كشفت وثائق فرنسية من العام 1977 ان جان بول سارتر وسيمون دو بوفوار ومفكرين بارزين آخرين وقّعوا عريضة طالبت بالسماح للأطفال في الثانية عشرة من العمر بممارسة الجنس. هذا الطلب الذي لا يحمل اليوم اي تفسير غير الإساءة الى الأطفال بدا طبيعياً في فرنسا بعد الحركة الطالبية التي قد تكون أحدثت أكبر تغيير في السلوك الجنسي في الغرب. أتى هذا الموقف بعد محاكمة سجن ثلاثة رجال في نهايتها لاعتدائهم على أطفال في الثانية عشرة والثالثة عشرة من دون اللجوء الى العنف. "يعترف القانون الفرنسي بقدرة أولاد الثانية عشرة والثالثة عشرة على الإدراك ويمكنه الحكم عليها ومعاقبتها". قالت العريضة التي وقعها سارتر ودو بوفوار وميشال فوكو ورولان بارت وجاك دريدا وفيليب سوليرز وآلان روب - غرييه ولوي آراغون. "لكنه يرفض هذه القدرة عندما يتعلق الأمر بحياة الطفل العاطفية والجنسية. عليه ان يعترف بحق الأطفال والمراهقين بإقامة علاقات مع الذين يختارونهم". عريضة أخرى حملت توقيع برنار كوشنر الذي أصبح في ما بعد وزيراً للصحة وجاك لانغ الذي أصبح وزيراً للثقافة في عهد ميتران، وجاء فيها: "ثلاثة أعوام في السجن للمداعبات والقبل. كفى". ساوى الأدباء والمفكرون المذكورون بين قدرتي البالغ والطفل على التمييز، واعتبروا الأخير قادراً على اتخاذ القرارات وتدبر العلاقات الجسدية كما لو كان يعرف معنى الحرية والخيار. هذه الحماقات التي نستغرب اليوم صدورها عن هؤلاء المثقفين الشهيرين لم تكن مقبولة فحسب يومذاك بل على الموضة أيضاً. دعا البعض الى استحمام الأهل مع أطفالهم وتركهم باب غرفة النوم مفتوحاً عند ممارستهم الجنس، وحرّض الفرنسيين على تعليم الأطفال قبول غرائزهم بحجة أنها طبيعية. تمرد أيار الذي بدأه طلاب فرنسا بزعامة دانييل كوهن - بانديت منحهم الشعور بالقوة والفوز عندما عبر الحدود شرقاً وغرباً وقلّده الطلاب في أنحاء مختلفة من العالم. شاء طلاب فرنسا المشاركة في السلطة ورفع يدها عن حياة المواطنين الشخصية، مع التركيز البالغ على الجنس، فغفلوا عن ضعف الأطفال وحاجتهم الى الحماية من تجارب الكبار وقصورهم العاطفي الذي لا يتعلق بقدرتهم على التمييز بين الصحيح والخطأ التي أشارت إليها عريضة سارتر ودو بوفوار. حركة أيار مايو 1968 أتت بالكثير من المنفعة بحسب رولان كاسترو، المهندس الذي كان قائداً بارزاً فيها "لكن تلك الحقبة كانت ساذجة. قلنا كل شيء وعكسه بسرعة ومن دون تفكير، وفي محاولتنا تحطيم الحواجز فعلنا ذلك دفعة واحدة". محاسبة الذات اكتسبت حدة عندما كشف مقال كتبه كوهن - بانديت في 1975 عن المضمون الإروتيكي لعلاقته مع الأطفال في حضانة في فرانكفورت حيث عاش وعمل بعد هزيمة الطلاب وطُرد من فرنسا. قال كوهن - بانديت النائب حالياً في البرلمان الأوروبي عن حزب الخضر ان الأطفال لامسوه فانتهى به الأمر الى مداعبتهم. يصر اليوم على أن لا علاقة للمقال بالواقع، وأنه كان نتاج عصره المضاد للسلطة وتحريضاً خالصاً هدفه صدم البورجوازية علماً أنه تلقى مديح النقاد عندما نشر في كتاب وسط السبعينات. أطفال الأمس الذين كانوا في عهدة كوهن - بانديت دافعوا عنه مع أهلهم وقالوا إنه لم يتحرش بهم جنسياً، وفي فرانكفورت ذكر الادعاء العام انه ليست هناك قضية تستدعي الملاحقة. ولئن اجتهد كوهن - بانديت في نفي التورط في علاقات جنسية مع الأطفال تحمس لها بعض الكتاب عقب حركة أيار 1968، فامتدح توني دوفير "المغامرة الكبيرة لحب الأطفال جنسياً" وحض الفيلسوف رينيه شيرير على "إزالة كل المحرمات الجنسية التي يجب ألا يُجرّم أي منها". وفي حين تركز فرنسا على السلوك الجنسي في آخر الستينات وخلال السبعينات، تتناول المحاسبة في ألمانيا السياسة والعنف ويتعرض وزير الخارجية يوشكا فيشر للهجوم بعد عرض شريط يظهر فيه وهو يضرب شرطياً. الكاتب الفرنسي فيليب سولير الذي وقع العريضة عن حرية الخيار الجنسي عند الأطفال مع سارتر يشعر اليوم بالصدمة. "كانت هناك بيانات كثيرة وقعناها في شكل آلي. ما يصدمني ان مشكلة العنف ضد الأطفال لم تكن مسألة اجتماعية عندئذٍ على الإطلاق".