} كابول، إسلام آباد، طهران، القاهرة - "الحياة"، رويترز، أ ف ب - اكدت حركة "طالبان" امس، انها بدأت في تحطيم التماثيل الموجودة في ولايات افغانية عدة، تنفيذاً لأمر من زعيمها ملا محمد عمر. وأبلغ وزير الثقافة والاعلام في الحركة ملا قدرة الله الصحافيين ان تحطيم التماثيل بدأ في كابول وباميان وهراة وقندهار وننجرهار وغزنة، مؤكداً انه "سيتم تحطيم كل التماثيل". وكان ملا عمر اصدر امراً بتحطيم التماثيل الاثنين الماضي، ما اثار قلقاً عالمياً على التراث الحضاري لأفغانستان، وخصوصاً التماثيل التي تعود الى الثقافة البوذية. وتعتبر باميان وهي معقل شيعي تقليدي، اهم المناطق الاثرية في افغانستان حيث نحت تمثالان لبوذا في الصخور. ونقلت وكالة الانباء الاسلامية الافغانية عن ناطق باسم زعيم الحركة في معقلها في مدينة قندهار جنوب البلاد، ان "لا سبيل الى بقاء التماثيل"، بعدما امر زعيم الحركة بتدميرها. وكان زعيم "طالبان" اعتبر ان "الاحتفاظ بمثل هذه التماثيل مخالف للشريعة، والاسلام امر بازالة التماثيل"، مضيفاً ان "بعض الناس يؤمنون بهذه التماثيل ويصلّون لها وهي معتقدات لا يمكن ان نقرها". وفي تهمة لفتت انظار المراقبين، اعلنت السفارة الافغانية في طهران والتي تمثل نظام الرئيس المخلوع برهان الدين رباني المناهض ل"طالبان" ان عملية تدمير التماثيل "تغطي عملية تهريب منظمة لقطع اثرية". وأفادت السفارة في بيان ان "الكل يعلم فساد قادة طالبان وتورطهم في شبكات تهريب القطع الاثرية الافغانية... ان الامر الصادر عن ملا عمر ليس له اي مبرر ديني" ولكنه "يغطي عملية تهريب منظمة لقطع اثرية". وأضاف البيان ان "هذه التماثيل تمثل بالنسبة الى افغانستان، رمزاً تاريخياً عريقاً وثقافة غنية. ان الشعب المسلم يحظى بقدر من الايمان لا تنال منه هذه التماثيل". ودعت السفارة "المجتمع الدولي والبلدان الاسلامية ومنظمة اليونسكو الى منع تدمير هذه الاثار". ردود الفعل وجاء رد الفعل الابرز على هذا القرار من جانب إسلام آباد باعتبارها حليفة "طالبان"، اذ قال ناطق باسم وزارة الخارجية الباكستانية ان بلاده "تشاطر المجتمع الدولي قلقه في شأن قرار الحكومة الافغانية طالبان تدمير بعض الآثار التاريخية في افغانستان". وقال في بيان: "نطلب من الحكومة الافغانية اتخاذ اجراءات لحماية المعالم التاريخية بالكامل والمواقع والتحف الافغانية التي تشكل جزءاً من التراث العالمي". واكد ان باكستان تعلق اهمية كبرى على صون التراث العالمي الثقافي والديني. وأعرب عن امله في ان تلتزم الحركة "روح التسامح التي ينص عليها الاسلام فضلاً عن احترام المشاعر الدولية حيال هذه القضية". يذكر ان ايران التي لا تعترف بنظام "طالبان" اعربت عن تنديدها بهذا القرار. كما ناشدت تايلاندا العالم الاسلامي الضغط على الحركة كي لا تنفذ خططها. واعتبرت روسيا امس، ان قرار الحركة يعد عملاً تخريبياً. وحضت "طالبان" على الاستجابة الى المطالبات الدولية بعدم البدء في تدمير التماثيل. وقالت الخارجية الروسية في بيانان "هذا العزم على تدمير التماثيل، لا يمكن تصنيفه الا انه اعتداء على الكنوز الثقافية والتاريخية لا للشعب الافغاني فحسب، بل للحضارة العالمية ايضاً". وأضافت ان "تخريب طالبان للتجسيد المادي للتراث الروحي للعالم الافغاني القديم، يظهر عداءها الواضح للقيم الانسانية المتعارف عليها". وذكرت الخارجية الروسية ان "على طالبان ان تستجيب لمطالب الولاياتالمتحدة ودول اخرى كثيرة، وتسحب فتواها". وأعلنت منظمة الاممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة يونيسكو التي تتخذ من باريس مقراً لها ان "خطة طالبان كارثة بالنسبة للتراث العالمي، الا انها اعترفت ان ليس بوسعها القيام بالكثير لمنع تدمير التماثيل". وقال كريستيان مانهارت رئيس القسم الآسيوي في ادارة التراث الثقافي في اليونيسكو ان المنظمة تعتبر تلك الخطوة "كارثة". وفي القاهرة، قال المفكر الاسلامي المصري فهمي هويدي ان تدمير تماثيل بوذا في افغانستان، لا يتفق مع طبيعة الاسلام الذي يحترم عقائد غير المسلمين. واشار الى ان "الاسلام حريص على احترام ثقافات الآخرين حتى لو كانت تشتمل على عقائد مخالفة لعقيدة الاسلام... والدليل هو استمرار وجود المجوس وعبدة البقر في بلاد المسلمين... كما ان المسلمين لم يحطموا اي تماثيل في البلاد التي فتحوها مثل الاندلس وغيرها". وعزا هويدي تحطيم التماثيل في افغانستان الى "ضيق افق" الحكام في حركة "طالبان" وتفشي "الأمية الثقافية والافتقار الى البعد الانساني". وقال ان هذا "لا علاقة له باصلاح البلد ولكنه التعامل مع السهل". وكانت دول عدة استنكرت القرار باعتباره تهديد للتراث الحضاري الافغاني خصوصاً التماثيل التي تعود الى الثقافة البوذية. وتصنف افغانستان ضمن افقر دول العالم كما انها تئن من وطأة الحرب الاهلية منذ طرد القوات الروسية في أواخر الثمانينات.