سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مؤشر "ناسداك" أنهى عامه مثخناً وخسائره ناهزت 2000 بليون دولار . الولايات المتحدة : تزايد المخاوف من ركود محتمل يحد من تفاؤل أسواق المال في السنة الجديدة
} أكد مجلس الاحتياط الفيديرالي المصرف المركزي الاميركي في اجتماع نهاية السنة تباطؤ الاقتصاد الأميركي بوتيرة يمكن أن تؤدي به إلى الركود في المستقبل المنظور، لكن تمسكه بسياسته الراهنة المقيدة للائتمان وإحجامه عن خفض سعر الفائدة الأساسي في الوقت الراهن أحدث صدمة في أسواق المال وزادا من احتمال أن تنهي كل المؤشرات الرئيسية أسبوع التداول الأخير من السنة الجارية بأداء سالب وربما الأسوأ في تاريخ بعضها. قال مجلس الاحتياط الفيديرالي في بيان مقتضب نشره في موقعه على الانترنت إن "المخاطر التي تهدد استقرار الأسعار ونمو الاقتصاد تتركز بشكل رئيسي في أوضاع يمكن أن تضعف الاقتصاد في المستقبل المنظور"، ولفت إلى مؤشرات تشير إلى تعرض الاقتصاد الأميركي لتباطؤ أسرع من المتوقع من ضمنها الأثر السلبي لارتفاع أسعار الطاقة على الطلب وتآكل ثقة المستهلك والتراجع الكبير في مبيعات وأرباح الشركات والوهن الذي أصاب بعض قطاعات أسواق المال. وشكل البيان تحولاً جوهرياً في سياسة مجلس الاحتياط الذي رأى في تمدد الاقتصاد الأميركي في الاعوام التسعة الماضية بمعدلات عالية ومطردة بشكل غير مسبوق، مخاطر تضخمية محتملة وعالجها بتضييق الائتمان عن طريق سلسلة من الزيادات التي رفعت سعر الفائدة الأساسي القصير الأجل بنسبة 1.75 في المئة منذ حزيران يونيو عام 1999 الى 6.5 في المئة في الوقت الحاضر. وأكد المجلس عمق هذا التحول بالتزامه الاستمرار في متابعة تطورات الوضع الاقتصادي عن كثب. واعتبر المراقبون إقرار مجلس الاحتياط بحساسية وضع الاقتصاد والمخاوف المتعاظمة من حدوث ركود غير متوقع إعترافاً ضمنياً بالحاجة إلى تخفيف قيود الائتمان، وتوقعوا اتخاذ قرار في هذا الشأن في الاجتماع المقرر أن تعقده لجنة السوق المفتوحة التابعة له أواخر كانون الثاني يناير المقبل. إلا أن تمسك المجلس بسياسته الراهنة علاوة على المتاعب التي تعانيها أسواق المال منذ منتصف الفصل الثاني من السنة الجارية انعكست سلباً على المؤشرات الرئيسية. وجاء رد الفعل الأولي لمؤشر "داوجونز" وشركاته ال30 الصناعية الكبرى متردداً، إذ انخفض عقب إعلان بيان لجنة السوق مساء الثلثاء الماضي بنحو 61 نقطة ليستقر عند 10584.37 نقطة ويفقد 0.57 في المئة من قيمته، لكنه عاد وانهار أول من أمس وخسر زهاء 265 نقطة دفعة واحدة رافعاً بذلك خسائره منذ بداية السنة إلى 10.3 في المئة. كما ارتفعت نسبة خسائره من الذروة التي بلغها في وقت مبكر من السنة إلى زهاء 12 في المئة. وتعرض مؤشر "ستاندرد اند بور"500 لتطورات مشابهة إلى حد ما، إذ خسر في اليوم الأول لاعلان البيان نحو 17 نقطة، ما يعادل فقدان 1.3 في المئة من قيمته، لكنه عاد هو أيضاً في اليوم التالي وانخفض بزهاء 40 نقطة ليستقر عند 1264.74 نقطة وترتفع خسائره منذ بداية السنة إلى 13.4 في المئة وتصل منذ الذروة في نيسان إبريل الماضي إلى 18.6 في المئة. يشار إلى أن "ستاندرد اند بور" يضم 400 شركة صناعية كبيرة و40 شركة مالية و40 شركة مرافق عامة و20 شركة مواصلات. لكن مؤشر "ناسداك"، الذي يضم مؤشره الرئيسي "ناسداك كومبوسايت" نحو خمسة آلاف شركة من ضمنها 500 شركة أجنبية، تعرض لصدمتين متتاليتين وخسر في الأولى 113 نقطة ثم عاد في اليوم التالي وأضاف إلى خسائره 179 نقطة لينخفض بذلك إلى 2332 نقطة وليرتفع ما فقده من قيمته منذ بداية السنة إلى 43.5 في المئة وإلى 53.4 في المئة منذ الذروة التي بلغها في الاسبوع الثاني من آذار مارس الماضي. وعكس تدهور مؤشر "ناسداك" الخسائر الضخمة التي لحقت بإجمالي القيم السوقية لما يمثله من شركات وبلغت هذه الخسائر زهاء ألفي بليون دولار منذ بداية السنة ونحو 2.5 تريليون دولار مقارنة بفترة الذروة التي بلغها المؤشر المذكور في 9 آذار وتجاوز فيها حاجز 5000 نقطة مسجلاً أعلى مستوياته منذ أطلق للمرة الأولى بمئة نقطة في عام 1971. وكان مؤشر "ناسداك" بدأ عامه قوياً عند مستوى 4131 نقطة وسجل تقدماً مطرداً محققاً بنهاية الأشهر الثلاثة الأولى ربحاً بنسبة تقترب من 21 في المئة من قيمته في بداية السنة، ثم تراجع سريعاً لينخفض تحت مستوى 4000 نقطة في بداية الفصل الثاني وحافظ على مستواه الجديد حتى بداية أيلول سبتمبر حيث بدأت متاعب جدية أوصلته بحلول الاسبوع الأخير من التداول إلى أدنى مستوى له في نحو 20 شهراً. وحقق "ناسداك" ربحه بقوة أسهم شركات التكنولوجيا التي تشكل غالبية الشركات المدرجة في اثنين من أهم مؤشراته وهما مؤشر "ناسداك 100" ومؤشر "ناسداك الكومبيوتر"، فخلال الأشهر الثلاثة الأولى من السنة قفز المؤشر الأول من 3790 إلى زهاء 4700 نقطة مسجلاً تقدماً بنسبة 24 في المئة، بينما قدم مؤشر الكومبيوتر في الفترة نفسها نتائج أفضل قليلاً مرتفعاً من 2368 نقطة إلى زهاء 3000 نقطة وبلغت نسبة الزيادة في قيمته 27 في المئة. وفي المقابل ساهم المؤشران المذكوران وما يضمانه من شركات في القسط الأكبر من الخسائر التي لحقت بالمؤشر الرئيسي، إذ انخفض مؤشر "ناسداك" 100 بنسبة تقترب من 50 في المئة منذ بداية السنة وبنسبة 60 في المئة منذ فترة الذروة ولحقت بمؤشر الكومبيوتر خسائر أقل قليلا بلغت نسبتها منذ بداية السنة 48 في المئة ومنذ فترة الذروة نحو 59 في المئة. ويضم مؤشر "ناسداك 100" مئة شركة تمثل قطاعات إقتصادية متنوعة تشمل صناعات أجهزة الكومبيوتر والبرامج والاتصالات وتجارة الجملة والتجزئة والتكنولوجيا الحيوية، لكن عشر شركات فقط من شركات تكنولوجيا المعلومات وهي "سيسكو سيستمز" و"أوراكل" و"مايكروسوفت" و"صن مايكروسيستمز" و"سايبل سيستمز" و"فيريتاس" و"كوالكوم" و"جي. دي. إس يونيفيز" و"جوبيتر" تشكل نحو 40 في المئة من قيمة المؤشر. وأظهرت أحدث المعطيات التي نشرتها مؤسسة "ناسداك" أن صناعة أجهزة الكومبيوتر الممثلة في مؤشر "ناسداك" الرئيسي تكبدت أكبر نسبة من الخسائر، إذ انخفض إجمالي قيمتها السوقية في الفترة من بداية السنة إلى تشرين الأول اكتوبر الماضي بنسبة 43.3 في المئة. كما بينت هذه المعطيات إنخفاض عدد الشركات في الفترة نفسها من 144 شركة إجمالي قيمتها السوقية 763 بليون دولار إلى 111 شركة إجمالي قيمتها السوقية 420 بليون دولار. لكن أكبر الخسائر حجماً كان من نصيب صناعة خدمات الكومبيوتر التي ارتفع عدد شركاتها في الفترة المذكورة من 567 شركة إلى 670 شركة، بينما انخفض إجمالي قيمة أسهمها من 1656 بليون دولار إلى 1289 بليون دولار، ما شكل تراجعاً بنسبة 22 في المئة. وتعتبر خسائر أسهم شركات خدمات الكومبيوتر قاسية بشكل خاص للشركات الأجنبية التي تبلغ نسبتها في هذه الفئة 16 في المئة وهي أعلى نسبة بعد صناعة الاتصالات. ولم تنحصر خسائر مؤشر "ناسداك" في أسهم شركات الكومبيوتر وخدماته، اذ انخفض إجمالي القيم السوقية لشركات الاتصالات بنسبة 35.6 في المئة وشركات الطباعة والنشر بنسبة 45.4 في المئة وشركات الخدمات بنسبة 44.3 في المئة وشركات المعادن الثمينة بنسبة 28.4 في المئة وشركات تجارة الجملة والتجزئة بنسبة 27.4 في المئة وشركات السفر والسياحة بنسبة 20.8 في المئة. وتشكل هذه الشركات علاوة على شركات الكومبيوتر وخدماته زهاء 47 في المئة من إجمالي القيمة السوقية لكل شركات المؤشر. وفي الوقت نفسه حققت أسهم بعض الصناعات الأخرى مكاسب عالية وجاءت في المقدمة شركات إنتاج المكونات الالكترونية التي ارتفع إجمالي قيمها السوقية بنسبة 75.6 في المئة. وتشكل هذه الشركات التي يبلغ عددها 182 شركة 24 في المئة من إجمالي القيمة السوقية لشركات المؤشر. وتحققت مكاسب أقل لشركات النفط والغاز 58.3 في المئة وشركات انتاج الأدوية 31.5 في المئة والمطاعم 24 في المئة والمؤسسات المصرفية متوسط 19.8 في المئة وشركات انتاج أجهزة الاتصالات 19.6 في المئة وشركات التأمين على الحياة 12.9 في المئة. ويعتبر "ناسداك" مؤشراً مهماً في عملية استشراف المستقبل، إذ يشكل بمفرده نحو 60 في المئة من إجمالي سوق المال الأميركية. لكن آراء المراقبين تباينت بشكل حاد ففي حين أعرب بعض المراقبين عن اعتقاده أن القلق الذي يعانيه المستثمرون قد يتبدد بإحداث خفض أو خفضين في سعر الفائدة في السنة الجديدة، أكدت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في تقرير أصدرته أول من أمس أن سلطات المال الأميركية قد تضطر لرفع سعر الفائدة في الأشهر القليلة المقبلة ولن تتمكن من البدء بخفضها قبل سنة 2002 بسبب ضغوط التضخم. واتفق مراقبون كثر على أن تزايد المخاوف إزاء احتمال تعرض الاقتصاد الأميركي للركود يحد من تفاؤل المستثمرين، وتوقعوا أن تكون أسواق المال هشة وعرضة للتقلبات في النصف الأول من السنة الجديدة بسبب تباطؤ الاقتصاد لكنهم توقعوا أيضاً عودة سريعة لأسهم التكنولوجيا، لا سيما أسهم الشركات الناشطة في انتاج أجهزة البنية التحتية مثل شبكات الاتصالات اللاسلكية والانترنت والألياف الضوئية، مشيرين في الوقت نفسه إلى أن الانهيار الذي شهدته شركات التكنولوجيا ومؤشر "ناسداك" في الأشهر الماضية أجبر المستثمرين على تبني خيار الاستثمار الطويل الأجل.