بدأت القوات اليوغوسلافية صباح أمس انتشاراً جديداً في المنطقة العازلة من الأراضي الصربية المحيطة باقليم كوسوفو، في حين أعلن الرئيس اليوغوسلافي فويسلاف كوشتونيتسا انه لم يتعهد عدم تسليم سلفه سلوبودان ميلوشيفيتش الى محكمة لاهاي، وان موقفه المعارض لذلك نابع من حرصه على صون الهيئات الدستورية للبلاد. بسط الجنود اليوغوسلاف أمس سيطرتهم على قطاع ثالث في المنطقة الأمنية المتاخمة لاقليم كوسوفو، بموجب اتفاق وقعته قبل ثلاثة أيام سلطات بلغراد وقيادة قوات حفظ السلام كفور، في اطار الجهود المشتركة لمنع المقاتلين الألبان من استخدام المنطقة لعمليات مسلحة جنوب صربيا أو مقدونيا. ويبلغ طول المنطقة التي تم الانتشار الأخير فيها 85 كيلومتراً وعرضها خمسة كيلومترات، وتمتد عبر أراضي بلديات ميدفيجا وليباني وليسكوفاتس وفرايني المحاذية لشرق اقليم كوسوفو. ومعلوم ان طول المنطقة العازلة داخل أراضي صربيا والجبل الأسود المحيطة بكوسوفو يبلغ 400 كيلومتر وكيلومترين وعرضها خمسة كيلومترات، وهي مقسمة خمسة قطاعات، وكان محظوراً على القوات اليوغوسلافية دخولها بموجب الاتفاق العسكري بين حلف شمال الأطلسي وحكومة بلغراد، الذي وقع ضمن شروط وقف الغارات الجوية الأطلسية على يوغوسلافيا في حزيران يونيو 1999. وسمح الحلف الأطلسي للقوات اليوغوسلافية بالعودة التدريجية الى المنطقة منذ نحو شهر، بعدما استغل مسلحون ألبان الفراغ الأمني هناك وشنوا عمليات قتالية ضد جنوب صربيا ومقدونيا انطلاقاً منها، حيث تم انتشار الجنود اليوغوسلاف في ثلاثة قطاعات منها تشكل نحو ثلاثة أرباع المنطقة. وثمة قطاعان لم تدخلهما القوات اليوغوسلافية، أحدهما شمال كوسوفو وسيتم الانتشار فيه قريباً، ويبقى القطاع الخامس الذي يقع في بلديتي بويانوفاتس وبريشيفو، حيث الأراضي التي كانت مسرحاً للاشتباكات بين القوات اليوغوسلافية ومقاتلي "جيش تحرير بريشيفو وبويانوفاتس وميدفيجا". ويسود الاعتقاد ان الانتشار العسكري اليوغوسلافي فيها سيتأخر بعض الوقت تلافياً لمواجهات مع مقاتلين ألبان لا يزالون فيها بموجب اتفاق هدنة، والى حين التوصل الى تسوية في شأنها. ميلوشيفيتش الى ذلك، أعيد الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوشيفيتش الى السجن المركزي في بلغراد، بعدما أمضى يومين في مستشفى عسكري لإجراء فحوصات عقب تعرضه لآلام في الصدر. وجاءت اعادته، بعدما ذكرت اللجنة الطبية التي تولت معالجته، ان حاله طبيعية على رغم ارتفاع ضغط دمه "الاّ ان هذا الارتفاع لا يشكل خطورة تستدعي بقاءه في المستشفى". وأصدر "الحزب الاشتراكي الصربي" الذي يتزعمه ميلوشيفيتش بياناً طالب فيه بالافراج عنه "لأن صحته تتدهور في السجن، بسبب تعرضه لظروف لا يمكنه تحملها". ومعلوم ان ميلوشيفيتش اعتقل في الأول من نيسان ابريل الجاري بتهم فساد واستغلال السلطة لمكاسب شخصية والاضرار بخصومه السياسيين، في حين تطالب محكمة الجزاء الدولية في لاهاي بتسليمه اليها، بتهم تتعلق بجرائم حرب في كوسوفو والبوسنة وكرواتيا. وقال الرئيس اليوغوسلافي فويسلاف كوشتونيتسا انه لم يعط ضمانات لميلوشيفيتش تتعلق بعدم تسليمه الى محكمة الجزاء الدولية في لاهاي، خلال اللقاءين اللذين تمّا بينهما بعد اطاحته. وأوضح في تصريح الى صحيفة "غلاس يافنوستي" الصادرة في بلغراد أمس: "لم اتحدث معه ميلوشيفيتش في هذا الشأن ولم اعطه قط مثل هذه الضمانات، وهو لم يطرح عليَّ قط في شكل مباشر، مثل هذا الأمر". واعتبر كوشتونيتسا ان اي مشروع قانون يسمح بتسليم المواطنين اليوغوسلاف الى الخارج لمحاكمتهم "يساوي فقدان آخر ذرة من سيادتنا لنصبح شرطة في خدمة محكمة الجزاء الدولية". وأضاف "ان من الضروري تعديل هذا المشروع ليعطي لهيئاتنا الدستورية الفرصة للنظر في الحالات التي ستطرح عليها". يذكر ان كوشتونيتسا يستند في رفضه تسليم ميلوشيفيتش الى محكمة لاهاي، الى نص في الدستور اليوغوسلافي يمنع تسليم المواطنين اليوغوسلاف الى جهة أجنبية لمحاكمتهم. وتسعى جهات حكومية في بلغراد الى اجراء تعديل للتعاون مع محكمة لاهاي، الا ان هذه الجهات لا تتمتع بغالبية الثلثين المطلوبة لتعديل الدستور في البرلمان اليوغوسلافي. لذا فإن تسليم ميلوشيفيتش الى المحكمة الدولية ليس وارداً على الاقل خلال العام الجاري. على صعيد آخر، أعلنت كفور أمس ان جندياً بريطانياً قتل واصيب اثنان بجروح طفيفة أول من أمس عندما انفجر لغم مضاد للدبابات بعربتهم المدرعة قرب قرية كرفينيك جنوب شرقي كوسوفو، وبذلك يرتفع عدد جنود كفور الذين قتلوا خلال اسبوع الى أربعة. ووقع الانفجار حين كانت الدورية البريطانية تسير على طريق تشهد عادة حركة كثيفة. وقال المصدر نفسه ان لا شيء يوحي بأن "الحادث على علاقة بنشاطات متطرفين في المنطقة". وقتل جنديان بريطانيان في المنطقة نفسها، الاثنين الماضي، عندما تحطمت مروحيتهم اثناء محاولة للقيام بهبوط اضطراري بسبب سوء الاحوال الجوية. وقتل جندي روسي بالرصاص شمال شرقي كوسوفو، الأربعاء الماضي، اثناء عملية لترسيم الحدود الادارية مع صربيا.