غزة - "الحياة" - اعترض رجال دين وحزبيون فلسطينيون على فتوى الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، مفتي المملكة العربية السعودية، بأن العمليات التي ينفذها المقاومون الفلسطينيون ضد أهداف يهودية داخل اسرائيل ليست استشهادية، ولا يوجد لها أي وجه شرعي. وأثارت الفتوى، إن صحت، ردود فعل في الوقت الذي يواجه الفلسطينيون يومياً آلة الحرب الاسرائيلية، وعدواناً بمختلف أنواع الأسلحة المتطورة منذ اكثر من سبعة شهور، في حين لا يملكون في مواجهتها سوى اجسادهم لتفجيرها وسط البلدات الاسرائيلية وفي الحافلات التي تقل الركاب، وفي المطاعم والاسواق. وكان المفتي قال أخيراً، في حديث إلى الزميلة "الشرق الأوسط" عن العمليات الانتحارية ان "هذه الطريقة لا أعلم لها وجهاً شرعياً، ولا أنها من الجهاد في سبيل الله، وأخشى ان تكون من قتل النفس". لكنه أضاف: "إن اثخان العدو وقتاله مطلوب، بل ربما كان متعيناً، ولكن بالطرق التي لا تخالف الشرع"، في اشارة واضحة الى ان مثل هذه العمليات يخالف الشريعة الاسلامية، الأمر الذي اختلف معه فيه الشيخ حامد البيتاوي رئيس رابطة علماء فلسطين، والدكتور عبدالعزيز الرنتيسي القيادي في "حركة المقاومة الاسلامية" حماس، اكثر الحركات تنفيذاً لمثل هذه العمليات. واستبعد الشيخ البيتاوي في حديث إلى "الحياة" ان يكون الشيخ آل الشيخ قال مثل هذا الكلام". وأضاف: "إذا صح ما نسب اليه، فنحن نخالفه الرأي، على رغم ان آل الشيخ عزيز علينا، لكن الحق أعز". واعتبر ان هناك مبادىء يُستند اليها، منها ان "الجهاد مشروع من أجل حماية الدين والأعراض وهو فرض كفاية، يصبح فرض عين اذا احتل الكفار شبراً من بلاد المسلمين، الأمر الحاصل فعلاً في احتلال اليهود لفلسطين". وأشار الى المبدأ الثاني، وهو مبدأ "المعاملة بالمثل"، مستشهداً بالآية القرآنية الكريمة: "من أعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما أعتدى عليكم"، وآية أخرى: "ان عوقبتكم، فعاقبوا بمثل ما عوقبتكم به"، وثالثة: "... فيْقتلون ويقتلون". ووصف البيتاوي منفذي العمليات بأنهم "الأبطال المجاهدون الذين يحملون أرواحهم على أكفهم"، مستذكراً قول الشاعر الفلسطيني شهيد معركة الشجرة عبدالرحيم محمود: "سأحمل روحي على راحتي وألقي بها في مهاوي الردى/ فإما ممات يسر الصديق وإما ممات يغيظ العدا". واعتبر العمليات "استشهادية جهادية وليست كما يزعمون انتحارية"، مشدداً على أنها "ألقت الرعب والخوف في صفوف العدو الاسرائيلي الذي يمارس الارهاب والعدوان منذ ان دنس أرض فلسطين". اما الدكتور الرنتيسي فقال: "ان الانتحار نية"، و"اذا كانت هناك نية لدى المستشهد الذي يقتل نفسه بأن يتخلص من نفسه لأنه ملّ الحياة، بهدف التخلص من حياته فهذا يكون انتحاراً، ولكن اذا كان يريد ان يستشهد ليضرب العدو ويتلقى أجراً من الله فهو استشهاد". وأضاف في كلامه على الذين ينفذون العمليات: "نحن لا نشك في أنهم استشهاديون، فهذا الأمر الاستشهاد أولى بكثير من العمليات". ولفت البيتاوي والرنتيسي الى ان كبار علماء المسلمين افتوا في هذا الأمر وأبرزهم الشيخ يوسف القرضاوي الذي قال ان هذه العمليات "استشهادية جهادية"، واعتبرها "من اعظم انواع الجهاد في سبيل الله"، مستنداً الى قوله تعالى "واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم" الانفال: 60. وأشار الشيخان الى فتويين لمفتيي مصر والكويت، وفتاوى نحو 25 من علماء الدين في الأردن المماثلة لفتوى القرضاوي.