قال ديبلوماسي أوروبي في بيروت ان عدم استقبال الرئيس الأميركي جورج بوش أو أي مسؤول أميركي رفيع، البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير في واشنطن يجب ألا يفهم على أنه موقف سلبي من زيارته أو منه، وان للامتناع الأميركي عن ذلك أسباباً عملية لا تتصل بالموقف السياسي بغض النظر عن مواقف البطريرك الماروني ازاء الوجود السوري في لبنان. وأوضح الديبلوماسي الأوروبي ل"الحياة" ان "المرحلة الراهنة في الولاياتالمتحدة الاميركية التي تشهد تثبيت الادارة الجديدة لبوش هي التي تفرض على هذه الادارة ان تتريث في عقد لقاءات، نظراً الى ان لديها أولويات في سياق رسم سياستها في منطقة الشرق الأوسط هي التي تحدد جدول اللقاءات خلال الأسابيع والأشهر الأولى من ولاية الرئيس الجديد". وأضاف: "منطقياً لم يكن ممكناً لبوش أو لأي مسؤول كبير آخر ان يستقبل صفير، في وقت يجب أن يتم ذلك ضمن اطار وضوح موقف الادارة وسياستها ازاء قضايا الشرق الأوسط، لأن من البديهيات ان تكون سياسة بوش في ما يخص لبنان جزءاً أو عنصراً من اللوحة السياسية التي يفترض ان ترسمها للمنطقة. واذا كان الأمر ينطبق على السياسة المتبعة تجاه لبنان فمن الطبيعي ان ينطبق أيضاً على الموقف المسيحي الذي هو جزء من السياسة اللبنانية ككل". وأشار الديبلوماسي الأوروبي الى أنه لم يكن منطقياً بالتالي، أن يلتقي بوش أو أي مسؤول رفيع آخر صفير، وهو لم يكن قد التقى بعد رئيس الحكومة الاسرائيلية الجديد آرييل شارون، والذي يمثل الحليف الأول والاستراتيجي لواشنطن. ولم يكن لهذا اللقاء أن يتم أيضاً في وقت لم يزر واشنطن بعد الرئيس المصري حسني مبارك والملك الأردني عبدالله الثاني، الصديقان لأميركا اللذان سيزورانها قريباً، في اطار برنامج اللقاءات التي ستمهد لإرساء السياسة التي سيتبعها بوش في المنطقة. هذا فضلاً ان عليه التشاور أيضاً مع القيادة السعودية. ورأى الديبلوماسي الأوروبي ان سبب اقتراح لقاء صفير مع مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط ادوارد ووكر، هو ان من يكون في هذا المنصب، عادة، هو الذي يتولى في مرحلة انتقالية، مثل تلك التي فيها الادارة الاميركية الجديدة، التعبير عن السياسة في المنطقة، لأنه كموظف كبير، يستطيع تأمين الاستمرارية في الموقف والسياسة التي يمكن اتباعها، بين الادارة السابقة والادارة الجديدة، في انتظار أن يحسم كبار المسؤولين الآخرين توجهاتهم واذا كانوا سيرسون سياسة جديدة مختلفة تماماً، أم انهم سيواصلون اتباع السياسة السابقة. لكن الديبلوماسي الأوروبي نفسه أوضح ل"الحياة" ان ثمة مستجدات رافقت مجيء الادارة الجديدة هي انتخاب شارون ومن الطبيعي ان يفرض ذلك تقويماً جديداً للأوضاع... بموازاة تشديدهم على الحفاظ على الحد الأدنى من الاستقرار في المنطقة منعاً لحصول أي تدهور يعيد عملية السلام الى الوراء. الا أن الديبلوماسي الأوروبي يعتبر في الوقت نفسه ان الاسباب العملية واللوجستية لعدم تحديد موعد في البيت الأبيض، لا يلغي التباين في النظرة الى موضوع الوجود السوري في هذه المرحلة بين واشنطن وبين القيادات المسيحية المطالبة بإعادة انتشار القوات السورية أو انسحابها. فجدول الأولويات بالنسبة الى واشنطن مختلف على رغم ان الصيف الماضي شهد محادثات سورية - اميركية، قام بها ووكر نفسه حين زار دمشق. فالسياسة الاميركية تعتقد ان للقوات السورية دوراً في لبنان، يقضي بسحبها سلاح "حزب الله" قبل أن تنسحب منه. وهذا لم يحصل بعد.