى "اتفاق سلمي شامل" على أساس الارض في مقابل السلام، وذلك خلال لقاء وزير الخارجية روبن كوك ووزير الدولة للشؤون الخارجية برايان ويلسون مع ايتان بن تسور مبعوث شارون. وكان الاخير اكد في الخطوط العريضة لسياسته انه سيسعى الى اتفاقات مرحلية.