ضربت حركة طالبان الحاكمة في كابول بعرض الحائط الوساطات الاسلامية والدولية لثنيها عن تدمير تماثيل تشارك الانسانية في امتلاكها، وكذلك احتمالات انضمامها الى المجتمع الدولي كحكومة تمثل افغانستان. في حين تواصل منظمة "اليونيسكو" مسعاها لانقاذ تماثيل بوذا، ولكن لم تظهر بشائر نجاح بعد. اسلام آباد، كابول، الدوحة - أ ف ب، أ ب، رويترز - أكد وزير الاعلام في حركة طالبان قدرة الله جمال أمس ان أعمال تدمير تماثيل بوذا العملاقة في اقليم باميان وسط افغانستان "لا تزال متواصلة" وستستكمل على رغم موجة الاعتراضات العالمية المتزايدة. وأكد ان ثلاثة ارباع التماثيل التي تشمل في رأيه "أشياء من الوحل والحجارة دمرت وأن الحملة ستنجز بعد أربعة ايام على الأكثر، مشيراً الى ان التدمير اسهل من البناء". وأضاف ان تدمير تماثيل بوذا المنحوتة في الصخر قبل أكثر من 1500 عام، وأحدها يعد الأكبر له في العالم ويبلغ ارتفاعه 55 متراً، "مسألة سهلة" وان الأمر "لا يتطلب الكثير من الصواريخ والقصف بالدبابات". وأوضح ان اعمال التدمير تتم ب"البارود والفؤوس والمعاول". وقال ان يدي بوذا وقدميه دمرت وان العمل متواصل لتدميره في صورة كاملة. وأعلنت وكالة الأنباء الاسلامية الافغانية ان عناصر طالبان يضعون المتفجرات في التجويفات التي تحوي تماثيل بوذا ولا مجال لتأكيد هذه المعلومات الرسمية أو غير الرسمية، لعدم توافر مصادر مستقلة، في حين لا يستطيع الأجانب قصد المكان حتى الآن. وكان القائد الأعلى لحركة "طالبان" الحاكمة في كابول الملا محمد عمر أمر، الاثنين الماضي، بتدمير كل التماثيل الافغانية معتبراً انها "مخالفة للاسلام"، وأن تدميرها "تكليف شرعي" لا مفر منه. وأثارت حملة التدمير هذه موجة واسعة من الاحتجاج في العالم. وأوفدت "منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة" يونيسكو مبعوثاً خاصاً هو السفير الفرنسي بيار لافرانس لمحاولة ثني طالبان عن قرارها. وأبلغ لافرانس سفير طالبان لدى اسلام آباد عبدالسلام ضعيف تنديد المجموعة الدولية بقرار الحركة تدمير تماثيل بوذا. وقال لافرانس السفير الفرنسي السابق في ايران وباكستان ان "الذين حاورتهم هذا الصباح قالوا لي ان التدمير لم يبدأ بعد وأن اي امر حقيقي في شأنه لم يصدر. لسنا متأكدين أن مرسوماً قد صدر. وكثيرون من الأشخاص مسؤولون افغان وباكستانيون يقولون ان ما صدر بيان فقط، وهذا على الأقل هو السؤال الذي يطرحونه. ولا يزال هناك بصيص أمل ضعيف". وسيغادر لافرانس اسلام اباد اليوم الى قندهار جنوبافغانستان، آملاً ان يلتقي الملا محمد عمر، لكن وزير خارجية طالبان وكيل احمد متوكل سيكون وحده حاضراً للقائه. وأوضح لافرانس انه سيطلب الاذن بالتوجه الى باميان التي تضم تمثالي بوذا العملاقين، والى متحف كابول. وقال: "اذا كان بعض الاشخاص يعتقدون انهم يستطيعون توجيه ضربة الى الغرب من خلال التعرض لروائع التراث البوذي، فانهم مخطئون تماماً". وأضاف: "انهم لن يوجهوا ضربة الى الغرب انما الى الانسانية برمتها". وكانت الدول الاسلامية اصدرت ردود فعل عنيفة على اعمال طالبان التي "تذكر بالقرون الوسطى". ودعت قطر امس الى ان تتولى منظمة المؤتمر الاسلامي التوسط لدى الحركة لاعادة النظر في قرارها تدمير التماثيل مؤكدة "ضرورة الحفاظ عليها لأنها ملك للانسانية جمعاء". ونقلت "رويترز" عن ديبلوماسي رفيع في اسلام اباد "انهم طالبان يضعون انفسهم خارج العالم". وأضاف: "في القرن الحادي والعشرين هناك امور لا يمكن قبولها".