} يبدو أن النتائج التي انتهت اليها انتخابات مجلس نقابة المحامين التي اسفرت عن سقوط المرشح الحكومي لمقعد النقيب واكتساح قائمة "الاخوان المسلمين" مقاعد المجلس، لن تمنع الحكومة من اجراء الانتخابات في النقابات المهنية الاخرى التي جُمد نشاطها لسنوات، بفعل فرض الحراسة عليها أو برفض اجراء انتخاباتها على رغم انتهاء المدد القانونية لمجالسها، خشية عودة سيطرة "الاخوان" عليها. ويتوقع ان تبدأ الحكومة بنقابة المهندسين التي كانت أول نقابة سيطرت عليها الجماعة العام 1987، وهي كانت أول نقابة يتعرض نشاطها للتجميد بعد الخلافات بين النقيب وزير الاسكان السابق المهندس حسب الله الكفراوي واعضاء مجلس النقابة من المنتمين الى "الاخوان". افادت مصادر مصرية مطلعة ان جهات رسمية تدرس ملف النقابات المهنية في ضوء انتخابات نقابة المحامين، في الاسبوع الاخير من الشهر الماضي، واسفرت عن سقوط المرشح الحكومي لمقعد النقيب رجائي عطية واكتساح قائمة جماعة "الاخوان المسلمين" لمقاعد مجلس النقابة. وذكرت المصادر أن ثمة اتجاهاً لدى الجهات الرسمية المهتمة بملف النقابات المهنية الى اعلان فتح باب الترشيح لانتخابات مجلس نقابة المهندسين. وتوقعت ان يتم ذلك الاجراء في ايار مايو المقبل على أن تتبعه قرارات اخرى تتعلق بإجراء انتخابات مجالس بقية النقابات المهنية المعطلة منذ سنوات، وفي مقدمها نقابة الاطباء. وقالت المصادر ل "الحياة" إن الحكومة تسعى الى "إنهاء حال الاحتقان في النقابات، خصوصاً بعدما اثبتت تجربة المحامين امكان التعاطي مع التيار الاسلامي من دون الوصول الى مرحلة الصدام، في ضوء تغييرات مهمة طرأت على اسلوب الاخوان في النقابات وتحولهم من السعي الى الاستحواذ على مجالسها الى مشاركة القوى السياسية الاخرى وبينها الحزب الوطني الحاكم في إدارتها". ويسود اعتقاد في الاوساط المصرية بأن الحكومة لجأت الى تجميد نشاط النقابات المهنية وتعطيل انتخاباتها بعدما تحولت قلاعاً ل"الاخوان" الذين تمكنوا من السيطرة على مجالسها، ليفرضوا نفسهم على الساحة السياسية على رغم غيابهم منذ بداية العام 1990 عن البرلمان الذي قاطعوا انتخاباته، في تلك السنة، مع قوى سياسية أخرى احتجاجاً على رفض الحكومة استجابة مطالب تتعلق بالاصلاح السياسي. كما فشل مرشحوهم في نيل أي مقعد في الانتخابات العام 1995، والتي اعتبروها زورت لاسقاط مرشحيهم. واكدت مصادر في "الاخوان"، ان الجماعة لن تخوض اي انتخابات نقابية مقبلة بلوائح تضم فقط عناصرها. واشارت الى ان اسلوب التنسيق مع قوى سياسية اخرى والذي اتبع في انتخابات نقابة المحامين سيتبع في انتخابات المهندسين. ويبلغ عدد المسجلين في نقابة المهندسين 250 ألف مهندس، بينهم نحو 160 الفاً من المسددين لاشتراكات العضوية، أي يحق لهم التصويت في الانتخابات. وفي حين تجري الانتخابات في كل النقابات الاخرى بالاقتراع المباشر لمرة واحدة فإن انتخابات المهندسين تتم بطريقة مغايرة، نظراً الى كثرة عدد اعضائها وتعدد الاقسام التي يمثلونها، وهي الانشاءات المدنية والعمارة والميكانيكا والكهرباء والكيمياء والتعدين والغزل والنسيج. ويتم انتخاب خمسة اعضاء في مجلس النقابة لكل قسم من الاقسام الاربعة الاولى واثنين للاقسام الثلاثة الاخرى على ان ينتخبهم فقط المهندسون المسجلون في كل قسم. ويختار المهندسون 11 من اعضاء النقابة اضافة الى النقيب، يضافون الى رؤساء النقابات الفرعية في القاهرة والمحافظات وعددهم 23 نقيباً. وبذلك يتكون المجلس من 61 عضواً يضاف اليهم 7 من رؤساء الاقسام لا يكون لهم حق التصويت. وكان "الاخوان" ممثلين في المجلس السابق ب45 عضواً، لكن الجماعة فقدت عدداً من ابرز كوادرها في نقابة المهندسين، وعلى رأسهم الامين العام المساعد للنقابة المهندس ابو العلا ماضي، ووكيل النقابة الدكتور صلاح عبدالكريم اللذان استقالا من عضوية التنظيم وخاضا مع آخرين تجربتين لتأسيس حزب سياسي تحت لائحة "الوسط". كما أن الامين العام لمجلس النقابة الدكتور محمد علي بشر يقضي عقوبة السجن في قضية النقابات المهنية التي صدرت فيها الاحكام ضد 20 من رموز "الاخوان" العام الماضي. وسيواجه "الاخوان"، على رغم ما كشفت عنه انتخابات المحامين من قدرات عالية لديهم في التعاطي مع الانتخابات، مشاكل جديدة في انتخابات المهندسين. اذ هناك تجمع قوي بين المهندسين يدين بالولاء الى مجموعة "الوسط". كما ان الحكومة قادرة على التأثير على كتلة كبيرة من الذين يعملون في سبع وزارات و"شركة المقاولين العرب"، علماً أن عمليات الاقتراع تتم في الاماكن التي توجد فيها تجمعات المهندسين وليس في مقرات النقابات كما هي الحال بالنسبة الى المحامين.