تفاعلت قضية اللبنانيين الذين اعلنت سلطات الكونغو الديموقراطية انهم "أعدموا"، بعدما كان جنود اعتقلوهم امام مسكنهم منتصف كانون الثاني يناير الماضي، فطالب الرئىس اللبناني اميل لحود بالحصول على ايضاحات من السلطات في كينشاسا عن مصيرهم. وناشد رئىس المجلس النيابي نبيه بري رئيس الكونغو جوزف كابيلا "الاقتصاص من المجرمين" الذن قتلوا اللبنانيين، فيما طلبت الخارجية اللبنانية ان تشترك مع السلطات في الكونغو في التحقيق في ظروف مقتل اللبنانيين هناك، وعبرت عن مواساتها لذويهم. راجع ص4 وكشف رئىس الجالية اللبنانية في الكونغو عبدالستار عاشور ان مواطناً آخر هو علي اللقيس اوقف مع الأحد عشر الآخرين، "لكنه موجود ونحن على اتصال به، وهو رهن الاعتقال". وأوضح ان السفير اللبناني "طلب رسمياً الافراج عن اللقيس، عند لقائه وزير العدل الذي هو رئىس لجنة التحقيقات في قضية مقتل الرئىس ديزيريه كابيلا. وقال إن الجالية اعلنت الحداد ثلاثة ايام وطُلب من الجاليات اللبنانية في افريقيا اعلانه ايضاً. وفي كينشاسا لم تبلغ الجالية اللبنانية بأي جديد بالنسبة إلى مقتل 10-11 من ابنائها، وكانت المصادر الرسمية أكدت مقتل 10 لبنانيين، وقالت إنهم اعدموا، لكنها لم تعذ أي ايضاحات لظروف هذا "الإعدام"، كما لم توفر أي معلومات عن لبنانيين آخرين لا يزالان معتقلين. ثم عرف مكان وجود اللقيس ففي السجن. وحتى مساء أمس، لم يعرف أهالي القتلى إذا كانوا سيتسلمون جثث ابنائهم. وشهد المبنى الذي تقيم فيه عائلات القتلى تجمعاً لبنانياً في ما يشبه مجلس عزاء، فقدمت قوة عسكرية مساء أول من أمس وطلبت من الموجودين التفرق، لكن جرت اتصالات وسحبت القوة. ويسود الجالية اللبنانية اعتقاد بأن ال11 الذين اعتقلوا معاً قتلوا على الفور ولم يجر معهم أي تحقيق. وكان متوقعاً أن يلتقي وزير الخارجية الكونغولي ليونار شي اوكيتندو مع المدير العام للمغتربين في الخارجية اللبنانية هيثم جمعة والسفير اللبناني في كينشاسا شحادة المعلم، إلا أن اجتماعاً دعي إليه الوزراء وكبار ضباط الجيش في رئاسة الجمهورية أدى إلى تأجيل اللقاء. وتداعى السفراء العرب في العاصمة الكونغولية إلى اجتماع مساء أمس للبحث في هذه الجريمة وإعلان موقف منها. وتلقت الجالية اللبنانية اتصالات تعزية من سفارات غربية. وفي لبنان تتنازع أهالي المقتولين في كينشاسا مشاعر متناقضة، اذ يرفضون تصديق اي نبأ غير مؤكد، مع ان معظمهم بات يسلّم بأن المفقودين صُفّوا لكنهم يجهلون مصير الجثث خصوصاً بعدما شاعت معلومات عن انها رميت في النهر، وان عددها عشر من اصل 11 مفقوداً. وكان أفراد عائلات بعض المفقودين عادوا الى لبنان وانتقلوا امس، الى قراهم في الجنوب إثر شيوع نبأ مقتل المفقودين. ورفعوا الرايات السود وأقاموا مجالس عزاء. وراح الأهالي يتابعون تطورات القضية عبر اتصالات هاتفية مع المقيمين في كينشاسا. وكانوا يترقبون نتائج الاجتماع الذي عقد بين وفد من الجالية اللبنانية ووزير الخارجية في الكونغو لمعرفة مصير الجثث. ومال الاتجاه الى تحميل حكومة الكونغو مسؤولية مصير المفقودين في حال لم يتم العثور على الجثث. وإذ يجمع الأهالي على اعتبار "ان حكومة الكونغو في مأزق"، فإنهم يصبون لومهم على الدولة اللبنانية وسفارتها في كينشاسا "لعدم التعاطي مع قضية المفقودين بالجدية المطلوبة". وقال علي شقيق رضا ونبيه نصرالله المفقودين ل"الحياة": "عقب تبلغ اختفاء اللبنانيين باشرنا تحركنا في 16 كانون الثاني يناير الماضي في اتجاه وزارة الخارجية اللبنانية والمجلس النيابي ولدى السفير اللبناني في كينشاسا شحادة المعلم ولكن لم يتجاوب احد معنا". وقال قريب آخر للشقيقين رفض ذكر اسمه: "ان الانباء عن تصفية المفقودين كانت تتناقل منذ اكثر من شهر بين ابناء الجالية في الكونغو ولكن لم يؤكدها احد رسمياً". وأشار علي نصرالله الى ان المفقودين هم من تجار الألبسة وإطارات السيارات والأجهزة الالكترونية والمواد الغذائية، وقد ساقهم من البناية حيث يقطنون رجال الأمن الذين كانوا يعتقلون كل من يرونه او يفتح لهم الباب، ومن لم يفعل نجا بنفسه". ورجح يوسف بسام وهو قريب ابراهيم وحسن وحسين ومحمد علي خزعل، ان تكون عملية تصفيتهم تمت فوراً، وقال ل"الحياة": "ان رجال الأمن قصدوا البناية بحثاً عن يوسف بكري الذي تبين انه آخر من اجرى اتصالاً بمن اغتال الرئىس لوران ديزيريه كابيلا، وراحوا يوقفون كل من خرج من منزله على صراخ النسوة". وأشار الى ان صلة قربى تربط بين ابناء خزعل ونصرالله و"هو ما يشكل فاجعة لبلدة عيناتا التي لا يوجد منزل فيها الا وفيه مغترب في كينشاسا". وأشار الى ان البلدة "كانت عاشت فاجعة مماثلة قبل اربع سنوات حين وجد احد ابنائها جواد ابراهيم مقتولاً في احدى غابات الكونغو من دون معرفة السبب". وسأل بسام عن "سبب تجاهل الدولة اللبنانية لاختفاء عشرة شبان اكثر منذ شهرين، في وقت اوفدت وزيراً الى ليبيا لمتابعة مصير لبنانية خطفت في احدى جزر الفيليبين ماري معربس وحين اطلقت لم تأت الى لبنان". جاءت لاحقاً. ومعظم المفقودين كانوا هاجروا الى الكونغو في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات وبعضهم مولود هناك كأبناء خزعل. وتتفاوت اعمار المفقودين بين 25 و40 سنة. والمفقودين هم: رضا ونبيه عبد الرسول نصرالله، ابراهيم محمد ابراهيم خزعل خنافر ومحمد علي العيد خزعل خنافر وولداه التوأمان حسن وحسين وعبدو سعد بنت جبيل وحسان ومحمد مغنية طير دبا ويوسف محمد بكري سير الغربية ومحمد نبوه برج البراجنة.