استهدف تأخير وزير الخارجية السوري فاروق الشرع موعد استقباله ممثل الامين العام للامم المتحدة تيري رود لارسن لنحو سبع ساعات اول من امس التعبير عن الاستياء من مواقف الاممالمتحدة الاخيرة من الغارة الاسرائىلية على الموقع السوري في لبنان... وتجديد الثقة السورية ب"الاوراق" لمواجهة اريىل شارون. اذ ان الرئيس بشار الاسد انتقد الامين العام للامم المتحدة كوفي انان لعدم تسميته "الاشياء باسمائها"، مستغربا وصف انان عمليات "حزب الله" في مزارع شبعا ب"العدوان" والغارة الاسرائىلية ب"التصعيد". واتضح الانزعاج السوري في لقاء الشرع - لارسن، اذ في مقابل تجديد المبعوث الدولى التشديد على احترام "الخط الازرق" في جنوبلبنان، فإن الرأي السوري يفيد: "ان مزارع شبعا بغض النظر عما يقال من انها لبنانية او سورية هي بالتأكيد ليست اسرائيلية وليس من حق اسرائيل القيام بأي ردة فعل، ومن المفارقة دعوة العرب لضبط النفس في الوقت الذي تقوم فيه اسرائيل باعتداءات متكررة ضدهم". تفصيلا، اعلنت دمشق امس في بيان رسمي ان "ليس من حق اي مسؤول في الاممالمتحدة توجيه اللوم الى اي طرف عربي يدافع عن نفسه ضد قوات الاحتلال الاسرائىلية بالوسائل المشروعة وفق ميثاق الاممالمتحدة". ويذهب المسؤولون السوريون الى ان غارة شارون على ضهر البيدر لم تكن في الاصل رداً على عملية شبعا، ما يساعد في تفسير التشدد في الخطاب السوري بقول الاسد ان بلاده "لن تقف مكتوفة الايدي" بعد الذي حصل وان "الدعوات لضبط النفس لم تعد مجدية". كما ان دمشق تستند في تشدد خطابها على الثقة ب"الاوراق" التي تملكها في التوازن مع الدولة العبرية الذي يميل عسكريا بقوة لصالح اسرائيل، بحيث تستخدم هذه "الاوراق" في تهديد نظرية "امن اسرائيل وشعبها" التي فاز شارون في الانتخابات الاخيرة على خلفية تحقيقها للاسرائىليين. وفي دمشق تصورات للاحتمالات الممكنة في المستقبل القريب، ومراقبة دقيقة لتطورات الوضع الاقليمي خصوصا على جبهتي الاراضي الفلسطينية والعراق. وفيها اعتقاد بان ارتفاع حدة التوتر في لبنان سينتقل الى الاراضي الفلسطينية كما حصل عندما بدأت "حركة المقاومة الاسلامية" حماس باطلاق قذائف هاون على اسرائىل، بعد ضرب الموقع السوري والتصعيد في جنوبلبنان. وفي هذا المجال، يشار الى الاجتماعات القائمة حاليا في ايران في حضور جميع المنظمات الفلسطينية، ما يعني بداية عودة "التنسيق العسكري والامني" بين "حزب الله" و"حماس" و"حركة الجهاد الاسلامي" بعد توقفه في الاشهر الاخيرة. كما ان الوضع العراقي يدخل في اطار الحسابات السورية. وكان ذلك واضحا لدى تغيير اولويات محادثات مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الاوسط ادوارد ووكر حديثه مع الشرع قبل ايام، فتركز على "عدوان شارون" بدلا من "نظام السيطرة" على العراق الذي تعتبره ادارة الرئيس بوش الاولوية في سياستها الشرقية الاوسطية. اذ لاتستطيع سورية البحث في موضوع العقوبات على العراق والتعاون في تنفيذها، في وقت تضرب قواتها في لبنان، وتزداد شعبية السياسة الاميركية في الشرق الاوسط تراجعا. الى هذه الاسباب، هناك اسباب اخرى تدفع السوريين الى الاعتقاد بأن التصعيد وتغيير "قواعد اللعبة" ليس في مصلحة اسرائىل، وان واشنطن لن تسمح بتدهور الاوضاع اكثر، فهي تعرض اتفاقي السلام مع الاردن ومصر الى التهديد الفعلي، والمصالح الاميركية في الخليج الى الخطر، وانتهاء فكرة اندماج اسرائيل في المنطقة، وتوقف مشروع ادارة بوش لفرض "نظام العقوبات" او "العقوبات الذكية" المقرر اعلانها في حزيران يونيو المقبل. امنيا، هناك اعتقاد بأن "حزب الله" سيرد بعمليات في مزارع شبعا بعد تأكيده "عدم وقف عمليات المقاومة"، وان عدم قيام شارون بقصف مواقع سورية يعيد "اللعبة" الى "قواعدها" السابقة، ويكون التدخل الاميركي اعطى ثماره وبقي السلام خياراً تفاوضيا. اما ضرب مواقع سورية في لبنان فسيقود الى استهداف المقاومة مواقع داخل الاسرائىل حسب ما وعد به الرئيس اللبناني اميل لحود، مايعني تجاوز الجانب العربي "القواعد التقليدية"... وتهديد عمق نظرية شارون الامنية.